أمي.. كفاني الله بكِ وجوداً.

أمي أنتِ أغنية القلب الأبدية، دندناتك تسكن جوارحي وتؤمنِّي من كل شر، أنتِ الملجأ والملاذ، أنتِ فرحة السكينة. الحنين إليكِ طاعة وإرضاء للخالق، البكاء بين يديكِ فريضة، لا يستطيع أي منازع أن ينازعك، ولا يقوى أي كائن أن يحل محلك

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/23 الساعة 03:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/23 الساعة 03:06 بتوقيت غرينتش

أمي كانت دائما تكذب علي وتقول لي كُل الطعام فأنا لست جائعة، خذ نصيبي فأنا لا أريده، خذ هذه النقود فأنا لست بحاجة إليها، خذ معطفي لتدفئ نفسك فأنا لا أحس بالبرد، وعندما كانت تتألم وتراني قلقا عليها تخفت بأذني لا تحزن فأنا لست مريضة ولو استطاعت الأم أن تعطي فلذة كبدها قلبها لأعطته.

لمسة يدكِ لي دواء وشفاء، نظراتك رحمة وستر، ابتسامتك رضا ووعد بالاطمئنان في دنياي وآخرتي، ضمة صدركِ خير من الدنيا وما فيها، في قلبك رحاب وفي عتابك وتوبيخك محبة وعلى جبينك فيض من رحمة الرحمن، أنتِ يد الله الحانية على الملكوت، دعاؤك يقرع أبواب السماوات فتسمع الملائكة، تطلبين فتُجابين، وتبكين فترق لكِ السماوات والأرض.

أمي أنتِ أغنية القلب الأبدية، دندناتك تسكن جوارحي وتؤمنِّي من كل شر، أنتِ الملجأ والملاذ، أنتِ فرحة السكينة. الحنين إليكِ طاعة وإرضاء للخالق، البكاء بين يديكِ فريضة، لا يستطيع أي منازع أن ينازعك، ولا يقوى أي كائن أن يحل محلك، دعوات لي بمثابة سياج متين وعناية ربانية ترعاني ودرب مستقيم أسير عليه، دعواتك يد الله على قلبي الظامئ.

ياه، أتذكر في كل صباح عندما كنتِ توقظينني بالدعاء متمنية لي الخير كله، كنت لا أعلم أن ذلك الصباح الحقيقي في العالم أجمع وكان يجب علي أن أفز وأنفض النوم لأراه، كنتِ تعلمين جيداً أن الرزق بيد الرزاق فكنتِ تسألينه أن يُنزل خير السماء وأن يعطيني من خير الأرض. كنتِ تدعين لي في كل شيء، عندما أقدم لكِ طعاماً أو حتى أمدد يدي لأساعدك على الوقوف، كنتِ لا تنسيني من دعائك لي قبل أن أذهب إلى النوم، كفَّاكِ كانتا مستعدتين أن تُرفع في كل وقت وحين وكأنك تؤمنِين أن أكفك خُلقت هكذا لتعانق السحاب لأجلي في كل حين.

أمي أنتِ كل حياتي أنا لولاكِ سأضيع وانتهى، أنتِ حمايتي بعد الله، دعواتك تصادم القدر في عنان السماء، لأجلكِ الملائكة تكرمني من غير أن أصنع شيئا، عن ماذا أتحدث يكفي أن الجنة تحت قدميك الطاهرتين فلا جمال ولا حنان ولا رعاية ولا حب مثل ما تقدمين لي، فرضا ربي من رضاك.

أمي أنتِ الشخص الوحيد الذي سيُسامحني مهما اخطأت، قد أكون قصرت في حقك وقد أكون عاقاً من غير قصد، لأنني لم أستطع أن أبادلك نفس الحب وبنفس المقدار الذي تكنينه لي فشجرة عفوك لا تنضب مهما تعرضت لرياح الحزن والألم.

أيتها الأم الحنون المنيرة الطيبة، أيتها الأم الصابرة المثابرة النقية المستبشرة، أيتها الأم الحانية الرؤوفة الرحيمة، أيتها الأم الوفية التقية الرحيمة العظيمة، شكرا أمي لكل شيء فعلته لأجلي، اللهم أسعد أمي فإنها أسعدتني وارزقها الجنة فإنها جعلت حياتي جنة، فلا تحرميني من جميل دعائك فما زلت أتوضأ به صباح مساء.

فيارب اجلعني بارًّا بوالديَّ ومطيعاً لهما، اللهم آمين

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد