تتبنى الدنمارك، الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني 2016، تعديلاً لقانون الهجرة يهدف الى ردع طالبي اللجوء عن المجيء إليها مع أنه يتضمن مخالفات للمعاهدات الدولية.
ويؤكد رئيس الوزراء الليبرالي لارس لوكي راسموسن، الذي تحظى حكومة الأقلية التي يقودها بتأييد المعادين للهجرة في الحزب الشعبي الدنماركي، أنه يتحمل بالكامل مسؤولية مشروع القانون الذي وصفه بأنه "أكثر نص أسيء فهمه في تاريخ الدنمارك".
وانتقدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمنظمات الإنسانية القانون الجديد، وكشف استطلاع للرأي أن قضية الهجرة في رأس اهتمامات 70% من الدنماركيين.
مصادرة المقتنيات
وقالت وزيرة الهجرة والاستيعاب والسكن، اينغر ستويبرغ، في إفادة أمام لجنة الحريات المدنية في البرلمان الأوروبي في بروكسل، أمس الاثنين، إن "أعداداً كبيرة من اللاجئين يتدفقون على حدودنا ونتعرض لضغط هائل".
وتستهدف الانتقادات خصوصاً الجانب المتعلق بمصادرة مقتنيات ثمينة من المهاجرين لدى وصولهم الى الدنمارك؛ بهدف استخدامها لتمويل فترة وجودهم في البلاد قبل البت في طلبهم اللجوء.
لكن بنوداً أخرى حول ظروف الإقامة وتقليص حقوق اللاجئين الاجتماعية وإطالة المهل المتعلقة بلمّ شمل العائلات، تثير جدلاً وخلافات أيضاً.
واتهمت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة الدنمارك بتغذية "الخوف وكره الأجانب".
وحملت وسائل إعلام أجنبية خصوصاً على مصادرة المقتنيات، حتى أن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية شبّهت ذلك بمصادرة ممتلكات اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، بينما عبرت المنظمات الدولية عن قلقها خصوصاً من القيود التي تتعلق بشروط الإقامة ولمّ شمل العائلات.
وتريد كوبنهاغن أن ترفع من سنة حالياً الى 3 سنوات، المهلة التي ينبغي انقضاؤها قبل لمّ شمل العائلات لبعض طالبي اللجوء.
خيار مستحيل
وقالت منظمة العفو الدولية إن هؤلاء المهاجرين سيواجهون "خياراً مستحيلاً". وقالت مساعدة مدير أوروبا، غاوري فان غوليك: "إما أن يقوموا مع أطفالهم وأقربائهم برحلات خطيرة أو أن يتركوهم خلفهم وينفصلوا عنهم لمدة طويلة، بينما يستمر أفراد عائلاتهم في مواجهة أهوال الحرب".
وتصويت البرلمان اليوم شكلي، إذ إن الحكومة وافقت على إدخال تعديلات على القانون لضمان الحصول على دعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة وحزبين يمينيين صغيرين.
فقد رفعت قيمة المقتنيات التي يمكن الاحتفاظ بها بحيث تتم مصادرة الأموال النقدية التي تتجاوز 10 آلاف كورون دنماركي (1340 يورو) والمقتنيات التي تتجاوز قيمتها 10 آلاف كورون بدلاً من 3000. كما يسمح للمهاجرين بالاحتفاظ بكل قطعة لها قيمة معنوية مثل خواتم الزواج.
وفي رسالة إلكترونية مؤرخة في 15 يناير/كانون الثاني وجّهت الى الحكومة الدنماركية، قال مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا، نيلز مويزنيكس، إن مسألة لمّ الشمل تثير تساؤلات بشأن مدى تطابقها مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ومعاهدة الأمم المتحدة حول حقوق الطفل.
ردع المهاجرين عن المجيء
تتمتع الدنمارك باستثناء يعفيها من اتباع سياسة الهجرة الأوروبية. لكنها ملزمة بالاتفاقيات الدولية التي وقعتها، ويقترح رئيس الوزراء تعديلها في ضوء أزمة الهجرة غير المسبوقة التي تشهدها أوروبا.
وقال راسموسن في ديسمبر/كانون الأول إنه إذا استمر تدفق المهاجرين الى أوروبا "فسنصل الى لحظة تفرض علينا مناقشة الأمر لتصحيح الوضع".
ومنذ انتخابه في يونيو/حزيران الماضي، وعد راسموسن بأن "يبطئ فوراً" تدفق اللاجئين على الدنمارك التي تسلمت 21 ألف طلب لجوء في 2015.
ومن الإعلانات التي تنشرها في الصحف العربية الى تشديد شروط الإقامة وخفض الإعانات الاجتماعية، تخوض كوبنهاغن "سباقاً للحد من جاذبية" البلاد في نظر الراغبين في اللجوء اليها.
وقال كاشف أحمد، القيادي في الحزب الوطني الذي يتطلع الى أصوات المهاجرين: "لا شك أن لهجة الجدل حول اللاجئين والمهاجرين باتت أكثر حدة".
وتأمل هذه الدولة الاسكندنافية في تجنب تدفق اللاجئين عليها كما حدث مع جارتها السويد التي فرضت مجدداً في نوفمبر/تشرين الثاني إجراءات مراقبة على حدودها، بينما كانت تستقبل 10 آلاف مهاجر في الأسبوع، ولم تعد قادرة على تأمين مساكن لهم.
وبعد إقرار النص من قبل البرلمان سيعرض على الملكة مارغريت الثانية لتوقعه ليدخل حيز التنفيذ مطلع فبراير/شباط.