بعد نصف عام من إطلاق مدينة برشلونة خطتها للترحيب باللاجئين الذين يفرّون من الحروب في دول مثل سوريا والعراق، لا تزال ثاني أكبر محافظات الإسبانية تنتظر قدوم هؤلاء اللاجئين.
وقالت رئيسة بلدية برشلونة، إدا كولاو، الناشطة السابقة في الحركة اليسارية المناهضة للتقشف لوكالة فرانس برس: "هذا الأمر يغضبنا جداً".
وأضافت: "المدينة مستعدة من الناحية الفنية، وكل خدماتنا مستعدة والسكان ينتظرون بأذرع مفتوحة. ولكنهم (اللاجئون) لا يأتون".
وفيما يجتمع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في بروكسل هذا الأسبوع لمحاولة التوصل إلى موقف موحّد لمواجهة أسوأ أزمة هجرة يواجهها الاتحاد الأوروبي منذ الحرب العالمية الثانية، أطلقت المدينة على نفسها اسم "برشلونة مدينة اللاجئين".
وعندما كشفت كولاو عن هذه المبادرة في أغسطس/آب، تدفقت الرسائل الإلكترونية من مئات السكان على بلدية المدينة يعربون فيها عن استعدادهم للتطوع.
وتبعت المدن الأخرى هذه الخطة، ومن بينها مدريد وفالنسيا وقادس في الجنوب الغربي.
وأمام هذا التضامن مع اللاجئين، وافقت الحكومة الإسبانية المحافظة على زيادة عدد اللاجئين الذين يمكن للبلاد قبولهم في إطار خطة الاتحاد الأوروبي لمواجهة أزمة اللاجئين إلى 17680 لاجئاً مقارنة بـ2749 وافقت على قبولهم سابقاً.
18 لاجئاً فقط
وقالت باسكال كواسارد، المتحدثة باسم لجنة مساعدة اللاجئين في منطقة كاتالونيا الشمالية الشرقية: "لم يصل منذ تلك الفترة سوى 18 لاجئاً (إلى كل إسبانيا)، وهذا عدد سخيف".
وعلى مدى أسابيع قامت اللجنة بوضع الاستعدادات لاستقبال جزء من اللاجئين الذين زاد عددهم على مليون وصلوا إلى أوروبا فراراً من سوريا والعراق وأفغانستان وإريتريا.
وتمت زيادة عدد الأماكن التي تستطيع استقبال اللاجئين في كاتالونيا التي عاصمتها برشلونة، من 10 إلى 41 وستفتتح 50 مركزاً إضافياً مستقبلاً.
كما عززت اللجنة كذلك الخدمات الطبية والنفسية، وتقوم بتدريب البلديات في المنطقة على أفضل طرق التعامل مع اللاجئين.
نعمل في الظلام
ويقوم فرع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في كاتالونيا بتوظيف عاملين اجتماعيين ومترجمين ومستشاري توظيف، وأقام 3 مراكز استقبال، وما يصل إلى 200 مكان للطوارئ.
وقال أوسكار باربيرو، رئيس الخدمات الاجتماعية في الفرع المحلي للجنة الصليب الأحمر: "نحن مستعدون، ولكننا نعمل في الظلام دون أن نعلم متى سيصلون، وكيف سيكون عدد من يصل".
وصرّح أغناسي كالبو، منسّق خطة "برشلونة مدينة اللاجئين"، بأن المشكلة الرئيسية هي أن الحكومة الإسبانية المركزية "لا تزوّدنا بأية معلومات"، رغم أنه تم تخصيص مبلغ 10,5 مليون يورو (11,6 مليون دولار) لهذه الخطة.
كما أن بروكسل والدول الأوروبية تماطل.
وفي أواخر سبتمبر/أيلول وافق القادة الأوروبيون على خطة لتوزيع 160 ألف مهاجر على دول الاتحاد الذي يتدفق معظمهم على اليونان.
إلا أنها لم توزع حتى الآن سوى 600 لاجئ، وهو الوضع الذي تعتبره كولاو غير مقبول. وقالت: "في الصيف سنتوجه إلى الشاطئ للسباحة، وهو نفس الشاطئ الذي يموت فيه الناس لأن أوروبا لا تؤمن لهم ممراً آمناً".
وأضافت: "ولذلك فإن أوروبا هي شريك لمافيات الاتجار بالبشر وحوادث غرق القوارب".
ملل من الانتظار
نتيجة لذلك تريد برشلونة من المدن الأوروبية تولي مسؤولية هذا الأمر.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية عملت برشلونة مع جهات تمثل الدول الأوروبية مثل "يوروسيتيز" و"ميتروبوليس" للضغط على المؤسسات الأوروبية للتحرك.
وقالت كولاو إنهم ينتقلون الآن إلى العمل المباشر.
وتضع بلدية برشلونة اللمسات الأخيرة على اتفاقات تعاون مع بلديات أغرقها اللاجئون مثل أثينا وليسبوس في اليونان ولامبيدوسا في إيطاليا.
ويقول أغناسي كالبو: "ولكن سيأتي وقت تملّ فيه المدن من الانتظار"، مشيراً إلى أن السلطات المحلية قد تتولى بعض مسؤوليات الحكومة المركزية في مدريد في مجالات اللجوء.
وأضاف: "رغم أن هذا من واجب الدولة إلا أن هناك مستوى إنسانياً لا يمكننا أن ننساه. وحقوق الإنسان فوق القوانين الأوروبية"، دون أن يكشف عن تفاصيل.