تزيد السلطة من الرهاب بين الناس، ويصدر إعلامها الفزاعات دائماً وينهش في لحم من يتحدث ضد السلطة.
لم يتبق للسلطة وسيلة للحفاظ على بقائها إلا التهديد ونشر الخوف للسيطرة عليهم وإغراءهم بالمناصب والأمان لجعلهم مخبرين لها ضد بعضهم البعض، ليكون كل واحد حارس على غيره لمصلحة السلطة وحارس لأجل منصب أو مصلحة له.
وما تطمح له السلطة أن نصير شعباً من الحراس حتى تكون لها السطوة والبقاء ولا سلطة ترغب في الحراس إلا السلطة الخائفة. الأمر الذي يشابه نبوءة "عبد اللطيف اللعبي":
"الحراس في كل مكان
يسيطرون على المزابل على الكراجات/ وصناديق البريد/ الحراس في كل مكان
في الزجاجات الفارغة تحت اللسان/
خلف المرايا/ الحراس في كل مكان
ما بين اللحم والظفر ما بين الأنف والوردة/ العين والنظرة. الحراس في كل مكان /في الغبار الذي نبتلعه/ في اللقمة التي نتقيؤها.
الحراس في كل مكان/ بهذه الوتيرة سيأتي يوم نصبح فيه جميعًا شعبًا من الحراس."
لكن مشكلة السلطة أن تصدير الخوف يجعل الناس غرباء في وطنهم، والغريب في وطنه يجيء يوم ولا يتبقى أمامه إلا شره التهام كل ما حوله، فماذا عمَّن جعلوه غريباً في وطنه؟
الرواية تخدش الحياء، الظلم لا يخدش الحياء، القتل لا يخدش الحياء، الوهم لا يخدش الحياء، القمع لا يخدش الحياء، السادة يرون ذلك، لا أحد يعرف، السادة يعرفون أكثر، يعرفون أحسن من الجميع.
المسألة ليست مسألة أحمد ناجي وحده، السلطة تجعلها واضحة للجميع، عليك أن تظل ساكنًا في حالك، بعيدًا عن كل شيء. تأكل ما يتبقى لك من فتات، وتنام دون صوت، صوتك ليس مرغوبًا، ليس مقبولًا، يسبب الضجر للسادة. السلطة تجعلها واضحة للجميع، هم الحراس والحماة وعلينا أن ننصاع. هم حراس حياتنا وظلنا وخيالنا. سنعيش؟ كما يريدون، سنفعل ما يرضون عنه، سنعيش في المكان المحدد لنا ولن يُسمح لنا بتجاوزه.
لا تظن نفسك بعيدًا، ستطال، سواء كنت، في مباراة كرة قدم، فى الشارع، فى عملك، في بيتك فى فراشك.
الكلمة لا تُواجه بالكلمة، هل السلطة التي تحمي اللصوص و القتلة، تبرر الفقر و تصدر الوهم تعرف ذلك؟ أن تُسجن لأجل رواية هل يبدو غريبًا؟
سيبتزونك بالأمن، سيخدعونك بالأمل، سيخلقون قطعانًا توهمهم بالحرية فيما يحاربونها، الحياة ممنوعة فالعدو علي الأبواب و هم سيختارون لك الطريق. علينا انحطاطهم، قيء إعلامهم، ليس خادشًا للحياء، حياتك خادشة للحياء، سلطة الجريمة والحاكم الذي سرق دور الثائر يرون ذلك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.