بدأت السعودية في تطبيق استراتيجية جديدة لحث الشركات الأميركية على زيادة استثماراتها في المملكة، بينما تعاني الرياض بشدة من آثار الانخفاض الحاد في أسعار البترول، والذي بدا واضحاً على تقليص ميزانيتها للعام الجديد.
الرياض قامت بالتواصل مع مجموعة من الشركات الأميركية ساعية لزيادة الاستثمارات الأجنبية في اقتصادها وزيادة فرص العمل، وفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الإثنين 29 فبراير/شباط 2016.
أحد المصرفيين السعوديين قال إن "الفكرة هي اجتذاب المزيد من رؤوس الأموال وخلق فرص عمل جديدة، لذلك يتم التركيز على تجارة التجزئة والرعاية الصحية، والتي تعتبر من القطاعات كثيفة العمالة".
الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، اجتمع بعدد من رؤساء الشركات الأميركية، عندما قام هو ووالده، الملك سلمان، بزيارة لواشنطن في سبتمبر/أيلول 2015.
بعض المسؤولين السعوديين قاموا بالتواصل مع الشركات المساهمة الخاصة للتأكد من إمكانية قيام الرياض بالتعامل مع الشركات التابعة لها.
هذه الخطوة تعتبر محاولة من السعودية لتقليل الاعتماد على عائدات النفط، وذلك بعد انخفاض سعر البرميل من 115 دولاراً في صيف 2014 إلى 35 دولاراً الآن.
الصحيفة البريطانية نقلت عن خالد الفالح، رئيس شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة، وأحد الداعمين الرئيسيين لهذه الخطوة، قوله إن النمو الاقتصادي كان يتم بسرعة هائلة في الـ50 سنة الماضية، وأنه يعتقد أن "النمو الاقتصادي مرشح لأن يتخطى تلك السرعة في الـ50 سنة المقبلة".
وأكد أن التطور في التكنولوجيا والرعاية الصحية والسياحة والنقل "سيحول التحديات إلى فرص"، بينما تتحول المملكة من استيراد السلع إلى التصنيع.
مؤتمر رفيع المستوى عُقد في الرياض الشهر الماضي، وقام الوزراء بعرض خططهم للمزيد من الخصخصة وخلق فرص للاستثمارات الأجنبية، في اقتصاد يعتمد بنسبة كبيرة على الدولة. كما صرحت الحكومة أيضاً بأنها بصدد توسيع الشراكة مع القطاع الخاص في مجال البنية التحتية.
وزارة التعليم تهدف لزيادة نسبة المدارس الخاصة من 14% حالياً لتصل إلى 25% من مجموع المدارس، بينما تفسح وزارة الصحة المجال للقطاع الخاص لتوريد وتشغيل المزيد من المستشفيات والعيادات الخاصة.
كما أثار احتمال طرح أرامكو لبعض أسهمها اهتمام الكثيرين.
ولكن بعض المستثمرين الأجانب والمصرفيين السعوديين قلقون حيال إمكانية مواكبة البيروقراطية في الرياض لهذه التغيرات السريعة.
الحكومة قامت بتقليل الدعم بصورة كبيرة على البترول والكهرباء والمواد الخام الصناعية. ولكن أحد الخبراء المصرفيين قال: "أنا قلق بشأن الأجندة ووجود الكثير من الخطط، ما ينذر بأن القليل منها فقط قد يتم تنفيذه".
وتعمل لجنة محمد بن سلمان الاقتصادية بالتعاون مع الهيئة السعودية العامة للاستثمار (SAGIA)، التي تشرف على الاستثمارات الأجنبية، لدعم المنافسة المحلية وتوجيه الاستثمارات.
الأمير سعود بن خالد آل سعود، نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار، قال: "نحن بصدد إيجاد طرق لاجتذاب الشركات العالمية للاستثمار على المدى الطويل، ونستهدف نوعية الاستثمارات التي تمثل قيمة مضافة لبلادنا".
ولكن المسؤولين والمستثمرين الغربيين ينظرون إلى الهيئة السعودية العامة للاستثمار على أنها شديدة التدخل في أعمالهم، كما أشار المصرفيون والمستثمرون الذين يبحثون عن فرص في مجالات أخرى، مثل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، إلى معاناتهم من البيروقراطية.
أحد المستثمرين قال: "لقد أصبحت الهيئة السعودية العامة للاستثمار مؤسسة شديدة البيروقراطية، وخدماتها لا تتناسب مع الرسوم التي تفرضها علينا".
لكن الأمير سعود عقّب على ذلك قائلاً إن الهيئة اضطرت للتشديد على بعض المستثمرين الذين أساؤوا استخدام تراخيصهم.
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة Financial Times البريطانية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.