على ” فيسبوك”المشاعر لا تحتاج إلى إعلان!

هذا الصديق الذي على قائمة facebook ..ليس عدوا وإلا لاخترع مارك قائمة بالأعداء بالإضافة إلى قائمة الأصدقاء.. هذا الشخص الطبيعي لديه مئات المسائل التي تشغله، نفاذ رصيده في البنك، توقفه عن سداد ديونه، غير مرتاح في وظيفته الجديدة، يبحث ربما عن عمل جديد، متفرغ لمشروع بحثي.. أو يعمل لـ12 ساعة متوالية

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/29 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/29 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش

تحول موقع Facebook من وظيفته الأساسية ألا وهي التعارف والاكتشاف وتجاذب الأحاديث حول بعض الطروحات الجديدة.. إلى شيء أخر.. نظام (مجاكرة) وإغاظة.

وأكاد أجزم أن 90% من مستخدميه يستخدمونه لأغراض غير تلك المرفقة بنشرة الاستعمال!!

تحول هكذا وببساطة إلى وسيلة للتعبير عن مشاعر غير حقيقية كأنْ يقوم أحدهم بكتابة الآتي "أشعر بسعادة غامرة مع اصدقائي.." ويكتب 50 اسماً من أسماء أصدقائه المفترضين.. الذين لا يشعر على الإطلاق بأي سعادة معهم، مستثنياً أثناء الإشارة اسم شخص من القائمة، متمنياً في ذات لحظة الاستثناء أن يرسل له هذا الأخير رسالة أو حتى أن يبادره بـLike.. كأضعف الإيمان.

أو أن يكتب آخر "أشعر بالسعادة لوجود شريكتي/ شريكي أو حبيبتي/ حبيبي في حياتي.." وأنت تقرأ هكذا بوست تدرك بل تتأكد أن ما من سعادة حقيقية، بل إنه في أشد حالات اكتئابه.. لأن الطرف المعني بالمنشور لم يبادر بإعجاب ولا حتى بكلمات فقيرة، بل قد تُفاجأ احيانا أن الشريك المزعوم ليس لديه حساب على Facebook أو لديه ولكنه ليس من قائمة الأصدقاء؟! مما يعني وببساطة أنهما ليسا سعيدين، وربما واكاد أجزم قد تصارعا قبل نشر البوست بدقائق وكأن المقصود من هكذا نوع من المنشورات هو لفت انتباه شخص آخر "محدد" أو ربما لفت انتباه الأصدقاء في الصفحة ومحاولة غغاظتهم بسعادة وهمية.. تتخلل تلك السعادة صورة مرفقة بالبوست تملأها الزهور.. وتتناثر على أطرافها حبات اللؤلؤ! والقلوب الطائرة؟!

او ان يكتب اخر "رب احفظ لي أولادي الذين هم قرة عيني".. والحقيقة أنه ينأى عن أولاده قدر الإمكان ويحاول الابتعاد عنهم في كل فرصة سانحة.

من جانب آخر يعتبر البعض Facebook منبراً للكراهية.. دعوات بالويل والثبور.. لا على أشخاص فحسب بل امتدت إلى أمم وعلى الصعيد الشخصي أصبح Facebook أعظم منابر الكراهية.. تضمر فكرة تجاه شخص تعلم أنه يتابعك بين الفينة والفينة.. فتضع منشور ما معناه أنه يكرهك ويتمنى اختفاءك من حياته، أو يكتب الحمد لله الذي خلصنا من الشرور ورفاق السوء وإلى ما ذلك..

والحقيقة أنه لا يحتاج للإعلان عن هذه الكراهية فعادة نحن نضمر عكس ما نعلن.. فان صرح وصرخ بعداوتك فهو إما يحبك بشدة أو يشعر بالغيرة منك بشدة.. وإلا ما الداعي لاستخدام منصة صنعها مارك زوكربيرك للتعارف وملاقاة الناس إلى منبر رسمي للمجاكرة والإغاظة والكراهية؟!

شخص بعيد عنك وربما في قائمة أصدقائك المئة أو الألف ولا يهتم حقيقة أن كنت مع زوجتك أمس، أو أمضيته مع حبيبك في حوار دافئ..أو العكس كنت مع شريكك في حفلة أو في دعوة ولا يهتم حقيقةً إن كان أولادك هم شموع حياتك أم اضواؤها أم أقمارها؟! وربما يهتم هذا الصديق لو وضعت صورة ما..لكن ان ترتب كلاماً وربما يكون مقتبساً ولا يخصك لتعبر عن حالة شعورية بالحب أو الكره او السعادة على موقع للصور فهو اشد المصائب؟!

هذا الصديق الذي على قائمة Facebook ..ليس عدوا وإلا لاخترع مارك قائمة بالأعداء بالإضافة إلى قائمة الأصدقاء.. هذا الشخص الطبيعي لديه مئات المسائل التي تشغله، نفاذ رصيده في البنك، توقفه عن سداد ديونه، غير مرتاح في وظيفته الجديدة، يبحث ربما عن عمل جديد، متفرغ لمشروع بحثي.. أو يعمل لـ12 ساعة متوالية، منهك.. يعاني من أمراض مزمنة أو مستعصية، لديه جلسات للعلاج بالجرع الكيماوية، يعاني من متاعب صحية أخرى، شريكته أو شريكه يعاني من قضايا أخرى مقلقة.. تدور في بلاده حرب أو انتفاضة أو ثورة .. أو ربما يكون مشرداً بعيداً عن بلده ينتظر أن يرسل له احدهم بسعر تذكرة ليلتحق بأسرته… وليس لديه إلا Facebook للتواصل معهم .

هو حقيقة لا يهتم ولا يأبه بك..ولا بغرورك ولا باستعراضك لسعادة لا تملكها أو لكره لا يقدم ولا يؤخر ..كره لا يمنح رغيف خبز ولا وظيفة محترمة ولا شقة مناسبة للسكن.. ولا يعالج مريضاً تحاول منذ زمن أن تجد عنوان طبيب أو أن يدلك أحدهم على من يساعدك.

سعادتك ..كرهك..مشاعرك المعقدة لا تعنينا.. وان كنت في حالة رثة لهذه الدرجة.. اترك العالم الازرق لأهله.. فنحن هنا لنتعارف نتعلم ننشر صوراً عن العالم عن سفرات رحلات وجهات قد تغير وجهة نظرنا أو وجهة نظر متابعينا.. ولا نهتم بنوع المشاعر التي تحملها لنا.. فإن كنت مغتاظا إلى هذا الحد.. لديك خيار حذف الأصدقاء..

وان كان الشخص المعني من غير قائمة الاصدقاء. .لديك خيارات أخرى للحجب والابعاد والاقصاء..مارس كرهك أو محبتك بالتقنية..ولا تنشر مشاعرك على حيطان أحدهم!

فالمشاعر لا تحتاج إلى إعلان!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد