بدأت أزمة اللاجئين في اليونان تأخذ منحى جديداً بعدما ضاقت أثينا بإجراءات جيرانها وتشددهم أمام دخول اللاجئين وغلق حدودها أمامهم، ما دفع رئيس الوزراء اليوناني إلى تهديد دول الاتحاد بعدم الالتزام بالاتفاقات المبرمة حول المهاجرين، وعلى إثر ذلك نشبت ملاسنة بين اليونان والنمسا التي هددت بإخراج أثينا من فضاء "شينغن".
الأزمة تعصف أيضاً بآلاف اللاجئين العالقين في اليونان ما دفع لاجئين، الخميس 25 فبراير/شباط 2016، إلى محاولة شنق نفسيهما في ساحة وسط العاصمة اليونانية أثينا، بعدما تملكهما الإحباط واليأس. فيما فقد أحدهما – باكستاني الجنسية – الوعي بعدما أحكم الربطة على رقبته، وأُخذ على الفور إلى مستشفى.
يأتي ذلك بعدما أوصدت مقدونيا أخيراً أبوابها أمام غير السوريين والعراقيين من اللاجئين، وعَلِق 20 ألفاً من هؤلاء في اليونان وسط احتجاجات غاضبة منهم، وحالة غضب يونانية أيضاً من الجيران الأوروبيين، حيث أصبحت حكومة أثينا تقلب كفيها على وضعها الذي لا تحسد عليه، محذرة الأوروبيين من أنها لن تكون "مستودعاً للبشر"، وفق تقرير نشرته صحيفة دايلي ميل البريطانية، الجمعة 26 فبراير/شباط 2016.
أزمة اليونان مع اللاجئين
مراكز إيواء اللاجئين اليونانية اكتظت بساكنيها حتى اضطرت الدولة إلى فتح ملاعب كرة القدم لتصبح مخيمات مؤقتة لمئات اللاجئين الذين اصطفوا للحصول على حصتهم من الغذاء، حتى أن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أعلنت عن نيتها استئجار فنادق بأكملها لمدة 9 أشهر لتوفير مئات الغرف لكل من ضاقت بهم مراكز الإيواء.
أكثر من 800 ألف لاجئ توجّهوا بحراً من تركيا إلى اليونان ليكملوا رحلتهم نحو الجنة الأوروبية سيراً على الأقدام نحو البلقان، ووصولاً إلى دول قلب وشمال أوروبا، بيد أن قرار مقدونيا المفاجئ في تشديد إجراءات الدخول إليها والسماح لـ200 لاجئ فقط يومياً بالدخول أدى إلى ازدحام شديد فاقم أعداد المهاجرين في اليونان التي يصل إليها الآلاف منهم يومياً.
غضب يوناني من أوروبا
رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس من جانبه توعّد بقية أعضاء الاتحاد الأوروبي بأن بلاده ستنفض يديها من أي اتفاقات أوروبية مستقبلاً إن رفضت دول أوروبية أخرى مشاركة عبء اللاجئين معها.
وقال تسيبراس: "لن نقبل بتحويل البلد إلى مستودع دائم للبشر في حين تتابع أوروبا شؤونها وكأن شيئاً لم يكن".
فيما توجهت، أمس الخميس، مجموعات من اللاجئين عبر الطريق الدولي الرئيسي صوب الحدود المقدونية قبل أن توقفهم السلطات اليونانية لمنع تكدسهم على الحدود.
حسن لاجئ عراقي كان ضمن مجموعة متجهة إلى نقطة إيدوميني الحدودية قال في مرارة والأسى يبدو على وجهه: "نحن عالقون هنا منذ 6 أيام وما عدنا نتحمل".
وعلق حالياً 3000 لاجئ على الحدود، منهم السوري وسيم موصللي الصيدلاني من دمشق والمتجه إلى ألمانيا، الذي قال إنه وعائلته المكونة من زوجة وطفلين بأعمار 3 و6 سنوات، أمضوا يومين في مخيم المعبر الحدودي وسط أجواء باردة.
رئيس الوزراء اليوناني تابع بقوله إن بلاده تبذل قصارى جهدها لتوفير الدفء والمساعدات الأساسية والأمنية للعالقين الذين تقطعت بهم السبل، غير أنه من غير المقبول أن يتنصل الشركاء الأوروبيون من واجبهم في مساعدة اليونان.
وأضاف "إما أن نكون اتحاداً تنظمه قوانين مشتركة تسري على الجميع وإما أن يفعل كلٌّ منا ما يحلو له، ولن نقبل بالحل الثاني".
خلاف اليونان والنمسا وفضاء "شينغن"
واحتدت العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي بعدما اتهمت اليونان النمسا بأنها تتصرف كما لو كانت مازالت إمبراطورية، وكانت الأخيرة انضمت إلى 9 دول أخرى أعلنت أنها لن تسمح بعد الآن بالإدخال الجماعي لأفواج اللاجئين.
وقالت هذه الدول الـ9 إنها مضطرة لاتخاذ قرارات فردية لحماية حدودها بعدما فشلت جهود الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى استجابة موحدة.
وفيما عصفت أجواء محادثات بروكسل أمس وعمّتها الفوضى، استدعت اليونان سفيرها من فيينا، وسط ملاسنات شديدة اللهجة بين وزير الهجرة في اليونان، يانيس موزالاس، ووزيرة الداخلية النمساوية، يوهانا ميكي-ليتنر.
الوزير اليوناني كرر كلام رئيس وزرائه ووجه اللوم لدول أوروبا على التنصل من واجباتها، رافضاً تحمل اليونان وحدها مسؤولية أوروبا كلها، ولوّح بأن اليونان لن تقبل القرارات الفردية لأنها هي أيضاً قد تفعلها وتتخذ قراراً فردياً.
ورداً على ذلك، هددت وزيرة الداخلية النمساوية بإلقاء اليونان خارج منطقة الشينغن، وقالت: "إن كانت حدود اليونان الخارجية غير محمية، فهل بإمكانها أن تبقى دولة حدودية في الشينغن؟".
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة Dailymail البريطانية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.