فيما تتسارع الأحداث في مصر بحثاً عن فك ملابسات مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني الذي فقد أثره 25 يناير في الذكرى الخامسة للثورة المصرية، وعثر على جثته ملقاة في إحدى الطرق وعليها آثار تعذيب، أبدى طلاب أجانب مخاوفهم من لقاء المصير ذاته.
وقالت الطالبة آن ألكسندر، وهي أيضاً طالبة دكتوراه وتعد رسالتها عن الحركة العمالية في مصر، لصحيفة الغارديان البريطانية أن مقتل ريجيني أثار مخاوف الطلاب الأجانب الآخرين في مصر معربين عن خشيتهم من ملابسات الحادث، خاصة أولئك الذين يعدون أطروحات دكتوراه تتعلق بـ"قضايا حساسة" في مصر على حد تعبير الصحيفة.
اختفاء في ذكرى الثورة
وكانت شائعات سرت أن اختفاء ريجيني له علاقة بأطروحته عن الاقتصاد المصري وأن فقدان أثره جاء بعد حملة شنتها الشرطة المصرية على المتظاهرين في الذكرى الخامسة لثورة يناير.
وتبدو كل الاحتمالات مفتوحة في جريمة قتل الشاب الإيطالي، لكن شبكات التواصل الاجتماعي والدوائر الدبلوماسية في القاهرة لا تستبعد احتمال تورط الشرطة في الأمر في بلد تواجه فيه الأجهزة الأمنية اتهامات من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية بتوقيف معارضين واحتجازهم من دون محاكمة.
ووقعت عدة حالات وفاة من جراء الضرب والتعذيب في أقسام الشرطة المصرية أخيرا أحيل مرتكبوها إلى المحاكمة ودفعت الرئيس السيسي إلى مطالبة الشرطة بضبط النفس.
وخلص التقرير الأولى لمصلحة الطب الشرعي إلى وجود كدمات متفرقة في جسد ريجيني، وقطع في الأذن، فضلاً عن آثار تعذيب ونزيف حاد وكسر في الجمجمة، أحدثت نزيفاً داخلياً، مما أدّى إلى وفاته بحسب مصدر قضائي لصحيفة أخبار اليوم المصرية.
وكان مسؤول كبير في النيابة العامة المصرية قد أعلن الخميس 4 فبراير/ شباط 2016 أن السلطات عثرت على جثّته ملقاة على طريق وبها حروقٌ ناتجة عن سجائر وآثار تعذيب أخرى ونصفها السفلي عار.
وطلب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الخميس سرعة إعادة جثمان ريجيني إلى بلاده.
ورفضت وزارة الخارجية الإيطالية التعليق حين سُألت ما إذا كانت السلطات المصرية تحترم المطلب الإيطالي بالتحقيق في موت ريجيني، تحججت بالرغبة في احترام خصوصية العائلة المنكوبة.
استدعاء السفير
واستدعت وزارة الخارجية الإيطالية السفير المصري للتعبير عن القلق إزاء وفاة الطالب الذي اختفى في القاهرة يوم 25 يناير/ كانون الثاني الذي وافق الذكرى الخامسة لثورة الخامس والعشرين من يناير التي أطاحت بحسني مبارك بعد حكم دام 30 عاماً.
وقال المستشار شعبان الشامي، مساعد وزير العدل للطب الشرعي بحسب صحيفة المصري اليوم إن المصلحة ستنتهي من إيداع تقريرها النهائي بشأن العثور على جثمان الشاب الإيطالي خلال 10 أيام.
وأضاف أن السفير الإيطالي حضر إلى المشرحة برفقة سكرتير السفارة الإيطالية في مصر، وطالب بنقل جثمان الطالب إلى المستشفى الإيطالي بالقاهرة تمهيداً لنقله لروما.
وذكر أن الجثمان لن يتم نقله إلا بعد تشريحه، والعثور على عينات من جسده وإرسالها إلى المعمل الكيميائي، وإعداد تقرير حول حالة الجثة.
زيارة للطب الشرعي
وكان السفير الإيطالي بالقاهرة ماتسيريو ماساري، قد زار مصلحة الطب الشرعي، الخميس، حيث التقى بالدكتور هشام عبد الحميد رئيس المصلحة، الذي أطلعه على تقرير الطب الشرعي الأولي.
وقال الدكتور هشام عبد الحميد، إن السفير الإيطالي قام بمناظرة الجثة، واطلع على التقرير الأولي للتشريح، مؤكداً أنه سيتم إرسال تقرير الطب الشرعي إلى النيابة العامة باعتبارها صاحبة الاختصاص في إعلانه.
وبحسب موقع مصراوي قال اللواء علاء عزمي، نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، الخميس إن التحريات الأولية تشير إلى أن الواقعة مجرد حادث سير، وليس جنائياً.
وقال مسؤولون أمنيون إن جثة ريجيني (28 عاماً) طالب الدراسات العليا في جامعة كمبريدج وجدت في بداية الطريق الصحراوي الذي يربط بين القاهرة والإسكندرية.
وقال أحد أصدقاء ريجيني إنه اختفى بعد أن غادر مسكنه في حي الدقي بالجيزة وذهب للقاء صديق بوسط القاهرة.
وقد يضرّ الحادث بجهود مصر لتصدير صورة الاستقرار للعالم ولجذب السياح والاستثمارات الأجنبية بعد سنوات من الاضطرابات السياسية وهجمات المتشددين الإسلاميين.
وقالت الخارجية الإيطالية أنها تتوقع "أقصى درجات التعاون على جميع المستويات في ضوء جسامة الحدث الاستثنائية."
مهتم بالقضايا العمالية
وقطعت وزيرة الصناعة الإيطالية فيدريكا غويدي زيارة مدتها يومان لمصر مساء أمس الأربعاء بعد توارد أنباء عن وفاة ريجيني.
وأشارت التقارير إلى أن غويدي التقت مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي صباح الأربعاء-قبل العثور على جثة ريجيني-وتم إخبارها أن هذه المسألة ستحصل على اهتمام شخصي من الرئيس نفسه.
لم يؤكد مسؤول في السفارة المصرية في إيطاليا بشكل قاطع ما إذا كانت الرحلة قد انتهت فجأة.
كان اللقاء علامةً على العلاقات الهامة بين البلدين، خاصة بعد اكتشاف حقل نفط غازٍ كبير في مصر من قبل شركة Eni التي تدعمها الحكومة الإيطالية، وهو اكتشاف قال عنه الرئيس التنفيذي للشركة أنه "سيغير قوانين اللعبة" في مصر.
ويتضح من سيرة ريجيني الذاتية قدمها صديق آخر له أنه يتحدث أربع لغات وحاصل على عدة منح دراسية. وكان يجري بحثاً يتركز على النقابات العمالية في مصر بعد الثورة.
وفي الأيام التي تلت اختفائه، حاول أصدقاء ريجيني الحصول على معلومات عن مكانه عبر تويتر، مستخدمين هاشتاغ #whereisgiulio (أين جوليو).
وتقول جماعات حقوقية إن الشرطة تقوم باعتقالات بناء على القليل من الأدلة وإن هناك حالات ضرب أو تعذيب وإن عشرات اختفوا منذ عام 2013، وتنفي السلطات مزاعم ارتكاب الشرطة لانتهاكات.