"لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك"، مثل شعبي مصري معروف يكرّره المصريون دائماً، ويدفعهم السياسيون في مصر إلى تذكره و ترديده مؤخراً نظراً لتكرّر زلّات ألسنتهم، والتي كان آخرها زلة لسان وزير العدل السابق أحمد الزند، حين قال في حوارٍ تلفزيوني "هاحبس أي حد ولو كان النبي عليه الصلاة والسلام"، والتي أطاحت به من منصبه بعد أن أثارت ردود أفعال صاخبة في مصر.
الزند ليس وحده
الزند ليس وحده في لائحة زلات اللسان السياسية بمصر، فالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان له نصيب الأسد من هذه الزلات، ولولا تأييد الإعلام له، لأفردت لها مساحات في الصحف وشاشات الفضائيات.
من أشهر هذه الزلات ما جاء في إحدى كلماته، وكان وزيراً للدفاع وقتها بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي بأسابيع، عندما وجّه حديثه لقادة القوات المسلّحة قائلاً "اللي مايرضيش ربنا هنعمله وهنكون معاه وندعمه"، وهو ما استغله معارضوه على مواقع التواصل، كدليل على نيات الرجل.
كما وجه الرئيس المصري حديثه لنظيره التونسي الباجي قايد السبسي قائلاً "فخامة الرخيص"، ما أثار سخرية رواد الشبكات الاجتماعية.
وهناك أيضاً الكلمة التي وجه فيها السيسي حديثه إلى الله سبحانه وتعالى بقوله "حضرتك يا رب"، وهو لفظ لا يعتاده المسلمون في الدعاء ولكن يمكن تفسيره بأنه من أثر اعتياد الرئيس على مخاطبة رؤسائه أيام عمله بالقوات المسلحة بكلمات مثل حضرتك وسيادتك إلى آخر ذلك القاموس العسكري، كما أن تلك الزلة ليس بها تجاوز ديني بحق الله فمرّت بسلام.
وتعددت مرات خروج السيسي عن النص بصورة غير موفقة، ما دفع الإعلاميين المؤيدين له أن يطلبوا منه عدم الخروج على النص، والالتزام بالخطاب المكتوب، خشية من "حفلات" السخرية التي تقام حول زلات لسانه على مواقع الشبكات الاجتماعية.
ورئيس الوزراء
رئيس الوزراء المصري الأسبق المهندس إبراهيم محلب، كان له نصيب في هذه الزلات، حيث قال في أحد حواراته "مثلما قال البابا شنودة مصر ليست وطناً نعيش فيه ولكنه وطن نعيش فيه"، مع أن المقولة الصحيحة "ولكنه وطن يعيش فينا".
وزير العدل المصري الأسبق، تم عزله من منصبه بسبب إحدى هذه الزلات، حين قال المستشار محفوظ صابر "ابن عامل النظافة ماينفعش يكون قاضي"، ما تسبب في تدشين حملة واسعة ضده على مواقع الشبكات الاجتماعية، لإهانته الفقراء وطبقية تصريحه، الذي وصفه بزلة لسان. لكن اعتذاره لم يشفع له واضطر لتقديم استقالته، ليأتي بدلاً منه نجم الزلات الجديد المستشار أحمد الزند.
وزير الخارجية السابق نبيل فهمي شارك رفاقه في الحكومة هذه الزلات، عندما وصف العلاقة بين أميركا ومصر في أحد الحوارات الإذاعية هناك بـ"علاقة الزواج الشرعي، وليست علاقة اليوم الواحد".
ولكن هذاالتصريح لم يتم الاعتذار عنه، رغم الهجوم الكبير عليه من الناشطين الذين وصفوه بالمهين لمقام مصر، والذي ذكر المصريين بالتصريح الصادم للوزير المصري في الأربعينيات أمين عثمان، الذي اغتاله السادات باعتباره عميلاً للإنجليز، حين وصف علاقة مصر بالاحتلال الإنجليزي "بالزواج الكاثوليكي" والمعروف أن الزواج الكاثوليكي لا طلاق فيه.
سخرية من البشر
ولم تقف الزلات عند الأخطاء بل تعدتها للسخرية من البشر، حيث سخر وزير الثقافة الأسبق عبد الواحد النبوي من وزن إحدى الموظفات في وزارته، حين حاولت تقديم شكوى له، ففاجأها بقوله "أنا عندي مشكلة مع الناس التخينة".
تصريح الوزير واجهته وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية بالهجوم الشديد، والذي لم يتوقف إلا باعتذار الوزير وكذلك رئيس الوزراء وقتها إبراهيم محلب.
ولم يكن أعضاء حكومات النظام الحالي وحدهم في طابورأصحاب زلات اللسان، حيث كان لمحمد عبد المقصود وزير الإعلام في عهد الدكتور محمد مرسي، رصيد من هذه الزلات.
ففي سؤال وجهته صحفية إليه عن حرية الصحافة، أجابها "ابقي تعالي وأنا أقولك"، ورغم أن سؤال الصحفية كان مستفزاً برأي البعض، إلا أن رد وزيرالإعلام كان صادماً لأن إجابته تحمل "إيحاءً جنسياً"، يعرفه المصريون.
كما كان للفريق أحمد شفيق، المرشح السابق للرئاسة أكثر من زلة لسان، أشهرها "أنا قتلت واتقتلت أكثر من مرة"، والتي قالها في حواره الشهير مع الروائي علاء الإسواني على فضائية "أون تي في"، والذي انتهى بإقالته من منصبه كرئيس للوزراء، كما اشتهر تصريح شفيق للمعتصمين بميدان التحرير"هوزع عليهم بنبوني وشيكولاته"، ليصبح مثالاً للسخرية حتى هذه الأيام.
زلات أهل الفن
أهل السياسة لم يكونوا وحدهم في مسلسل زلات اللسان، حيث زاحمهم أهل الفن في هذا المسلسل.
فعائلة السبكي المثيرة للجدل، والمسيطرة على سوق الإنتاج السينمائي، لهم واقعتان شهيرتان، أولاهما لمحمد السبكي، وأثناء حوار له مع المنتج الراحل محمد حسن رمزي، حيث وجه السبكي بصوتٍ غير لائق تعبيراً مبتذلاً معروفاً للمصريين لرمزي على الهواء مباشرة، في واقعة وصفها البعض بالفضيحة.
اللافت أن رمزي توفي بعد الواقعة بأيام، ما دفع ناشطين للقول بأن قلب رمزي لم يتحمل هذه الإهانة على الهواء، فقرّر الرحيل.
الواقعة الثانية لآل السبكي كانت لكريم السبكي، ففي مداخلة تليفونية مع وائل الإبراشي، على فضائية دريم وإثر مشادة بينهما قال السبكي للإبراشي "تستاهل اللي عملوه الإخوان فيك في أميركا"، فرد عليه "منتظر إيه من بلطجي في ثوب منتج سينمائي"، فكان رد السبكي "بلطجي مين يا…."، ليغلق الإبراشي الهاتف ويتوجه للقضاء.
زلة أخرى بطلتها الفنانة صابرين عندما قررت أن تصبح مفتية، فعلقت على رقص فتاة محجبة في إحدى لجان انتخابات الرئاسة في العام 2014، قالت "هو ده الإسلام الوسطي الجميل"، ماأطلق حملة سخرية ضدّها وضد وصف الإسلام والرقص بالوسطي الجميل.
كما عادت صابرين لأضواء مسلسل زلات اللسان، حين قالت في أحد الفيديوهات الترويجية للسياحة "كوم تو شمر الشيخ"، بدلاً من شرم الشيخ.
أما رفيقتها عفاف شعيب فما زال تصريحها إبان ثورة يناير"الولاد مش عارفين ياكلوا ريَش (نوع من اللحوم) ولا بيتزا اللي بيحبوها"،ليصبح شعاراً للسخرية من تعامل بعض الفنانين مع الثورة، والتي ينافسها فيها تصريح طلعت زكريا عن الثوار في ميدان التحرير "فيه مخدرات وعلاقات جنسية كاملة في الميدان"، وهو الأشهر بين تصريحات الفنانين عن ثورة يناير، رغم محاولات طلعت الاعتذار أو النفي أو التصحيح، لكن تلقى هذه الزلة كشاهد عليه .
ما هي زلة اللسان
زلة اللسان، حسب بعض الخبراء، هي كلمة يقولها المرء من دون قصد، ولكنها في أغلب الأحيان إن لم يكن كلها، لا تعبرسوى عن حقيقة ما يدور بداخله، وأفكاره التي لا يستطيع أن يبوح بها أمام العامة، فتهزمه تلك الأفكار في لحظة، لتخرج كلمة أو جملة صغيرة، تكشف عن كل ما بداخله.
ورأى بعض المحللين النفسىين أن زلات اللسان ليست متعمدة، ومن غير المستحب السيطرة عليها، وهي ليست دلالة طيش، فهي تنتمي إلى الأفعال الناجمة عن السهو، مثل النسيان أو فقدان الأغراض، وتشير إلى ما يكبته الفرد في اللاوعي، فمثلاً عندما يكبت الشخص رغبة غير لائقة، فإنها قد تظهر في زلّة اللسان.