يحلم الجميع قبل الزواج بأن ينجب أبناءً يتشرف بهم، كما يتعهدون بتربيتهم بحيث يمتلكون شخصية قوية أو يصبحوا أبطالاً. الكثير من الأمهات يقررن التوقف عن العمل لتربية أبنائهن، ثم يتحقق حلمهن عندما يرزقن بطفل جميل. ولكن بمرور الأيام تختلف طبيعة التحديات التي تواجه الآباء، فتنهمك الأم بتغذية وتنظيف طفلها وتغفل تماماً عن تغذية روحه وشخصيته في الوقت الذي يكون فيه الأب مستهلَكاً بشكل كامل نتيجة لضغوط العمل ولا يتحمل إزعاج الأطفال وبكاءهم على الإطلاق.
يعتقد بعض الآباء أنهم بمجرد إنجاب الأطفال، فهذا يعني أنهم ملك له، فنحن نقول "أطفالي"، ونظن أن لدينا الحرية الكاملة لفعل أي شيء تجاههم، إلا أن الأمر هو على النقيض تماماً من ذلك أعزائي الآباء. يقول خليل جبران "أولادكم ليسوا لكم، إنهم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، فهم بكم يأتون للعالم ولكن ليس منكم، ومع أنهم معكم، فهم ليسوا ملكاً لكم".
يجب أن يتعلم كل الآباء الذين نالوا شرف تحمل مسؤولية إنسان آخر أن يفهموا أن هذا لا يعني أنهم يملكون هذا الصغير، ولكن عليهم أن يقوموا بأفضل ما لديهم لرعاية وتحفيز ومساعدة هذا الصغير للوصول إلى أفضل ما لديه ما إمكانات.
نصائح عامة للتربية:
إن الطريقة الأمثل لتربية أطفالك هي أن تعاملهم كما تحب أن يعاملك الناس..
1- قوموا بواجبكم كآباء وأمهات
اقرأوا وتعلموا عن سلوك الطفل جيداً وكيف تتطور شخصيته. أحد الأمثلة الشهيرة هي معاقبة الأبناء على الرسم على الحائط أو على سقوط بعض الطعام أثناء الأكل. عندما يقوم طفلك بالرسم على الحائط، فإن ذلك يعني أن لديه ميولاً فنية وحاجات جمالية، لذلك فما يجب أن تقوم به حقاً هو تنظيف الحائط بهدوء بمساعدته ثم تغطيته بورق جدران، ثم أخبره أن بإمكانه الرسم الآن. أما بالنسبة للطفل الذي يقوم بإسقاط الطعام أثناء الأكل، فبدلاً من إطعامه حتى سن السابعة، يجب تعليمه بلطف حتى يكتسب تلك المهارة.
2- الأولوية لك
هل تعرفون تلك اللحظة حينما تكونون على متن طائرة وتقول المضيفة "إذا كان لديكم أطفال، فضعوا قناع الأكسجين خاصتكم أولاً ثم ساعدوا أطفالكم في وضع القناع الخاص بهم"؟
دائماً ما تتناسى الأم تحديداً احتياجاتها الشخصية تماماً بعد الإنجاب. أتذكر عندما سألت فنانة موهوبة عن هواياتها فأجابت بحزن أنها لم تمسك بالفرشاة منذ 10 سنوات، أي منذ زواجها. لا يمكن تخيل حجم الإحباط الذي قد يصيبك إذا كنت مكبوتاً طيلة تلك السنوات.
من المهم جداً بالنسبة للآباء أن يعتنوا بأنفسهم، لأنهم إن لم يرتدوا قناع الأكسجين الخاص بهم فلن يستطيعوا الاعتناء بأطفالهم من الأساس.
3- استخدم العواقب وليس العقاب
هل تقبل بأن يقوم أحد أصدقائك بالصراخ في وجهك وأن يخبرك بأنه سيعاقبك لأنك غير مطيع؟
من الأفضل دائماً أن تكون هادئاً في كل الأوقات، وألا تستخدم أسلوب العقاب الذي يعد في وجهة نظري إيذاءً للطفل، ولكن الأفضل أن تستخدم إستراتيجية العواقب، حيث يكون لكل تصرف غير سليم عاقبة مناسبة وطبيعية، فعلى سبيل المثال، إذا قام الطفل بسكب شيء ما على الأرض، فالطبيعي أن عليه تنظيفه.
4- امدح طفلك على سلوكياته الصحيحة
تعود دائماً على تشجيع أطفالك وتذكيرهم بالأشياء الجيدة التي قاموا بها، مثل أن تخبر طفلك مثلاً بأنك سعيد لجلوسه هادئاً بدلاً من أن تقول له "لقد أصيب القرد الشقي بالإرهاق أخيراً"، فأية صفات سلبية تزيد بشكل تلقائي من السلوكيات السلبية.
5- تحدث مع أطفالك بشكل لائق ومحترم
يكتسب الأطفال لغة حديثهم بشكل كامل من الآباء، لذلك، إذا كنت تريد تربية طفل مهذب، فعليكم أن تكونوا آباء مهذبين كذلك. يجب أيضاً تجنب استخدام أية كلمة مؤذية، مثل "أنت مقزز" أو "أنا لا أطيقك" أو غيرها من العبارات التي تظهر أن حبك لطفلك هو مشروط بسلوكه الجيد فقط، لأنكم كآباء يجب أن تمنحوا أبناءكم حبًّا غير مشروط.
6- كن سبّاقاً لوضع خطة لتجنب سوء سلوك الطفل
إذا كنت ستذهب إلى مكان ما، كعيادة الطبيب على سبيل المثال، فعليك أن تتوقع أن يصاب طفلك بالملل؛ لذلك قم بوضع أوراق اللعب في حقيبتك أو أي شيء لتسلية طفلك في هذا الوقت، بدلاً من أن تطلب منه أن يكون مهذباً وهادئاً لمدة ساعة دون أن يفعل أي شيء.
7- العمل على تحسين سلوك واحد فقط
إذا كان طفلك يسيء التصرف والسلوك في العديد من الأشياء، فعليك التركيز على استخدام مبدأ العواقب الذي تحدثنا عنه في سلوك واحد أو اثنين على الأكثر من تلك السلوكيات، حيث سيكون من المحبط جدًّا بالنسبة للطفل أن تقوم بإخباره بأنه مخطئ طوال اليوم، ما يجعله يعتقد أنه شخص سيئ بالفعل ولا فائدة من تحسين نفسه، فيستسلم لتلك السلوكيات وتصبح تصرفاته أكثر سوءاً.
8- الوقت الممتع
ليس مهمًّا على الإطلاق طول الفترة التي تقضيها مع طفلك، ولكن المهم هو كيف تقضي هذا الوقت. الكثير من الأمهات اللاتي لا يعملن على سبيل المثال يقضون أغلب الوقت في الأعمال المنزلية والروتين اليومي وينسين تماماً التفاعل والتواصل مع اللعب مع أطفالهم، أو أنهن يكن قد أصبن بالإرهاق من الروتين المتكرر. في بعض الأحيان عندما تسأل أحد الآباء كيف يقضي الوقت مع أطفاله، تكون الإجابة "نحن نخرج معاً في العطلة الأسبوعية".
في حقيقة الأمر، إذا كنت تريد قضاء وقت فعال ومؤثر مع طفلك، فمن الأفضل أن يكون ذلك في المنزل أو في مكان مريح، حيث تتاح فرصة التفاعل بينكم والتواصل الإنساني بكل صوره. الطريقة الأفضل لفعل ذلك هي أن تلعب مع أطفالك وأن تتجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية أثناء العملية.
وختاماً، تذكر دائماً بأن ما تزرعه اليوم وأنت في شبابك وقوتك، هو ما ستحصده غداً حين تشيخ وتضعف.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.