تبحث الحكومة والمعارضة السوريتان، الإثنين 14 مارس/آذار 2016، مستقبل بلدهما في مفاوضات غير مباشرة تترافق للمرة الأولى مع هدنة لا تزال صامدة في ظل ضغوط دولية للتوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع الذي يدخل بعد يومين عامه السادس.
ومع اقتراب انطلاق المفاوضات في جنيف، صعّدت المعارضة موقفها السبت، فطالبت برحيل الرئيس بشار الأسد حياً أو ميتاً، على أن تكون هذه بداية المرحلة الانتقالية في سوريا.
وبرغم الخلافات الجوهرية بينهما ومن أبرزها مصير الأسد، تشارك دمشق والهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة، في المفاوضات التي من المفترض أن تبدأ في 14 مارس/آذار وتستمر أسبوعين.
مفاوضات مختلفة عن سابقاتها
وتختلف هذه الجولة من المفاوضات عن مبادرات سلام سابقة، وخصوصاً تلك التي عقدت في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي ولم تستمر سوى أيام وباءت بالفشل، إذ تترافق مع اتفاق لوقف الأعمال القتالية يستثني الجهاديين، وسبقتها خلال الفترة الماضية قافلات مساعدات وصلت إلى 250 ألف شخص في 18 منطقة محاصرة في سوريا.
وكشف موفد الأمم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الجمعة، أن المفاوضات ستتركز على 3 مسائل هي: تشكيل حكومة جامعة، ووضع دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية برعاية الأمم المتحدة في مهلة 18 شهراً، تبدأ مع انطلاق المفاوضات الإثنين.
نقطة خلاف محورية
ويعتبر مصير الأسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة بأن لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على أن مصير الأسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع.
وأعلن محمد علوش كبير المفاوضين في وفد المعارضة متحدثاً السبت إلى مجموعة صغيرة من ممثلي وسائل الإعلام وبينها فرانس برس في مقر إقامته في جنيف "نعتبر أن المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد أو بموته"، مؤكداً أن المرحلة الانتقالية "لا يمكن أن تبدأ بوجود هذا النظام أو رأس هذا النظام في السلطة".
إلا أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أعلن السبت أن الكلام عن الأسد "خط أحمر".
وقال المعلم في مؤتمر صحافي في دمشق "نحن لن نحاور أحداً يتحدث عن مقام الرئاسة وبشار الأسد خط أحمر وهو ملك للشعب السوري، وإذا استمروا في هذا النهج لا داعي لقدومهم إلى جنيف".
وأكدت دمشق أن وفدها برئاسة مبعوث سوريا إلى الأمم المتحدة بشار الجعفري لن يقبل "بأي محاولة لوضع هذا الأمر على جدول الأعمال" خلال المفاوضات.
وقال المعلم متطرقاً إلى تصريحات دي ميستورا حول انتخابات رئاسية وتشريعية "لا يحق له ولا لغيره كائناً من كان أن يتحدث عن انتخابات رئاسية (…) فهي حق حصري للشعب السوري".
وتختلف الحكومة والمعارضة حول رؤيتهما للمرحلة الانتقالية، ففي حين تتحدث دمشق عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم أطيافاً من المعارضة، تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية بدون أن يكون للأسد أي دور فيها.
أما المعلم فأكد من جهته "ليس هناك شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، ولذلك لا بد من التوافق على تعريف المرحلة الانتقالية وفي مفهومنا هي الانتقال من دستور قائم، إلى دستور جديد. ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر".
وبحسب قوله فإن حكومة الوحدة الوطنية هي التي ستعين لجنة دستورية لوضع دستور جديد أو تعديل الدستور القائم.
نقطة اللقاء الوحيدة
أما نقطة اللقاء الوحيدة بين النظام والمعارضة فهي الرفض الكامل لمشروع الفدرالية، الذي يفضله الأكراد الذين عانوا سنوات طويلة من التهميش في سوريا.
ولم يدع الأكراد للمشاركة في أي من جولتي مفاوضات جنيف، بالرغم من مطالبة روسيا بضرورة تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأهم في سوريا.
وأقر دي ميستورا الجمعة بأن "أكراد سوريا فئة أساسية في البلاد وبالتالي يجب إيجاد صيغة يمكن من خلالها أن يتمكنوا من التعبير عن رأيهم حول الدستور وإدارة البلاد".
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة إنه "على ستافان دي ميستورا أن يتخذ القرار الصائب" فيما يتعلق بضرورة مشاركة الأكراد.
وتضغط واشنطن وموسكو لإنجاح المفاوضات، ويقول جوزيف باهوت الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد كارنيغي لوكالة فرانس برس "أمسكت الولايات المتحدة وروسيا زمام القيادة في الموضوع السوري".
ومن أجل ضمان هذا النجاح، رعت روسيا والولايات المتحدة اتفاق وقف الأعمال القتالية. وعقدتا السبت اجتماعاً للبحث في الانتهاكات التي ما زالت "محدودة"، فهما تدركان أن عدم التوصل إلى حل سياسي سينهي الهدنة.