أستغرب كثيراً من التقارير الإخبارية، التي بدأت تجد سوقها في الصحف والقنوات الأوروبية، محاولةً إثارة الرعب من فوز المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية "دونالد ترامب"!
ترامب ليس مرشحاً معتوهاً فقط كما يظن البعض، أبداً.. وليس رجلاً ثريًّا يمتلك 10 مليارات دولار، أراد أن يبذرها في حملة انتخابية، قد يعلم بأنها لن تقوده إلى البيت الأبيض. ليس كذلك أبداً.
من يتابع تصريحاته، يكتشف الخيط الدقيق الذي يجمعها..
ترامب كان يروج أن العرب والمسلمين ابتهجوا واحتفلوا بهجمات 11 سبتمبر/أيلول. وكان يروج على ضرورة مراقبة المساجد في أميركا. وكما هاجم العرب والمسلمين فقد هاجم المكسيكيين، وقال عنهم بأنهم مجرمون إلى حد كبير، "يجلبون المخدرات ويرتكبون الجرائم فضلاً عن أنهم مغتصبون"!
هو يطالب بترحيل نحو 11 مليون مهاجر غير شرعي يعيشون في أميركا، وهاجم الصين كما هاجم الأميركان من أصل إفريقي، ويدعم الأنظمة الاستبدادية لأنها تحقق الاستقرار!
المرشح الأميركي الموغل في التطرف والعنصرية، ليس مرشحاً يبحث عن الشهرة بمهاجمة الآخرين. كل ذلك قد يكون متحققاً على الأرض، ولكن الحقيقة، أن دونالد ترامب، هو نتيجة للفكر الغربي المتطرف، الذي يجمع بين عقلية الكاوبوي وبين الثروة والغباء والعنصرية.
هو اليوم يتاجر بحصيلة سنوات من الخوف والانهيار المجتمعي، وهي نفس الأسباب التي أوصلت هتلر مثلاً.
لم يكن المفكر الأميركي الشهير تشومسكي هو من قال بذلك فقط، فالمفكر الأميركي السياسي بجامعة هارفارد دانيلي ألين توصل إلى نفس النتيجة.
ترامب يتاجر اليوم بالخوف والرعب من الإسلام والمسلمين، كما يتاجر بقضايا الهجرة ضد مكونات الأمة الأميركية، ولو بحثت له في قضايا حقيقية تمس جوهر الحياة الاقتصادية في أميركا، لن تجده في صفوف الفقراء والمعدمين!
كتابه الذي ألفه بعنوان: "أميركا المريضة"، والذي يحاول فيه أن يبرز ضعف أميركا، وإمكانية خروجه كبطل "لطيف" -كما يروج لذلك- قادم من بعيد لإنقاذها، يشرح حقيقة عمق المرض الذي يعيشه المجتمع الأميركي، والذي أنتج أمثال هؤلاء، والذين ما زالوا يتقدمون الصفوف ويتنافسون على مقعد الرئاسة الأميركية.
لم يكن ترامب بحاجة إلى أن يؤلف كتابه عن مرض الولايات المتحدة الأميركية، فقد كان يكفي وصوله إلى هذه المرحلة من الانتخابات الأميركية، وتحقيقه هذا الكم من الدعم الجماهيري، رغم تجرأه التحرش لفظيًّا بهيلاري مرشحة الديمقراطيين مؤخراً، ورغم تعمده شتم سكان مناطق بأكملها مثل ولاية "أيوا"، لنستوعب عمق وخطورة المرض الذي تغلغل إلى الجسد الأميركي.
السؤال: هل تؤول أميركا المريضة حقًّا، إلى هذا الرجل المريض بعنصريته وتطرفه؟ وكيف سيكون العالم وأكبر دولة فيه، ستدار بعقلية هي أسوأ من بوش الصغير، الذي ظننا لوهلة؛ أنه آخر رئيس "مريض" لأميركا؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.