تشهد إيران، الجمعة 26 فبراير/شباط 2016، انتخابات البرلمان الإيراني ومجلس خبراء القيادة، التي تحمل أهمية كبيرة للشعب الإيراني، وتشهد تنافساً بين المعتدلين والإصلاحيين، الذين يدعمون الرئيس حسن روحاني، والمحافظين المقربين من المرشد الإيراني خامنئي.
ويبلغ سنّ التصويت في إيران 18 عاماً، ويوجد بها 54 مليوناً و915 ناخباً، وتم إعداد 120 ألف صندوق انتخابي، في 53 مركزاً انتخابياً.
الانتخابات يدخلها الإصلاحيون، وعلى رأسهم محمد رضا عارف، ومؤيدو روحاني عبر "تحالف الإصلاحيين ومؤيدي الحكومة"، رافعين شعار "الأمل والسلام والتقدم الاقتصادي"، في حين يرفع المحافظون بزعامة حداد عادل، شعار "الرزق، الأمن، التقدم".
رفض مرشحين إصلاحيين
ضمن عملية التحضير للانتخابات، التي بدأت في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، رفض مجلس صيانة الدستور أسماء عدد كبير من الراغبين في الترشح للبرلمان ولمجلس الخبراء، بينهم علماء دين بارزون، وأعضاء في البرلمان الحالي، ومعظمهم محسوبون على الجناح الإصلاحي، ما أدى لتشكيك مراقبين في أن تشهد الانتخابات المقبلة منافسة عادلة.
من بين من رُفضت أسماؤهم، آية الله حسن الخميني، حفيد المرشد الإيراني الراحل آية الله الخميني، الذي رفض مجلس صيانة الدستور ترشيحه مرتين لانتخابات مجلس خبراء القيادة، وهو ما أثار جدلاً كبيراً في إيران.
ولدى تصاعد الانتقادات لمجلس صيانة الدستور، قال المرشد الإيراني علي خامنئي في إحدى خطبه، إنه لا توجد دولة في العالم تفتح الطريق أمام من يرفضون الأسس التي يقوم عليها نظامها لدخول مراكز صنع القرار.
في حين قال الرئيس روحاني: "إذا كان جناح سياسي واحد فقط هو من سيدخل الانتخابات فلماذا ننظم الانتخابات من الأساس؟".
بعد نظر مجلس صيانة الدستور في الاعتراضات المقدمة إليه، قرر قبول طلبات 1500 مرشح، إلا أن عدداً قليلاً من بين هؤلاء ينتمي إلى الجناح الإصلاحي.
ويقيّم مجلس صيانة الدستور المرشحين للانتخابات الرئاسية، والبرلمانية، وانتخابات مجلس الخبراء، وفقاً للدستور، ولمدى التزامهم بـ"قيم النظام".
المجلس رفض ترشيحات من وجد أن لديهم نقصاً في الالتزام بسلطة ولاية الفقيه، والقيم الإسلامية، أو كان لهم دور في الأحداث التي تبعت انتخابات عام 2009 المثيرة للجدل.
ويتكون مجلس صيانة الدستور من 12 شخصاً، يعرفون بقربهم من المحافظين، ويعين المرشد الإيراني نصف أعضائه، في حين ينتخب البرلمان النصف الآخر، مرة كل 6 سنوات.
الانتخابات البرلمانية
يتكون مجلس الشورى (البرلمان الإيراني) من 290 مقعدًا، ويشترط فيمن يترشح لانتخاباته أن لا يقل عمره عن 30 عامًا، وأن لا يزيد على 75 عامًا، وأن يكون حاصلًا على درجة الماجستير على الأقل.
ويقوم مجلس صيانة الدستور بتقييم الراغبين في الترشح للبرلمان، وقبول أو رفض طلبات ترشيحهم، في عملية مكونة من مرحلتين.
ومن حق المرشحين للبرلمان إجراء دعايتهم الانتخابية، لأسبوع واحد ينتهي قبل الانتخابات بـ24 ساعة، ويبدأ الفائزون في الانتخابات في أداء مهامهم بعد 3 أشهر من الانتخابات، ولمدة 4 سنوات.
البرلمان الإيراني يتمتع بصلاحيات أقل من تلك التي تتمتع بها مؤسسات أخرى غير منتخبة، كمجلس صيانة الدستور، ومنصب المرشد الأعلى .
وتتضمن صلاحيات البرلمان، وضع الميزانية السنوية، والموافقة على الوزراء، وتقييم أداء الحكومة.
منصبا الرئيس والمرشد الأعلى
ويأتي منصب الرئيس الإيراني في المركز الثاني في الدولة من حيث الصلاحيات الممنوحة إليه ويترأس الحكومة، إلا أنه يتمتع بصلاحيات محدودة وفقًا للدستور، ويقر مجلس صيانة الدستور المرشحين للانتخابات الرئاسية، كما أنه حتى بعد فوزه في الانتخابات، لابد أن يقوم المرشد الأعلى بتولية الرئيس مهام منصبه.
ويتحكم المرشد الأعلى بالقوات المسلحة والجهاز القضائي، كما يدير بشكل كبير سياسات البلاد الداخلية والخارجية، في حين أن مهام الرئيس الإيراني يأتي على رأسها تحديد الأجندة الاقتصادية للبلاد.
وبذلك تُحكم إيران بشكل متداخل، من قبل المرشد الأعلى والرئيس، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الهياكل السياسية والاقتصادية في البلاد، وفي حين تتعرض الهيئات التابعة للرئيس للرقابة والنقد، لا تخضع المؤسسات العسكرية والاقتصادية التابعة للمرشد الأعلى لأي نوع من أنواع الرقابة.
وتدير الهيئات التابعة للمرشد الأعلى عددًا من شركات النفط، وهو القطاع الذي يعد مصدر الدخل الأول للبلاد، وهو ما يتسبب في تفتيت اقتصاد البلاد، وفي عدم تمكين الحكومة التي يشكلها الرئيس المنتخب، من فعل ما يلزم لتحسين الاقتصاد.
محاولة بعض النواب المحافظين، الذين يشكلون أغلبية البرلمان أدت إعاقة العديد من مشروعات القوانين التي تقدمت بها حكومة روحاني إلى موجة من الانتقادات في البلاد، كما أثارت تكهنات حول رغبة روحاني في إحداث تغيير في هيكلية البرلمان في الانتخابات المقبلة، إلا أن استبعاد قسم كبير من الإصلاحيين من الترشح للبرلمان يجعل ذلك التغيير غير ممكن.
وحتى في حال حصول الإصلاحيين على الأغلبية في البرلمان، فـمن المتوقع أن يستخدم مجلس صيانة الدستور حق الفيتو (النقض) الذي يمتلكه بخصوص مشاريع القوانين التي يصادق عليها البرلمان، لرفض القوانين التي يقترحها الإصلاحيون، إلا أن المعتدلين الذين يدعمون حكومة روحاني، يبدون متفائلين بإمكانية إحداث تغيير هيلكي في البرلمان.
تغير غير متوقع في سياسة إيران الخارجية
وليس من المتوقع حدوث تغيير في السياسة الخارجية الإيرانية، أيًا كان الجناح الفائز في الانتخابات البرلمانية، حيث إن المرشد الأعلى هو من يقوم برسم السياسة الخارجية للبلاد، وتعمل وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للأمن القومي على تنفيذ السياسات الخارجية التي يقررها المرشد الأعلى.
مجلس خبراء القيادة يتمتع بصلاحيات مهمة، على رأسها اختيار مرشد أعلى للبلاد في حال وفاة المرشد، أو عدم التزامه بمهام منصبه، والرقابة على المؤسسات التابعة للمرشد.
ويعد المجلس من أهم المؤسسات الإيرانية، ويتكون من علماء الدين والخبراء، ويبلغ عدد أعضائه في الدورة الحالية 86 عضوًا، سيرتفع في الدورة المقبلة إلى 99 عضوًا.
ويحق لعلماء الدين فقط الترشح لعضوية مجلس الخبراء، ولا توجد شروط عمرية للمرشحين، وتبلغ مدة دورة المجلس 8 سنوات، ويقوم مجلس صيانة الدستور بتحديد مدى توافر الشروط العلمية، والأخلاقية، والسياسية لدى الراغبين في دخول انتخابات المجلس.
ويحق للمرشحين الذين يوافق عليهم مجلس صيانة الدستور إجراء دعايتهم الانتخابية لمدة أسبوعين، تنتهي قبل يوم من الانتخابات، ويبدأ الفائزون في الانتخابات مهامهم بشكل رسمي بعد 3 أشهر من الانتخابات.