رغم محاولات تفادي الصدام.. الهدنة السورية في خطر

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/29 الساعة 08:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/29 الساعة 08:25 بتوقيت غرينتش

استمرت الحرب السورية لفترة طويلة وأثبتت الدبلوماسية عدم فعاليتها حتى أصبح الأمل في إمكانية أن تضع الحرب أوزارها أو أن تخضع على الأقل للسيطرة صعباً للغاية.

ومع ذلك، كان وقف إطلاق النار الذي اتفقت عليه كافة الأطراف المتنازعة تقريباً يبدو ناجحاً خلال نهاية هذا الأسبوع. وقد تزايدت الآمال لدى معظم المراقبين، ولا يرجع ذلك إلى تغير مفاجئ في توجهات أي من الأطراف – فلا يزال كل من الأطراف المعنية يشعر بالكراهية تجاه الأطراف الأخرى – بل لأنه من مصلحة الأطراف الرئيسية أن تسعى لتحقيق أهدافها في المستقبل بوسيلة مختلفة، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الأحد 28 فبراير/شباط 2016.

وذلك السبيل لن يستبعد استخدام العنف، ولكنه يستطيع إلى حد كبير أن يحد من دوره في النزاع. ومن الصحيح أن سوريا تعاني من الفوضى المعقدة والخطيرة لدرجة أن الدول المتنازعة تشعر بالحاجة إلى التعاون من أجل تفادي المخاطر التي لا يمكنها مواجهتها بمفردها.

وتبدو سوريا مثل الطرق المتقاطعة خلال المناخ السيئ، بما يهدد بحوادث تصادم بين العديد من السيارات في أي لحظة.

وينبغي إضافة أن اتفاق وقف إطلاق النار يعتمد على الشروط الروسية إلى حد كبير، وأن روسيا تؤيد نظام الرئيس بشار الأسد، وأن الانتهاكات قد وقعت بالفعل ولا تزال مستمرة، وأن خطر الصدام الروسي التركي لا يزال قائماً.

وفي الواقع، يعد خطر اندلاع حرب أوسع نطاقاً بمثابة المحرك الرئيسي للمفاوضات التي أدت إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال الملك عبدالله عاهل الأردن إن التدخل العسكري الروسي "قد أحدث صدمة قوية"، ومن المؤكد أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إرسال قوات كبيرة إلى سوريا قد أدى إلى تحول الأوضاع فيها.

وقد سخر البعض من ذلك التحرك في البداية؛ نظراً لأن الطائرات والدبابات الروسية لم تصنع أي فارق في بداية الأمر في ما يتعلق بالتوازن العسكري بين قوات النظام والمعارضة، ولكن مع بدء كثافة الضربات الروسية تغيرت النظرة تماماً. فقد أنقذ الروس النظام وقاموا بدعمه إلى حد أن إمكانية إسقاطه أصبحت هدفاً بعيد المنال.

وسرعان ما تم حرمان تنظيمات المعارضة من تحقيق هدفهم الرئيسي من الحرب. ومع ذلك، فقد جلب النجاح الروسي العديد من المشكلات، فشنُّ الحروب أيسر كثيراً من وضع الحلول والتسويات السياسية. ويبدو من غير المحتمل أن تدعم روسيا نظام الأسد عسكرياً أو أن تقاتل من أجله للأبد.

ويتمثل الهدف النهائي في تأمين الكيان السوري باعتباره حليفاً، رغم أن ذلك لا يتوافق بالتأكيد مع الدعم غير المؤهل للرئيس الأسد أو مع مساعدته على استعادة كامل السيطرة على أنحاء سوريا.

وتتحدث موسكو مع مجموعة من شخصيات المعارضة وربما تكون قد أدركت الآن أن قليلاً منهم سيتقبل بقاء النظام دون تغيير، وأنه ستكون هناك في النهاية تسوية داخلية يمكن أن تتوافق عليها الأغلبية العربية السنية والكردية، وليس فقط السنة الموالين للرئيس الأسد. بل من المحتمل أيضاً أن ينشأ تحالف مشترك ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يضم قوات النظام والمعارضة معاً وأن يتم التنسيق مع التحالف الغربي ضد "داعش".

وقام وزير الخارجية الأميركي جون كيري بدور ضعيف. فقد خسرت الولايات المتحدة نفوذها في دمشق منذ سنوات، حينما واجهت الرئيس الأسد. وخسرت المزيد حينما قرر الرئيس باراك أوباما عدم قصف الأهداف السورية عام 2013 انتقاماً من استخدام النظام الحاكم للأسلحة الكيميائية.

وكانت الحملة التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا بطيئة المفعول للغاية، كما لم تُحكم قبضتها على العراق. وما فعله كيري هو أخذ المشروع الروسي ومحاولة تعديله حتى يخدم المصالح الأميركية والأوروبية والدول الأخرى المعنية أيضاً.

فكل من الولايات المتحدة وروسيا يحتاج إلى الآخر ويحاول في الوقت ذاته الاستفادة من الآخر. وقد لا يسير ذلك في المسار السليم ولكنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تخفف من معاناة الشعب السوري.

– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد