“أنا شاركت” في مقابل “أنا لم أشارك” .. حرب “الهاشتاغات” تشتعل بمصر قبل ذكرى 25 يناير

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/19 الساعة 08:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/19 الساعة 08:26 بتوقيت غرينتش

"رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي، وأعظمها نعمة وشرف الإسهام في الثورة ".. هكذا كتب حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق والقيادي الناصري المعروف، في تغريدة له على تويتر مشاركاً في الحملة التي انطلقت في مصر تضامناً مع الناشط الدكتور طاهر مختار، عضو نقابة الأطباء وعدد من الناشطين السياسيين في مصر، بعد توجيه اتهامات لهم بالمشاركة في ثورة يناير.

وفور إطلاق هاشتاغ "أنا شاركت في الثورة " على موقع تويتر، صار الأكثر تداولاً على "الترند" المصري بآلاف التغريدات في ساعات قليلة . وغرّد الآلاف منددين بالثورة المضادة التي تتهم ثورة يناير بأنها مؤامرة أميركية وأنها تسببت في انهيار الاقتصاد والأمن في مصر.

وفي تغريدة له على تويتر قال شادي الغزالي حرب، أحد رموز قيادات الشباب في يناير، إن مشاركته في 25 يناير أهم عمل في حياته، وقال: "كنت جزءاً من التحضير لهذا اليوم العظيم." واعتبر مشاركته في الثورة هي هديته لأولاده ، وأنهم لن يفرطوا في هذه الهدية .

وفي المقابل، دشن نشطاء آخرون أمس هاشتاغاً مضاداً هو" أنا لم أشارك في يناير" قالت صحيفة اليوم السابع إنه تصدر الترند المصري على موقع التواصل الاجتماعي أيضاً، فور إطلاقه، الأمر الذي يعكس حالة الانقسام حول ثورة يناير، واشتعال حرب إلكترونية قبل أيام من الذكرى الخامسة للثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.

صراع التصوّرات

وقد حاول كل طرف من طرفي الصراع الترويج لعدد من المفاهيم من خلال الهاشتاغ الذي أطلقه.
ففي الوقت الذي روى الآلاف من الشباب والنشطاء تجربتهم في الثورة، ونبل أهدافهم، وما كشفته الثورة من حجم فساد مالي وإداري للوطن، روى مناهضون أسباب رفضهم للثورة لأنها فتحت بوابات جهنم للانفلات الأمني في مصر، ما هدد الاقتصاد وجعل عجلة الانتاج تسير ببطء، متهمين ثورة يناير بالتسبب في ضعف السياحة في مصر.

أسماء محفوظ، إحدى الناشطات الشهيرات التي أسهمت في اشعال فتيل الثورة والتي تلاحقها حتى الان اتهامات بالعمالة، شاركت فى هاشتاغ "أنا شاركت في الثورة" بتغريدة قالت فيها إن "ثورة يناير هي أعظم شرف وفخر لكل من شارك بها ثورة على الفساد والظلم.. ثورة على الحرامية.. ثورة على سلخانات الداخلية الثورة لسه مخلصتش والله لا نيجي فى يوم ونرجع نكملها".

ثورة يناير هي اعظم شرف وفخر لكل من شارك بهاثورة على الفساد والظلم .. ثورة على الحرامية .. ثورة على سلخانات الداخلية الثورة لسة مخلصتش والله لانيجي في يوم ونرجع نكملها#أنا_شاركت_في_ثورة_يناير

Posted by Asmaa Mahfouz on Saturday, January 16, 2016

فيما قالت الناشطة منى سيف شقيقة السجين الشهير علاء عبد الفتاح: "خايفة نتوه عن أعظم حاجة حصلتلنا ونتعزل جوة فقاعة نصر وهمي ونتحول لناس محشورين بس فى حتة بيرددوا نفس الحواديت زى كل مرة فى كل سنة."

انا اسفة بقالي أكتر من سنة مش قادرة أشارك في رحلات الذكريات اللي مرتبطة بلحظات حسستنا ان الحلم على مد أطراف الايد فيه…

Posted by Mona Seif on Saturday, January 16, 2016

في المقابل روج مطلقو هاشتاغ "أنا ماشاركتش في الثورة"، ومعظمهم يستخدم أسماء رمزية أو أسماء غير واضحة مثل الدكتورة منى، أو عزيز أو ابن مصر وغيرها من الأسماء المستعارة، سبب رفضهم لثورة يناير لارتباطها عندهم بما أسموه بـ"حالة العنف والانفلات" التي بدأت مع أيام الثورة الأولى، والبعض الآخر برر عدم مشاركته فى الثورة أنه لم يكن يوجد أي تنظيم سياسي واضح المعالم في مصر غير الحزب الوطنى الحاكم آنذاك وجماعة الإخوان المسلمين كما برر الكثيرون عدم المشاركة بوجود ما أسموه بأجندات أميركية وغربية للإضرار بمصر.

واستخدم المشاركون في الحملة المضادة لثورة يناير هاشتاغين: الأول يقول "لم أشارك في ثورة يناير"، والثاني هاشتاج "#عيد_الشرطه_يوم_الشرف".

انقسام مجتمعي حقيقي

اللافت أنه كلما ظهر هاشتاغ مؤيد للثورة أو يذكّر بأحداثها يظهر في مقابله هاشتاج آخر يندد بها والعكس صحيح.. فكما ظهر هاشتاغ "إحنا آسفين ياريس" من قبل أنصار مبارك في الأيام الأولى لمحاكمته، ظهر هاشتاج "إحنا آسفين يا مصر" من قبل الثوار الذين لم يرتاحوا لنتيجة المحاكمة.

ويبدو أن حرب الهاشتاغات المصرية ستتواصل طالما ظل الانقسام المجتمعي حول القضايا السياسية.

الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية التابع لأكبر مؤسسة إعلامية شبه حكومية في مصر، حازم عمر يرى أن الجدل لا يزال مستمراً حول طبيعة ما حدث في يناير قبل خمس سنوات، وهل هو ثورة أم مؤامرة مشيراً إلى أن ما يحدث على ساحة مواقع التواصل ليس سوى انعكاس لما هو موجود على أرض الواقع، مستشهداً بما حدث في انتخابات البرلمان في دائرة الدقي، التي كانت المعركة بها واضحة بين مؤيدي ثورة 25 يناير يمثّلهم الدكتور عمرو الشوبكي، في مواجهة رافضي تلك الثورة ويمثلهم الإعلامي عبد الرحيم علي.

ويقول عمر إنه بعيداً عن المصالح الشخصية والاتهامات بالتخوين من كلا الطرفين، فإن القاعدة الكبيرة من جمهور كل طرف ينطلق من رؤية وطنية، وفي الوقت الذي يرفع مؤيدو ثورة 25 يناير شعاراتها وأهدافها السامية، يقول الآخرون، أن لتلك الوقائع تأثيراً سلبياً على البلاد، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، وما حدث في بعض بلدان الربيع العربي من تفكك في كيان الدولة دفع قطاعات من الشعب لتأييد تلك الرؤية.

النظام تعلّم الدرس

في حين قال جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن الشبكات الاجتماعية زادت أهميتها وزاد حجم مستخدميها بشكل واسع، وبعض الهاشتاجات والحسابات مازالت تزعج النظام المصري، وتلك الحرب على الصفحات تمثل بديلاً للصراع الميداني في المرحلة السابقة، وتشغل النظام بدرجة كبيرة خاصةً وأن مستخدمي فيسبوك في مصر يقدرون بالملايين حيث ذكرت بعض التقارير إن مستخدمي فيس بوك وصل عددهم إلى 28 مليون مصري، فيما يستخدم خمسة ملايين مصري موقع تويتر في الوقت الراهن، بحسب جمال عيد.. "وهذه أرقام تقريبية لا يمكن توثيقها بدقة في مصر ولكن يمكن استخدامها كمؤشرات على شيوع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي سياسياً لاسيما وأن ثورة يناير بدأت بنشاط على صفحات فيسبوك."

ورغم الحروب التي تشنها الأجهزة الأمنية ضد تلك الحسابات، سواء بالتشويه، أو المطاردة الأمنية لآدمن الصفحات، أو بحرب إلكترونية عليها، فإن هناك -بحسب خبير حقوق الإنسان المصري – إقبالاً واسعاً على متابعة تلك الصفحات، والمشاركة في حملة "الهاشتاغات" التي تدشنها تعبيراً عن مناهضة النظام الحالي بمصر. ومع ثورة 25 يناير كان هناك صفحات "كلنا خالد سعيد" و قبلها كانت "6 إبريل"، التي بدأت نشاطها الثوري على صفحات فيسبوك.

ومع ارتفاع عدد المستخدمين لم تعد هناك مجموعة أو صفحة واحدة قادرة على الاستحواذ على اهتمام غالبية المصرييين أو غالبية من شارك في الثورة وصارت هناك مجموعات متنوعة تمثل تيارات فكرية وسياسية شتى.

ولم يكتف النظام الحاكم، كما يقول عيد، بمراقبة الصفحات والهجوم عليها بل انتقل إلى المشاركة في تلك الحرب الافتراضية مدركاً خطورة ترك الساحة للناشطين، فقرر أن يكون طرفاً في تلك الحرب، ودشن ما يمكن أن نسميه بال"جيش الإلكتروني " أواللجان الإلكترونية لتنفيذ عدة مهام، منها: الهجوم على الصفحات المعارضة للنظام ، وشن حملات تعليقات هجومية على مثل هذه الصفحات وما تنشره من آراء.

أما الدور الثاني فهو تأسيس صفحات وجروبات تعمل على جذب رواد تلك الصفحات، وعدم تركهم لحملات المعارضة، والتوسع في استخدام الأجندة التي يتم توزيعها على وسائل الإعلام المصرية.

إنها الحرب الإلكترونية

بدورها قالت هبة حسن الناشطة المتخصصة في رصد صفحات السوشيال ميديا، إن التدوين السياسي على مواقع التواصل الاجتماعي كان في الماضي عشوائياً، يعتمد على اجتهادات شخصية إلى حد ما، لكن الوضع الآن صار مختلفاً بعدما أدركت جميع الجهات أهمية تلك الوسائل في التأثير على الرأي العام.

وصار التدوين يتم وفق رؤية شاملة، ورسائل محددة تحددها الجهة التي تشرف على تلك الصفحة أو مجموعة صفحات، أو جروبات عامة، وذلك لإيصال رسالة محددة، وذلك وفق الرؤية السياسية التي تعبر عنها تلك الجهة، بما في ذلك الجهة الحكومية، والتي تشرف أجهزة الأمن على معظم صفحاتها أو جروباتها.

وأشارت إلى أن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي الآن يمكن وصفه بـ"حروب إلكترونية"، ويتم وفق علم يتطور مع الوقت، من وضع خطط واستهداف شرائح، وحملات "هكرز"، أو هجوم مضاد، ووصلت تلك المعركة إلى التأثير على سياسات مسئولي وسيلة التواصل الاجتماعي، وهناك رصدٌ لتعاون بين الدولة وبعض وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"، وهو ما ظهر في تحديد آدمن بعض الصفحات.

تحميل المزيد