أدى الاقتراع المزدوج الذي جرى الجمعة في إيران إلى نوعٍ من إعادة التوازن بين القوى السياسية، من دون أن يسمح للإصلاحيين والمعتدلين حلفاء الرئيس حسن روحاني بالحصول على الغالبية المنشودة لمواصلة سياسة الانفتاح.
– لماذا دعي الناخبون للأدلاء بأصواتهم في اقتراعين متزامنين؟
هناك في إيران مؤسساتٌ وشخصيات يعيّنهم المرشد الأعلى مباشرةً، لكن مجلس الشورى ومجلس الخبراء الذي يختار المرشد ينتخبان مباشرةً من الشعب.
ويتم تجديد مجلس الشورى المؤلف من 290 نائباً كل 4 سنوات، ومجلس الخبراء الذي يضم 88 عضواً كل 8 سنوات، وهذه السنة تزامن الاقتراعان.
وقد يضطر مجلس الخبراء الذي يعمل عموماً بعيداً عن الأضواء، إلى لعب دور أساسي في السنوات الـ 8 المقبلة بسبب سن المرشد الحالي آية الله علي خامنئي (76 عاماً) الذي يعتبر أعلى سلطة في إيران ويقرّر المحاور الكبرى في السياسة الداخلية والدولية. من هنا أهمية أعضائه المنتخبين هذه السنة.
– ما هي القوى السياسية الرئيسية في إيران؟
هناك تقليدياً منذ 20 سنة تياران سياسيان كبيران في إيران؛ الإصلاحيون والمحافظون، أضيف إليهما مؤخراً المعتدلون بزعامة حسن روحاني الذين يستمدون اسمهم من اسم حزبه "الاعتدال والتنمية". والمعتدلون المؤيدون لروحاني والرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني متحالفون مع الإصلاحيين.
أما المحافظون فهم لا يشكلون تكتلاً واحداً: هناك تياران رئيسيان، الراديكاليون أو المحافظون المتشددون والمعتدلون المتميزون عن المعتدلين المؤيدين لروحاني. ويمكن أن يدعم المحافظون المعتدلون سياسة الحكومة برئاسة روحاني. وهذا ما حصل بالنسبة للاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى الذي انتقده في المقابل المحافظون المتشددون.
– من فاز من المحافظين أو الإصلاحيين في هذه الانتخابات؟
لم يحصل أي فوز واضح وجلي لأي من الفريقين في الدورة الأولى. كما لم يحصل أي منهما على الغالبية التي كان يتمتع بها المحافظون بشكلٍ كبير في البرلمان المنتهية ولايته.
لكن الإصلاحيين المتحالفين مع المعتدلين من أنصار روحاني نجحوا في إقامة توازن مع المحافظين أكان في مجلس الشورى أو مجلس الخبراء.
فهم سيحظون بعدد نواب أكبر بثلاث مرات على الأقل مما كان للإصلاحيين لوحدهم من قبل (30 نائباً). وفازوا خاصة بالمقاعد الثلاثين للعاصمة طهران من الدورة الأولى. وتعود ثلاثة من هذه المقاعد إلى محافظين معتدلين كانوا مرشحين على لائحة "أمل" للإصلاحيين والمعتدلين.
وقد تم إقصاء معظم المحافظين المتشددين وستتمكن الحكومة من الاعتماد إضافة إلى مؤيديها على أصوات النواب المحافظين المعتدلين في ما يتعلق ببعض الملفات أو الإصلاحات.
وأثناء الانتخابات الأخيرة في 2012 قاطع الإصلاحيون بمعظمهم الاقتراع احتجاجاً على إعادة انتخاب المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد المثير للجدل في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2009 وفرض الإقامة الجبرية في طهران منذ 2011 على زعيميهما في تلك الفترة مهدي كروبي ومير حسين موسوي.
وفي مجلس الخبراء الذي يبقى تحت هيمنة المحافظين، يمكن للإصلاحيين والمعتدلين أن يبتهجوا ببلوغ هدفهم الرئيسي جزئياً وهو هزم اثنين من ثلاث شخصيات رئيسية محافظة في هذه المؤسسة، عن دائرة طهران، هما آية الله محمد يزدي رئيسها وآية الله محمد تقي مصباح يزدي.
– هل انحاز المرشد الأعلى لأحد الفريقين؟.
المرشد الأعلى يعتبر ضامناً لوحدة الأمة، وهو لا يؤيد رسمياً أيَّ طرف وينبغي أن يرضي الجميع. لكنه الرجل القوي في البلاد وتعد تصريحاته حاسمة. ومن دون موافقته ما كان بالإمكان التوصل إلى الاتفاق النووي في تموز/يوليو وإلى رفع العقوبات التي كانت تخنق الاقتصاد الإيراني.
وهذا القرار رحّب به الإصلاحيون والمحافظون المعتدلون.
لكن منذ إبرام الاتفاق حذّر المرشد من "استكبار" الولايات المتحدة التي كانت اللاعب الرئيسي ومن مخاطر "التغلغل" الاقتصادي والسياسي والثقافي من قبل القوى الأجنبية. وقد ردّد هذه المواقف العديد من المحافظين المتشدّدين أثناء الحملة الانتخابية.