يرى أصحاب وكالات سياحية جزائرية أن أي تدخل عسكري غربي محتمل في ليبيا سيكون بمثابة رصاصة الرحمة في رأس قطاع السياحة في بلادهم، خاصة في المناطق الصحراوية المجاورة لليبيا بسبب تزايد المخاوف من هجمات إرهابية يتعرض لها السياح الأجانب في الجنوب.
موسم مخيب للآمال
لم تنجح الجزائر في جذب السياح الأجانب في موسم السياحة الصحراوية الذي بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وينتهي في أبريل/ نيسان القادم، وقال عدد من مسؤولي الوكالات السياحية إنهم أصيبوا بخيبة أمل بسبب عزوف السياح الأجانب عن القدوم للجزائر، والسبب هو المخاوف الأمنية من جهة وعجز الجزائر في تسويق نفسها كوجهة سياحية مهمة، من جهة ثانية.
وكانت وزارة السياحة الجزائرية توقعت قبل انطلاق موسم السياحة الصحراوية استقبال أكثر من 50 ألف سائح أجنبي في الجنوب الجزائري، في الموسم الذي يمتد بين نوفمبر/تشرين الثاني وأبريل/ نيسان من كل سنة، إلا أن الوكالات السياحية الجزائرية التي تعوّل عليها السلطات لإنقاذ قطاع السياحة قالت إن عدد السياح الأجانب الذين زاروا الصحراء الجزائرية لم يتعد 25 ألفاً، أي نصف العدد المتوقع.
وقال زعموم الهاشمي، صاحب فندق سياحي في مدينة جانت 2200 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائرية: "لا يزيد عدد السياح الأجانب اليوم في جانت، وهي إحدى أهم المناطق السياحية في الجزائر، على 40 سائحاً، وقد كان عدد السياح في المدينة يفوق 300 في أسوأ الأحوال خلال نفس الفترة من السنوات السابقة".
وأضاف أن "السياحة في الجزائر تعيش أزمة خانقة، بل إنها قد تتوقف كلياً في حال اندلاع حرب جديدة في ليبيا".
من جهته قال محمد فالح، مسؤول التسويق في وكالة سياحية: "لم يتعد عدد السياح الأجانب الذين زاروا الجنوب الجزائري 20 ألف سائح منذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني 2015 حتى نهاية يناير 2016".
وأضاف "في أفضل الظروف فإن عدد السياح في كامل الجنوب الجزائري لن يزيد على 25 ألفاً مع نهاية موسم السياحة الصحراوية".
وتابع "قبل بداية موسم السياحة الصحراوية نظّم وزير السياحة، عمر غول، لقاءً مع الوكالات السياحية".
وأكد أن السلطات ترغب في جذب 50 ألف سائح أجنبي إلى موسم السياحة الصحراوية، ومن ثم رفع العدد تدريجياً، إلا أن المخاوف الأمنية دفعت وكالات سياحية أوروبية لإلغاء حجوزات وجولات سياحية كانت مبرمجة في الجزائر مباشرة، بعد الاعتداءات الإرهابية في العاصمة الفرنسية باريس منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وقال محمد فالح: "تلقت وكالتنا في أكتوبر/تشرين الأول 2015 طلبات لـ7 أفواج سياحية من ألمانيا وفرنسا لزيارة مدن تيميمون (1200 كلم جنوب غرب العاصمة) وتمنراست (2000 كلم جنوب العاصمة)، إلا أن وكالتين سياحيتين قررتا إلغاء زيارات 4 أفواج وتم تقليص عدد السياح في الأفواج الثلاثة المتبقية والسبب هو المخاوف الأمنية".
وقال صفران خالد، عضو باللجنة الاستشارية لتطوير السياحة الصحراوية (حكومية): "كانت وزارة السياحة تخطط لرفع عدد السياح الأجانب في الجنوب في موسم 2015/2016 إلى 50 ألفاً، ثم رُفع العدد كل سنة مع بناء فنادق جديدة في محافظات الجنوب، إلا أن الاعتداءات الإرهابية في باريس ثم في العاصمة المالية باماكو في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أربكت خطط وزارة السياحة، حيث تراجع عدد السياح المتوقع وصولهم إلى الجزائر من 50 ألفاً إلى أقل من 25 ألفاً".
وأضاف "إن أي حرب تندلع في ليبيا ستعني المزيد من المتاعب للقطاع السياحي الجزائري المتعثر".
وتابع "وزارة السياحة عازمة على رفع التحدي والنهوض بقطاع السياحة في إطار السياسة الجديدة للحكومة التي تقوم على تنويع مصادر الدخل خارج قطاع النفط الذي يمثل 97% من مداخيل البلاد من العملات الأجنبية".
وقال بوعمارة العربي، صاحب فندق سياحي بمدينة تمنراست (2000 كلم جنوب العاصمة الجزائرية)، وهي إحدى أهم المدن السياحية في الجزائر: "أعتقد أن السلطات الجزائرية تحاول وضع العربة أمام الحصان فيما يتعلق بتنشيط السياحة في الصحراء؛ لأن تنشيط السياحة في الجنوب يبدأ بتوفير مناخ الاستثمار وإنفاق المال اللازم للترويج لها، وهو ما لا يتوافر في الوقت الحالي في الجزائر"، حسب المتحدث.
وقال الدكتور صهيل عبدالقادر (الخبير الاقتصادي): "يعاني قطاع السياحة في الجزائر من مشكلة مركبة بدأت قبل أكثر من ربع قرن، حيث انهار قطاع السياحة في بداية التسعينات من القرن الماضي بسبب الحرب الأهلية التي شهدتها الجزائر، ومع تراجع عدد السياح في الجزائر في سنوات الحرب الأهلية تدهورت الفنادق وتراجع اهتمام الوكالات السياحية العالمية بالجزائر".
وتابع "لهذا تحتاج السلطات الجزائرية للبداية من جديد عبر الإشهار ثم الاستثمار في قطاع السياحة الذي يحتاج إلى أموال ضخمة من أجل تحريكه مجدداً".