يدور الحديث من وقت لآخر حول شمولية الإسلام كنظام كامل شامل لكل نواحي الحياة.. وأن هذا النظام يحوي تفاصيل شاملة كاملة لا تحتاج إلا أن تستخدمها لتنقل العالم إلى رغد العيش.
يعكس ذلك تعريف ويكيبيديا الذي كتبه بعض المتحمسين لهذه الفكرة:
الإسلام دين شامل تناولت تعاليمه جميع أمور الدنيا التي نعيشها. فهو دين ودولة، خلق وقوة، سياسة وحكم، ومادة وثروة. كما أنه دعوة وجهاد وهو الدين الصحيح لأنه آخر الديانات الصحيحة وأكثرها استحقاقاً، وأيضا غير محرف كمثل بعض الديانات الأخرى التي حرفها الناس، وغير مستحدث من قبل البشر كبعض الديانات. لذا فهو يتناول نظاما فيه قواعد وشروط تنظم حياة الناس بأفضل الطرق. ويجب على كل حكومة إسلامية اتباع نظامه الذي وضعه الخالق عز وجل.
من نفس المنطلق ظهرت نظريات البدائل الإسلامية وبدأ أصحابها المتحمسون في التسويق لكثير من الأوهام باسم الإسلام والحديث عن البديل الكاسح الماسح لكل المشاكل في المجتمعات.
بديل البنوك الإسلامية
كان اختبارا لهذه الفكرة عند بداية إنشاء ما يسمى بالبنوك والشركات الإسلامية.
فقد ظهر واضحا وقتها أنه لا يوجد نظام مالي إسلامي أصلا.. (وهذا طبيعي جدا).
وما فعله القائمون على البنوك وقتها أن طوروا أنظمة (بشرية الصنع) متوافقة (قدر الإمكان) مع تعاليم الإسلام (وهذا جيد جدا) ! لكنه هنا ظهر الفرق الكبير بين الحقيقة والخيال.
ما يعرفه العاملون في مجال البنوك الإسلامية أنه لا يوجد بنك إسلامي (بالمفهوم التقليدي) نهائيا (لأن هذا مستحيل في ظل تركيبة الاقتصاد العالمي الحالية).
ببساطة شديدة يمكن أن تعمل نظامًا ماليًّا متوافقًّا مع التعاليم البوذية وهذا لايعني أن النظام المالي بوذي في هذه الحالة وبنفس الطريقة ما يسمى النظام المالي الإسلامي.
شركات المساهمة الإسلامية
يتذكر أغلبنا أيضا شركات المساهمة الإسلامية التي وعدت الناس بالأعاجيب وتم التسويق لها في المساجد وفي الحلقات الدينية وكيف أنها ستقفز وتلقم الناس الذهب من سحر وبركة النظام الإسلامي في الإدارة والتعاملات. وياله من سحر!
لاحقا خسرت هذه الشركات وجرفت معها أموال المودعين والتي كان أغلبها مدخرات للبسطاء. لقد مارست هذه الشركات تضليلا غير مسبوق في كثير من الدول العربية.
لتنجح أي شركة تحتاج إلى خبرات ومهارات إدارية إلى غير ذلك وليس تعويذة سحرية.
الفن الإسلامي
جاءت لاحقا موجة الفن الإسلامي والأغاني "الحلال" أو ما تسمى الأناشيد
كانت الأغاني وقتها "حرام" بينما الأناشيد "حلال". ما الفرق: الأغاني تستخدم "الموسيقى" بينما الأناشيد تستخدم "الإيقاع"! وكان يتم المساواة بين مغني عود محتشم وملتزم في أدائه وراقصة في ملهى ليلي رخيص على اعتبار أن كلهم يستحلون الموسيقى!
ذات مرة قبل سنوات طويلة دار نقاش بيني وبين فنان، منشد "إسلامي" شهير في الجزيرة العربية حول أغانيه حيث إنه يصر أنها حلال 100% لأنه يستخدم فقط إيقاعا جاهزا من الكمبيوتر!!
كما أنه يحرص على عمل نسخة بدون إيقاع على غرار نسخة خفيفة الدسم لأنه لا يريد خسارة أي عميل محتمل. لن أدخل في تفاصيل الحوار وسأترك حرية الانطباع للقارئ.
بزنس ماركة الإسلام التجارية
لم تتوقف الموجة عند ما سبق! بل تطورت إلى الطب والمستشفى الإسلامي والسياحة الإسلامية والمنتجات الإسلامية مرورا بالبيرة الإسلامية ووصولا إلى صابون شعر "حلال" وكذا أيضا أرز "حلال" أيضا! لقد تم تحويل الإسلام إلى مصنع كبير للمعلبات والمنتجات!
هل توجد ملعقة إسلامية وأخرى يهودية؟
الحقيقة أنه لا توجد أدوات مسلمة وغير مسلمة.. الأدوات هي الأدوات أينما كانت. السكين هي السكين والملعقة هي الملعقة. وكذا الحال في القوانين والأنظمة المالية والعلوم والفنون، كلها أدوات يمكن أن نستخدمها كيفما نشاء. الورطة التي أقحم البعض الإسلام فيها كانت تحليل وتحريم الأدوات نفسها.
إن محاولة إيجاد البدائل لما هو موجود يحشر المسلمين في أسفل هرم الإبداع والابتكار وفيما غيرهم يبتكر ويتقدم يشغل بعض المسلمين بعضهم بعضا في إعادة إنتاج بدائل لما هو موجود فعلاً بدلا من الاستفادة منه والمضي للأمام.
لايوجد نظام محاسبي إسلامي، يوجد نظام حسابات يقوم بإعطاء النتائج فقط حسب ما تمت برمجته. لا يوجد طب إسلامي وكاثوليكي.. الطب كأي علم يعتمد على البحث والمعرفة ثم الأدوات التقنية وغيرها. سواء استخدمها مسلم أو أحد سكان المريخ.
استخدام الإسلام كعلامة تجارية لبيع السلع والمنتجات وزيادة الأرباح هو تضليل كبير من ناحية وإحراق لسمعته من ناحية أخرى. هل يعني عندما تفشل شركة أو منتج "إسلامي" أن الإسلام خسر؟ أو أن الإسلام سبب تسمم غذائي؟ أو أن الإسلام يأكل أموال المودعين عبر شركات فاشلة أو محتالة!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.