أكدت الكاتبة الأميركية ذات الأصول المغربية ليلى لالامي أن الإصلاحات القليلة التي أجرتها المغرب إبان ثورات الربيع العربي أنقذها من الاضطرابات التي جلبتها الثورات لدولها.
وقالت في مقال نشرته صحيفة "الغارديان"، السبت 23 يناير/كانون الثاني 2016، إن "حركة 20 فبراير" قد حققت هدفاً أوسع نطاقاً، حيث أثبتت أن الضغوط الشعبية يمكن أن تفرض التغيير السياسي.
وإلى نص المقال:
غالباً ما يتم وصف المغرب باعتبارها مستثناة من الاضطرابات التي جلبها الربيع العربي إلى شمال إفريقيا والشرق الأوسط. فبينما سادت الاضطرابات السياسية والصراعات الطائفية بل والحروب الأهلية معظم أنحاء الإقليم، ظلت المغرب هادئة نسبياً.
ويرجع ذلك في الأساس إلى صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تشريعية بعد أسابيع قليلة من اندلاع الاحتجاجات الشعبية في المملكة.
لا تعني سوى القليل
ولكن ماذا تعني هذه الإصلاحات للشعب المغربي؟ إنها تعني القليل إذا ما قمنا بقياس التغيير وفقاً لأسلوب تعامل الدولة – في صورة ضابط شرطة أو مسؤول حكومي – مع المواطن العادي.
ففي أوائل هذا الشهر على سبيل المثال، خرج المعلمون المتدربون إلى الشوارع في الدار البيضاء وطنجة وفاس ومراكش احتجاجاً على التدابير التي اتخذتها الحكومة الجديدة بشأن إلغاء المنح الدراسية وضمانات الحصول على وظائف بالدولة. وقامت قوات الشرطة بمواجهتهم وضربهم بعنف مبالغ به.
وفي وقت لاحق، أصدرت وزارة الداخلية بياناً يشير إلى ادعاء البعض الإصابة.
وعلاوة على ذلك، تستمر الحكومة المغربية في مضايقة الصحفيين المستقلين الذين يجرأون على تجاوز خطوطها الحمراء المتمثلة في: الإسلام والملك والدولة. ويمكن أن يؤدي انتقاد هذا الثالوث إلى الزج بأي صحفي في السجن بتهمة لا تتعلق بالصحافة مطلقاً.
الحكومة تتأثر بالنقد
فعلى سبيل المثال، هناك قضية علي أنوزلي، الذي انتقد المملكة في وقت سابق وتم اتهامه في سبتمبر/أيلول 2013 بتقديم المساعدات إلى الإرهابيين حينما قام بنشر رابط لقصة حول فيديو دعائي لتنظيم القاعدة بدول المغرب العربي.
وقضى الصحفي 5 أسابيع بالسجن قبل أن يتم منحه إطلاق سراح مشروط. وفي هذا السياق، فمن غير المدهش أن تحتل المغرب المرتبة 130 ضمن المؤشر العالمي لحرية الصحافة بعد دول مثل أفغانستان وجنوب السودان وكولومبيا.
ويتأثر جهاز الدولة بالمغرب بالنقد إلى حد كبير حينما يكون النقد ضمن أحد الأنماط الفنية أو الثقافية.
ففي العام الماضي، تم حظر عرض فيلم "الزين اللي فيك" للمخرج نبيل عيوش، والذي يتناول عن كثب الدعارة في مراكش.
ولم يكن ذلك هو الفيلم الأول الذي يتناول قضية الدعارة، ويبدو أن رد الفعل ناجم عن وصف السياح الخليجيين الأثرياء باعتبارهم الزبائن الرئيسيين للعاهرات المغربيات.
ومع ذلك، فقد تم اتهام عيوش بتشويه صورة المغرب بسبب جرأته في عرض الفيلم بمهرجان كان الدولي. فهل هناك ما يفسد صورة المغرب أكثر من هؤلاء الذين يفضلون تجاهل هذه القضية دائماً؟
الضغوط يمكن أن تفرض التغيير
ومع ذلك، هناك دلائل تشير إلى أن "حركة 20 فبراير" قد حققت هدفاً أوسع نطاقاً، حيث أثبتت أن الضغوط الشعبية يمكن أن تفرض التغيير السياسي.
ففي مارس/آذار 2012، انتحرت أمينة فيلالي البالغة من العمر 16 عاماً بعدما أجبرها والداها والقاضي المحلي على الزواج من مغتصبها.
وقد جاء ذلك وفقاً للمادة 475 من القانون الفرنسي الاستعماري الذي يسمح للرجل بتجنب عقوبة الاغتصاب في حالة الزواج من الفتاة القاصر التي اغتصبها.
وأدت وفاة فيلالي إلى اندلاع مظاهرات عنيفة، ما أدى إلى موافقة البرلمان المغربي بإجماع الآراء على إلغاء المادة 475 من قانون العقوبات.
ومن ثم، فربما أن حركة 20 فبراير قد أخفقت في تحقيق أهدافها، ولكنها أثبتت أن الشعب المغربي يستطيع ممارسة الضغوط الشعبية لتحقيق ما يصبو إليه.