جدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين 15 فبراير/شباط 2016، رفض بلاده، التدخل العسكري ضد النظام السوري، وهو ما يعدّ إعلاناً صريحاً مخالفاً لتوجّهات السعودية في سوريا، يصدر عن السيسي لأول مرة، ومنافياً لكلمته الشهيرة "مسافة السكة" والتي كان يقصد بها أن مصر رهن إشارة دول الخليج التي دعمت انقلابه على الرئيس الأسبق محمد مرسي منتصف 2013.
الوكالة المصرية الرسمية، نقلت حواراً أجراه السيسي، الاثنين مع مجلة جون أفريك (مختصة بالشؤون الأفريقية، وتصدر في باريس باللغة الفرنسية)، شدد الرئيس المصري، على "موقف مصر الثابت الداعي إلى الحل السلمي للنزاع، والحفاظ على سلامة الأراضي السورية والتحذير من انهيار مؤسسات الدولة".
وقال السيسي، إن "إعادة بناء سوريا ستتطلب مئات المليارات من الدولارات، وعلى غرار ليبيا، لا يمكن ترك المجموعات الإرهابية تتوسّع، لما يمثله ذلك من تهديد لكل المنطقة".
وأضاف، "لقد أهملنا الأزمة (السورية) لفترة طويلة، والآن تعقَّد الوضع بشدة"، مشيراً أنه "لو كنّا قد أوجدنا حلاً منذ عامين لم نكن لنصل إلى الوضع الحالي".
وتمنى السيسي الاستغناء عن المساعدات المالية من دول الخليج، قائلا: "من الصعب العيش معتمدا على مساعدات الآخرين". وأقر أن مصر يلزمها معدل نمو يبلغ 7.5 في المائة لتحقيق تنمية متوازنة، لاسيما أن عدد السكان يزداد بمعدل 2.5 مليون سنويا، وهؤلاء بحاجة لصحة وتعليم وسكن.
يخذل السعودية
رفض السيسي للتدخل العسكري في سوريا يأتي بعد إعلان السعودية وتركيا رغبتهما في عملٍ بري في سوريا بقيادة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية داعش.
كما تأتي تصريحات السيسي عقب إعلان الرياض عن زيارة مرتقبة للملك سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة 4 إبريل/ نيسان المقبل، في ظل ظروف دولية وإقليمية صعبة تحيط بمنطقة الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط كاملة، تسعى فيها الرياض لجمع حلفائها بالمنطقة.
وفي تصريحٍ مماثل أثار الشكوك حول حقيقة وجدية التقارب المصري السعودي، قال الأحد وزير الخارجية المصري سامح شكري إن الحلَّ العسكري في سوريا أثبت خلال السنوات الماضية عدم جدواه، وأن الحلول السلمية هي المثلى.
العفو عن مرسي سابق لأوانه
واعتبر السيسي أن إصدار عفو عن الرئيس الأسبق محمد مرسي "أمر سابق لأوانه"، مشيرا إلى أن "الإجراءات القضائية طريقها طويل في مصر، وتمر بمراحل عدة، وأن مرسي مازال يحاكم حتى الآن، ولم يصدر الحكم النهائي بعد، ومبارك بدأت محاكمته في أغسطس/آب 2011، ومازال يحاكم حتى الآن".
مضيفاً أن "الإجراءات القضائية في مصر تمر بمراحل عديدة، وتستمر لوقت طويل، ولم يعدم شخص واحد حتى الآن".
وأشار السيسي إلى أن الديمقراطية عملية طويلة ومستمرة وسيتطلب تحقيقها في مصر فترة تتراوح من 20 إلى 25 عاما، كما أن تلك الفترة تعتبر إلى حد ما قصيرة لتحقيق الهدف بشكل كامل.
كما أكد أن التجربة الحالية في مصر ليس لديها سوى 4 أعوام فقط، وأضاف أن "تلك التجربة لابد أن تستمر وأن تحترم إرادة الشعب".
حقوق الإنسان
وحول الانتقادات الموجهة للسيسي في ملف حقوق الإنسان، وعودة مصر للدولة البوليسية، قال السيسي إنها "انتقادات غير عادلة"، وأن الشعب المصري يجب أن يوازن بين الوضع الداخلي الهش، واحترام حقوق الإنسان، والانتقاد على المستوى الإقليمي، قائلا: "جميعنا يريد أن تصبح مصر أرض حقوق الإنسان، ولكن هناك الكثير من الأشياء خارج سياقها تتناولها وسائل الإعلام الدولية، وأن ممن زاروا مصر وتحدث مع سكانها يعلم تماما أن مصر جزء من مصير العالم الذي يدور هنا".
وأجاب السيسي عن سؤال حول التوترات السياسية الأمنية التي لا تشجع على جذب الاستثمارات أو مجيء السياح لمصر، بـ"أنها استراتيجية الإسلام السياسي" الذي يهدف لضرب الاقتصاد المصري، ولاسيما السياحة، حيث يعمل ملايين المصريين، والشعب يريد الاستقرار والأمن، لذا يجب تحقيق ذلك الهدف بعودة النمو، والتوازن بين الأمن وحقوق الإنسان.
القاهرة وأنقرة
وحول مستقبل العلاقات المصرية مع تركيا، وإمكانية الحوار، رغم تأكيد أنقرة الدائم عدم اعترافها بالنظام في مصر، واعتباره "انقلابا" لفت السيسي، أن "مصر امتنعت دائمًا عن التدخل في شؤون غيرها، وترفض تدخل الخارج في شؤونها"، مضيفًا بالقول "من جانبنا لم نصدر أي تصريحات عدوانية".
موقف السيسي من ليبيا
وحول موقف مصر في حال تدخُّل حلف شمال الأطلسي(الناتو) ضد "داعش" في ليبيا، وهو ما تم الحديث عنه مؤخراً، علّق السيسي، "لا يمكننا التدخل في ليبيا، طالما لم يتم بحث كل الحلول، وبدون أن يكون الليبيون أبدوا بوضوح الرغبة في ذلك".
وأشار إلى أن الحلَّ العسكري يجب أن يكون "آخر الحلول في ليبيا".
وكان مسؤولون غربيون، أطلقوا خلال الأسابيع الأخيرة، تهديداتٍ بتنفيذ تدخل عسكري في ليبيا، يستهدف تنظيم "داعش" الذي تمدَّد بشكل سريع في عدة مدن، في ظل الوضع السياسي المتأزّم في البلاد.