لم يكن إعلان جماعة الإخوان المسلمين، منذ أيام، عن تعديلات تعتزم إجراءها بلائحتها الداخلية الإدارية، الأول من نوعه في تاريخ الجماعة، الذي بدأ في مصر عام 1928، إنما الخامس عشر، منذ أول نظام داخلي أقرته.
وبحسب معلومات حصرية حصلت عليها "الأناضول"، أعدها الباحث في الشأن التاريخي للجماعة، عبده دسوقي، في موسوعتها الرسمية "ويكيبيديا الإخوان المسلمين"، كانت أول لائحة للجماعة في مدينة الإسماعيلية (شمال شرق) عام 1930 بداية لتنظيم علاقة الجماعة بالدولة والشعب وعلاقة أعضائها، عقب تأسيس الجماعة عام 1928، فيما شهد عام 2010 آخر تعديل للائحة (النظام الداخلي).
وبحسب الورقة البحثية، خضعت جماعة الإخوان التي شهدت عددًا من الأزمات الداخلية خلال العامين الماضيين، إلى 14 تعديل على قانونها الداخلي الذي بدأ عام 1930 في صورة تعديلات جزئية أو كلية، أبرزها لائحة عالمية وضعت عام 1994.
ومنذ أيام، قالت جماعة الإخوان المسلمين، بعد تدخل من الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في أزمتها الأخيرة، إنها "شرعت بإجراء تعديل (الخامس عشر) للائحة الداخلية ومن ثم تقديمها لمجلس الشورى العام (أعلى هيئة شورية) للنظر في إقرارها من عدمه، مشيرة إلى أنها "تهيب بالإخوان في الداخل والخارج إلى سرعة التجاوب مع لجنة تطوير اللوائح وإرسال آرائهم ومقترحاتهم بشأن التطوير وكيفية تذليل العقبات الأمنية والجغرافية من أجل إجراء إنتخابات تتسق مع المؤسسية وتحقق المأمول من نهضة الجماعة"، وفق بيانين.
وتتخذ جماعة الإخوان من مصر مقرا رئيسيا، ولها فروع مرتبطة بها بشكل مباشر وغير مباشر في بلدان عربية وأوربية وأفريقية، وتتكون من مكتب إرشاد بمصر وهو بمثابة أعلى جهاز تنفيذي، ويليه مجلس شورى بمثابة جهة رقابة على المكتب، فيما تتوزع مكاتب إدارية على مستوي المحافظات بكل قطر، فضلا عن مكتب إرشاد عالمي يطلق عليه الهيئة التنفيذية العليا للجماعة، أو ما يطلق عليه إعلاميا "التنظيم الدولي".
وفيما يلي عرض لأبرز التعديلات التي طرأت على النظام الداخلي للجماعة منذ تأسيسها:
– قانون "جمعية الإخوان المسلمين" بالإسماعيلية (1930)
عندما تأسست جماعة الإخوان في منتصف عام 1928، لجأت إلى وزارة الداخلية في أبريل/ نيسان 1929 لإشهار الجماعة رسميا، وكان لابد أن يكون لها قانون ولائحة عامة، وفي عام 1930 صدر القانون الأول لها، الذي اعتبر الإشهار الرسمي الأول من الوزارة.
وفي 24 سبتمبر/أيلول 1930، أقرت الجمعية العمومية، أول لائحة تصدر عن جماعة الإخوان المسلمين (أشهرتها الداخلية حينها كجمعية)، ستخضع لاحقا لغيرات وفق الظروف والمستجدات التي كانت تطرأ على الساحة الداخلية أو الخارجية.
وضمّ النظام الداخلي لـ"جمعية الإخوان المسلمين" 9 أبواب تشمل "تأليف الجمعية واسمها، ومقاصدها، وأعضاءها، والجمعية العمومية، ومجلس الإدارة، والمراقب الإداري واللجان، ومالية الجمعية، والفروع والشعب، وأحكام عامة".
وركزت الأبواب (تضم 43 مادة)، على نشأة الجماعة في الإسماعيلية، وأغراضها الإصلاحية، والاجتماعية، وأهدافها في نشر التعاليم الإسلامية، والدفاع عن الإسلام في حدود القانون، وتشجيع أعمال الخير، ومعالجة الأزمات الاقتصادية، ونشر الدعاية الصحية، فضلا عن العضوية وخاتمة، تؤكد أنه لا يجوز بحال من الأحوال تعديل شيء من هذا القانون إلا بموافقة ثلاثة أرباع مجلس الإدارة المنعقد لذلك، وقبول الجمعية بأكثرية ثلثي أعضائها الحاضرين.
– لائحة الجمعية المعدلة سنة 1932
أجريت تعديلات على لائحة الإخوان في يناير/ كانون الثاني 1932، تعطي الحق للمرشد العام (أعلى رمز بالجماعة)، باختيار نائب عنه، يرأس فرع مدينة الاسماعيلية (كان المقر الرئيس)، بعد انتقال المرشد العام إلى القاهرة.
وخلال هذه التعديلات، ذكر لأول مرة لقب "المرشد"، ولفظ "جماعة" وليس "جمعية"، كما تطرقت التعديلات إلى "مقاصد الإخوان المسلمين ووسائلهم"، والنظام الإداري.
– قانون جمعية الإخوان المسلمين العام المعدل 1935
أصدر مكتب الإرشاد عام 1935 القانون المعدل للجماعة ولائحته التنفيذية، فضلا عن لائحتين أحدهما لقسم الأخوات (السيدات والفتيات المنتميات للجماعة)، ولائحة فض المنازعات.
وكان هذا التعديل الكلي، أكثر وضوحا في عرض فكرة الجماعة سواء في (الباب الأول)، الغاية والوسيلة، والباب الثاني الخاص بـ"النظام الإداري للإخوان المسلمين" الذي تطرق للأعضاء والواجبات و الهيئات الشورية، وذكر أن "الإخوان المسلمون في كل مكان جماعة واحدة تقسم إلى دوائر بحسب الأماكن والبلد، ويشرف على سير الدعوة ونظام الجماعة هيئات شورية هي مكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام، ومجالس الشورى المركزية، ومؤتمرات المناطق".
كما أوضح الباب الثاني، أن "مكتب الإرشاد العام هو الهيئة التنفيذية للجماعة، ويتكون من المرشد وهو الرئيس العام لكل هيئات الإخوان المسلمين وممثل فكرتهم، ومن عدد من الإخوان يختارهم لمساعدته ومقره حيث يكون المرشد"، أما الباب الثالث فتحدث عن "مالية الجماعة"، بينما تطرق الباب الرابع للفصل في الخلافات وتنظيم تعديل اللائحة بـ"أغلبية نصف الحاضرين زاد واحد".
– اللوائح التي اعتمدها مجلس الشورى العام في دورته الثالثة 1935
عقد "مكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنفيذية) " اجتماعه خلال مارس/آذار 1935، واعتمد لوائح جديدة، تشمل الحج، وتدعو الإخوان لأداء فريضة الحج وتدبير ذلك، وتشكيل لجنة الدعاة إلى الحج، بجانب لائحة الزكاة والصدقات وتكوين لجان لذلك، فضلا عن لائحة فرقة الرحلات.
– لائحة لجنة التحقيقات 1940
جاءت هذه اللائحة في 8 مارس /آذار 1940، بعدما تعرضت الجماعة لعدة انشقاقات، لاختلاف وجهات النظر بين الأعضاء، كان أبرزها انشقاق مجموعة عرفت باسم "شباب محمد"، كان لها اعتراضات على أداء الجماعة.
– اللائحة الداخلية لمكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام سنة 1944
تضمنت هذه اللائحة مهمة مكتب الإرشاد وتكوينه، وعلاقاته بالهياكل الإدارية للجماعة وتشكيل اللجان والمندوبين، منها السياسية والشرعية والدعاية والاتصال بالهيئات الاسلامية في العالم والتحقيق فضلا عن اللجان الفنية والعلمية ، بجانب ماليات المكتب وجلساته واجتماعاته، واختتمت اللائحة بعدد من الأحكام العامة حول تعديل بنودها.
– النظام الداخلي سبتمبر/أيلول 1945
أقرت الجمعية العمومية في اجتماعها بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 1945، تعديلات في 9 أبواب تطرقت إلى عدة أمور منها، الشكلي المالي والإداري للجماعة.
– لائحة وقانون جماعة الإخوان المسلمين عام 1945 لقسم البر والخدمة الاجتماعية
جاءت التغييرات بلائحة الجماعة، في 12يوليو/تموز عام 1945، تماشيا مع الاجراءات الحكومية بعد وضع القانون رقم (49) لسنة 1945 لتنظيم عمل البر بالجمعيات الخيرية، الذي أعطى للجمعيات القائمة مهلة ثلاثة أشهر لتوفيق أوضاعها وفقًا للقانون، وإلا جاز لوزير الشؤون الاجتماعية طلب حلها.
وشمل التعديل التي أجرته الجماعة على القانون الداخلي للجماعة، لائحة إنشاء فروع أقسام البر والخدمة الاجتماعية، ولائحة المركز الرئيسي لهذه الفروع.
ووجه المركز الرئيسي للإخوان خطابا دوريا وقتها بخصوص تطبيق هاتين اللائحتين في الانتخابات الدورية لسنة 1948-1949، راجيا أن يهتم الإخوان في المكاتب الإدارية والفروع بملاحظة ما جاء فيه وإنقاذه بدقة.
– اللائحة الداخلية العامة للإخوان المسلمين (1951)
بعد أكثر من سنتين من اغتيال مؤسس جماعة الإخوان، حسن البنا في 12 فبراير /شباط 1949، رأى مكتب الإرشاد وضع لائحة داخلية عامة، وأقرها فى اجتماعه في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1951، وتطرقت مباشرة دون تعريف للجماعة أو دورها إلى تعريف الهيئات الادارية وعلاقاتها.
– لائحة 1978
لم يحدث تعديلات في لوائح وقوانين الإخوان المسلمين منذ عام 1951، وذلك بسبب الأزمة التي دخلت فيها الجماعة من بعد أحداث يوليو/ تموز 1952 (أطاح خلالها ضباط مصريون بالحكم الملكي)، والتي واجه أعضاء الجماعة فيها محن كبيرة من نظام الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر، وقتها، أبرز عقوبات بالإعدام والحبس.
ومع خروج أعضاء جماعة الإخوان من السجون عام 1975، اجتمع قادة الجماعة ووضعوا لائحة لضبط إطار العمل الجماعي، وتحديد الصلاحيات، والمهام والتوصيف الوظيفي لقادتها، وعلاقة كل مؤسسة بغيرها داخل الإخوان، فكانت لائحة عام 1978 المؤقتة، التي اعتمدها المرشد العام، وإن كانت كثير من المواد في اللوائح ظلت ثابتة لم تتغير خاصة الأهداف والمبادئ والغاية، وعمل الأقسام، وما تم التغيير فيه هو الشؤون المتغيرة كطبيعة مكتب الارشاد ومجلس الشورى.
– لائحة الجماعة 1982
أجريت عام 1982 بناء على اجتماع مجلس شورى الإخوان في هذا العام، وتطرقت إلى تنظيم العلاقة بين القيادة العامة وقيادات الأقطار.
وأوضحت اللائحة أنها أُعدت "نظرا لاتساع ميادين نشاط الجماعة وعلى ضوء التجارب التي مرت بها ، ومراعاة للظروف التي تحيط بها ومتطلبات الفترة الحالية"، وتمَّ اعتماد اللائحة من مجلس الشورى العام سنة 1990، نظرًا لظروف أمنية منعت المجلس من الانعقاد لإقرار التعديلات إلا بعد 8 سنوات.
– اللائحة العالمية لجماعة الإخوان المسلمين 1994
اللائحة العالمية للإخوان المسلمين، صدرت في 12 أبريل/ نيسان 1994، وتتكون من ستة أبواب، تتضمن 54 مادة، وأقرت بناءً على "اتساع نشاط الجماعة، وعلى ضوء ما مرت به من تجارب".
وانتهت بعض الآراء داخل الجماعة أن المطلوب بعد هذه المرحلة إجراء تعديلات تشمل، مدة ولاية المرشد العام، وتعديل نسب ممثلي الأقطار في مجلس الشورى، وضبط عضوية الأقطار في التنظيم العالمي؛ لتكون موازيةً لضبط عضوية الفرد في القطر.
– تعديلات عام 2009
تم إجراء 3 تعديلات في لائحة 1990، وتم اعتمادها من مجلس الشورى العام للجماعة في مايو/أيار 2009.
– تعديلات عام 2010
وافق مجلس الشورى العام على إضافة مادة جديدة للائحة الداخلية، في 12 مايو/أيار 2010، ونصت على "إذا رأى المكتب إمكانية قيام مجلس الشورى ببعض اختصاصاته مع تعذر اجتماعه فللمكتب أن يحدد الآلية المناسبة للقيام بذلك".
لقد واجهت "الإخوان السلمون" تحديات كبيرة في تاريخهم، في العهد الملكي ثم الجمهورية، لاسيما عهد الرئيسين الأسبقين جمال عبد الناصر، وحسني مبارك، ترواحت بين عقوبات مثل الإعدام والسجن والتضييق.
كما تواجه الجماعة، منذ انقلاب الجيش على الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز2013، مشاكل جمة مع السلطات الحالية، كان أبرزها اعتبارها "تنظيما إرهابيا" في ديسمبر/ كانون الأول 2013 ، والقبض والمحاكمة لعشرات الآلاف من قياداتها، وعلى رأسهم المرشد العام ونوابه وقيادات المكاتب الإدارية بالمحافظات.