خطوات عربية على أرض كندية

أعتقد أنَّ أهل مصر هم أكثر العرب تميزاً في طرح الأفكار وجعلها حقيقة، فهم يتميزون بالتزام فريد وإصرار كبير على تكملة المشروعات وإنجازها حتى النهاية، وهذا ما جعلني أقبل الدعوة للمساهمة في قناة كنداوي، فالقائمون عليها مصريون والمساهمة معهم ستكون استثماراً ناجحاً بإذن الله

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/06 الساعة 01:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/06 الساعة 01:34 بتوقيت غرينتش

منذ أن جئت إلى كندا، وأنا أحاول جاهداً الخروج من الفكرة الضيقة التي ورثتها من العالم الثالث، والتي تتمحور حول الحصول على الجنسية فقط، وكنت وما زلت أجاهد نفسي لرفع معاييري الذاتية للاستفادة من وجودي في العالم الأول بشتى السبل، والهدف هو المساهمة في نهوض الجالية العربية والإسلامية في المهجر، بحيث يُصبح لهم وجود ذو قيمة في الخارطة الاجتماعية والسياسية في كندا، ونقل تلك التجارب والخبرات إلى العالم الثالث حتى يتسنى لأهلنا وأمتنا في الوطن الاستفادة من تلك التجارب لأقصى حد، ولكن تلك النوايا الحسنة تحتاج إلى جهود جبارة لإنجازها وإلى تكتل الجالية العربية المتبعثرة، الأمر الذي جعلني أعمل منفرداً لبذل جهد كبير لإنتاج متواضع.

قد أتفهم مشكلة الجالية العربية، فهي جالية منهكة من كثرة المعاناة التي مرت بها خلال مسيرتها الحياتية، ورغم ذلك الإرهاق والتعب، تظهر في الأفق بوادر لتكتل هادف قد يخدم جاليتنا بشكل غير مسبوق بإذن الله. واليوم أحببت أن أشاطركم إنجازات فردية وجماعية، أتمنى أن تنال إعجابكم ودعمكم.

١) محاضرة في جامعة تورونتو:
University Of Toronto) المرتبة الأولى في كندا والتاسعة عشر على العالم، وهي بمثابة جامعة هارفارد الأميركية في كندا أقدم وأعرق جامعة في العالم. وحدث أن جمعني القدر في الصيف الماضي بعضوة من جمعية استشارات الأعمال (Business Consulting Association) في الجامعة والتي عرضت عليَّ بعد حديث مطوَّل تقديم عرض (Presentation) حول مجال الاستشارات (Consulting) في مسابقة سنوية تقيمها الجامعة في بداية كل عام، يدعو إليها طلبة من جميع جامعات مقاطعة أونتاريو الكندية، ورغم الرهبة التي كانت في داخلي، وافقت من دون تفكير، خصوصاً وأنَّ الإلقاء سيكون في صرح جامعي عريق، الشيء الذي لم أقم به من قبل، ولكن كالعادة قررت أن أتحدى نفسي لقناعتي التامة من أني أملك القدرة على ذلك، فسبق أن قدمت دورات تدريبية في مجالات أخرى كـ (مهارات التفاوض)، ولكنها كانت في الوطن العربي وبلغتي الأم، أما هذه فهي في كندا وباللغة الإنجليزية، وهي فرصة لا أريد تضييعها.

طلب مني رئيس جمعية الاستشارات في الجامعة زيارتي في عملي للاطلاع على مهنتي عن قرب -التي هي في مجال استشارات الأعمال التكنولوجية- للاتفاق على تفاصيل العرض الذي سأقوم بتقديمه، وبعد الانتهاء من الزيارة والتي حصلت خلالها على الموافقة لتقديم العرض، وبفضل الله قمت يوم السبت الماضي الموافق 30 يناير بإلقاء المحاضرة 4 مرات متتالية على 4 مجموعات مختلفة من الطلبة من شتى التخصصات العلمية، كل مجموعة تحوي 20 طالباً، أي ما مجموعه 80 طالباً، وكل واحد منهم يتمنى مزاولة مهنة الاستشارات مستقبلاً في تخصصه، والحمدلله كانت ردود أفعال الطلبة إيجابية بكل المقاييس.

أجمل اللحظات في ذلك اليوم، هي تلك التي كان يتقدم فيها الطلبة لمصافحتي ليخبروني بأنهم من أصول عربية، وأنهم فخورون جداً بوجودي معهم وقد حصلوا على فائدة كبيرة خلال العرض. وحدث موقف طريف عندما سألتني 3 طالبات من أصول مصرية: (هل أنت مصري؟)، فقلت: (أنا فلسطيني الجذور، أردني الجنسية، كويتي المولد، أوكراني الدراسة، سعودي الخبرة، كندي المهجر، مصري الهوى)، وكاد أن يُغمى عليهن من الدهشة والبهجة معاً!

ويمكن هنا مشاهدة كليب قصير يستعرض لقطات من ذلك العرض:

٢) اجتماع تحضيري لقناة كَنَدَاوي:
كنداوي) والتي ستبث قريباً بإذن الله باللغة العربية من مقاطعة أونتاريو في كندا عن طريق البودكاست (راديو على الإنترنت)، وللأسف لم أتمكن من حضور ذلك الاجتماع بسبب انشغالي فاعتذرت، ولكن تلقيت دعوة ثانية لحضور الاجتماع التحضيري الثاني، فقررت هذه المرة حضور الاجتماع، وقبل ذلك الموعد قمت بالاطلاع على أهداف المشروع الذي راق لي كثيراً.

تهدف قناة كنداوي إلى:
• تقوية الجالية العربية من خلال رأب الصدع بينها وبين ذاتها الشرقية.
• ربط عرب المهجر بجذورهم وثقافتهم العربية الجميلة، وتذكيرهم بأنهم من جذور طيبة.
• معالجة الصعوبات الاجتماعية التي تتعرض لها الجالية في المهجر من خلال طرح حلول واقعية تواكب المجتمع الغربي.
• مساعدة المهاجرين الجدد، بحيث يمكنهم الوصول إلى كل المعلومات المهمة حول كيفية استقرارهم في كندا بلغتهم العربية.
• محاربة التطرف الفكري بشتى أنواعه والذي يتعرض له الجيل الثاني من أبناء المهاجرين، والتطرف المقصود به هو: تطرف أعمى لنصرة العرب والمسلمين، وتطرف أعمى ضد العرب والمسلمين.

لفتة مهمة: تعلمت من خلال تنقلي حول العالم خلال العقدين الماضيين، أنَّ بعض الجنسيات العربية لديها قدرة على الإنجاز مجتمعة أكثر من غيرها، ويعود السبب إلى ثقافتها الداخلية التي تربت عليها، بينما هناك أخرى تقدر على الإنجاز منفردة ولا تفلح في العمل الجماعي، ولكن الإنجازات الجماعية ذات صدى أكبر وبقاء أطول مقارنة بالفردية.

أعتقد أنَّ أهل مصر هم أكثر العرب تميزاً في طرح الأفكار وجعلها حقيقة، فهم يتميزون بالتزام فريد وإصرار كبير على تكملة المشروعات وإنجازها حتى النهاية، وهذا ما جعلني أقبل الدعوة للمساهمة في قناة كنداوي، فالقائمون عليها مصريون والمساهمة معهم ستكون استثماراً ناجحاً بإذن الله، وما يميزهم في هذا المشروع أنهم لم ينغلقوا على أنفسهم، بل أرسلوا دعوات لجميع أبناء الجالية العربية للمساهمة في القناة، ولكن الغالبية الساحقة التي لبَّت الدعوة وحضرت كانت من الجالية المصرية، الأمر الذي وافق تحليلي للشخصية العربية، لدرجة أنَّ أحد المساهمين في القناة ببرنامج طبي وهو دكتور مصري لم يتمكن من حضور الإجتماع، فأرسل زوجته نيابة عنه حتى يكون له حضور ويعكس التزامه بالمشروع، وقد أثر بي هذا الأمر كثيراً.

دائماً ما كنت أطرح مبادارت بين جنسيات أخرى غير مصرية ولكنها سرعان ما كانت تنتهى في لحظتها بسبب دنو الهمة والعزوف عن العمل الجماعي، وهذا خلاف ميكانيكية العقل المصري الذي غالباً لا ينفر من العمل الجماعي، واليوم أحببت أن ألفت النظر لهذه الفكرة المهمة في المقال، علَّها تصل إلى عقول وقلوب جميع أحبتنا العرب للمساهمة في إنشاء ورشات عمل جماعية للخروج بأفكار نيِّرة سواء داخل الوطن أو في المهجر، لتساعد أمتنا على حل مشكلاتها بنفسها بدلاً من التسول على عتبات الأمم الأخرى غير الآبهة لنا على الإطلاق.

الاجتماع التحضيري الثاني الذي حضرته كان رائعاً ومثمراً بكل ما تعني الكملة من معنى، فحجم الأفكار المطروحة والتعاون كان على أوجه، فقد خلق النقاش نوعاً من الطاقة غير الاعتيادية، شعرت أنها تدفعني دفعاً إلى العمل والمساهمة، والنية ما زالت قائمة بإذن الله للمساهمة ببرنامجي الخاص في تلك القناة، ولكن عليَّ أولاً أن أنهي مشاريعي الفردية التي بدأتها، ووقتي لا يكفي لإنجاز كل ذلك في آن واحد، وحتى إن لم أتمكن في الوقت الحالي من المساهمة ببرنامجي الخاص، سأبقى قريباً أدعم المشروع بكل السبل حتى يرى النور بإذن الله ويستفيد منه الجميع.

كلمة أخيرة، أود أن أشكر القائمين على هذه المبادرة الرائعة، وعلى رأسهم الدكتور (وليد السيد) لتفانيه وإصراره على إنجاح المشروع مهما كلَّف الأمر من مشقة وتعب، وأتمنى من جميع المهتمين بنهضة العرب والمسلمين سواء في الوطن أو في المهجر أن يدعموا ذلك المشروع العابر للقارات، والذي سيستفيد منه الكثير من البشر داخل كندا وخارجها.

للمزيد، يمكن زيارة الصفحة الرسمية للقناة على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/canadawypodcast

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد