تثير خطة الحكومة الإسرائيلية لبناء بلدة درزية جديدة على أنقاض الموقع الذي شهد معركة حطين التاريخية بين الصليبيين وصلاح الدين الأيوبي، غضباً كبيراً لاسيما بين السكان الدروز.
وتتعرض خطة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية لانتقادات واسعة من المؤرخين والمزارعين داخل الطائفة الدرزية التي يفترض أن تستفيد من المشروع.
تهديد للمواقع الأثرية
ويقول منتقدو المشروع إن بناء بلدة درزية في المنطقة الواقعة في الجليل يهدد الكنوز الأثرية والمناظر الطبيعية المرشحة لدى منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة "اليونسكو" للانضمام إلى قائمة مواقع التراث العالمي.
ووافق مجلس التخطيط والبناء الوطني الإسرائيلي على خطة البناء في يناير/كانون الثاني الماضي، بينما أكدت الحكومة الإسرائيلية أنها ستكون أول بلدة يتم بناؤها للطائفة الدرزية منذ قيام إسرائيل في عام 1948.
وقال نتنياهو في بيان: "أعطي أهمية كبرى لإقامة بلدة درزية جديدة من شأنها أن تسهم في تطور الوسط الدرزي".
موقع معركة حطين
ومن التحديات التي يواجهها مشروع الحكومة قرب الموقع من التلال المعروفة باسم قرون حطين التي شهدت المعركة الشهيرة في القرن الثاني عشر ميلادي بين الصليبيين الأوروبيين وقوات المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي.
ووقعت المعركة في يوليو/تموز 1187، وانتهت بهزيمة وأسر الملك الصليبي غي دي لوزينيان على يد صلاح الدين، ومهدت لبداية نهاية المملكة الصليبية في القدس.
ويكتب المؤرخ البريطاني الشهير ستيفين رونسيمان في مؤلفه الضخم المكوّن من 3 مجلدات حول الحروب الصليبية قائلاً: "في قرون حطين، تمت إبادة أعظم جيش جمعته المملكة".
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه تمكّن صلاح الدين من فتح القدس؛ ما أدى إلى إنهاء 88 عاماً من حكم الصليبيين.
وبالنسبة لجينيدي نيزهيك-كولوميشوك من نادي "مملكة القدس" الذي ينظم سنوياً مسرحية تستذكر معركة حطين، فإن حديقة حطين الوطنية وكل المناطق المحيطة بها لها أهمية تاريخية كبرى.
وتقول سلطة التخطيط والبناء إن الحديقة الوطنية لن تتأثر بالمشروع، ولكن نيزهيك-كولوميشوك يصرّ على أن أهمية المنطقة التاريخية تمتد لما هو أبعد من الحديقة ذاتها.
ويقول: "هذا موقع استراتيجي. نابليون خاض معركتين هناك" ضد القوات العثمانية في عام 1799.
ومن المقرر بدء بناء المرحلة الأولى في الحقل عند سفح القمم، على الطريق الذي يربط بين الناصرة وطبرية.
ومنذ سنوات يقوم سكان كيبوتس (قرية تعاونية) لافي وكيبوتس بيت ريمون بزراعة الأراضي في هذه المنطقة، رغم أنها تابعة للدولة.
ويقول ناتي روزنويغ، وهو مربي ماشية من كيبوتز لافي، إنه لم يتم رسمياً إبلاغ السكان بخطة البناء. ويضيف: "لم يتحدث أي أحد إلى كيبوتس لافي مسبقاً؛ لأننا نعيش هنا، فإننا على علاقة وطيدة بقصة قرون حطين".
ويتابع "من ناحية تاريخية وأثرية كل المنطقة مهمة، كل المنطقة ومحيطها هي أرض المعركة. وفيها أيضاً بقايا طرق رومانية".
الدروز في إسرائيل
وتعاني القرى والبلدات الدرزية في إسرائيل من الاكتظاظ وتفتقر إلى البنى التحتية الأساسية. لكن شخصيات درزية عدة ترى أن الموقع الذي تقترحه الحكومة الإسرائيلية على ارتفاع نحو 300 متر من بحيرة طبرية، لا يلائم احتياجات الطائفة الدرزية، وقد يؤدي إلى تدهور إضافي في علاقتها مع سائر الفلسطينيين.
وتنصّ المرحلة الأولى من الخطة على بناء 400 وحدة سكنية، ومن المتوقع أن تشمل المرحلة الثانية توسيع البناء ليصل إلى 2500 وحدة سكنية، ما يعني البناء على حقول سكان قريتي حطين ونمرين الفلسطينيتين المهجرتين منذ عام 1948.
لن يقبل أي درزي بذلك
بالنسبة لصالح طريف، السياسي الدرزي الذي شغل في السابق منصب وزير في الحكومة عن حزب العمل الإسرائيلي، فإنه "لا يوجد أي درزي سيقبل بالعيش على أرض شخص آخر".
وأضاف: "لا نريد أي شكاوى حول أننا سنقيم على أرض أشخاص لا يملكون أي مكان يعيشون فيه أو تم تهجيرهم من هناك".
ويرى رفيق حلبي، رئيس مجلس قرية دالية الكرمل، أكبر قرية درزية في إسرائيل، إن بناء البلدة هناك "قد يؤثر على العلاقات الحساسة أصلاً بين الدروز والفلسطينيين".
ويعد المسؤول الحكومي الدرزي أيوب قرا، من حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو، مؤيداً شرساً للمشروع، ويقول إنه يرغب في أن يكون من أوائل المستثمرين في خطة البناء.
ويقول: "أنوي العيش هناك وأن أكون العمود الفقري للمجتمع هناك للترحيب بقدامى الجيش من الدروز وغيرهم ممن يخططون للإقامة هناك في أفضل الظروف".
ويقدر المسؤولون عدد الدروز في شمال إسرائيل بـ110 آلاف نسمة.
وعلى عكس عرب إسرائيل، يلزم القانون الدروز مثل اليهود، بالخدمة في الجيش الإسرائيلي لـ3 سنوات.