إلى بريء خليل…
البكتريا اللطيفة التي تحول الحليب إلى لبن زبادي تعطيه معنى آخر..الأصدقاء بكتريا بجدائل ملونة.
أكثر من خمسة عشر عاماً ونحن أصدقاء وأقل من عشر صور فوتغرافية تجمعنا..! وكلما أوقفك حرس الحدود ستفتح الذاكرة لك الكثير من الأبواب بعضها سيكون جميلاً، أكثر من خمسة عشر عاماً ونحن نتقاسم الوقت والضحك.
الأن أنت خارج البلاد -عم يقولو صارعندك ولاد.. هههه- نتحدث عبر السكايب ونضحك.. ضحكتي تبدأ بالثانية عشرة ليلاً بتوقيت اللاذقية وضحكتك في الثانية بعد منتصف الليل بتوقيت نيودلهي، كلما أردنا أن نثرثر ستسهر أكثر مني لذلك تستحق ثلثي الوقت الجميل.
أنت خارج البلاد والحرب ما زالت مستمرة وقد أكون غداً من بين الأموات، حين تسمع خبر موتي التقط لنفسك صورة فوتغرافية وأنت تضحك وكأن أحداً ما روى لك دعابة.
لنضحك ياصديقي فالحياة عاهرة ستأخذ منا كل شيء ولن تسمح لنا بقضاء ليلة معها.. لنضحك فالضحك ضد الموت.. لنضحك كي لا نشعر بالوحدة على الأقل.
يا صديقي في الغربة إذاعضك كلب شارد تذهب إلى المشفى وفي بلادك إذاعضك كلب شارد تتصل بي كي آتِ إلى منزلك وتروي لي ما حدث ونضحك.. الشيء الرائع في هذه الحياة دائماً هو هذا الفارق، الفارق بين المشفى ومنزلك.
هل تفكر بأن تعود؟ ربما لن تعود!
الآن ليلة رأس السنة وأنا بالسبعين من العمر حولي أولادي العشرة وأحفادي العشرون.. قبل منتصف الليل بقليل أذهب إلى الحمام برفقة عكازي، وبعد قضاء حاجتي يختل توزني بحكم أني هرم فأسقط ويُحدث سقوطي دوياً هائلاً.. يركض الجميع خارج المنزل ليشعلوا الألعاب النارية.. سقوطي ظنوه ألعاباً نارية!
أنت الوحيد الذي سيركض إلى حمام بيته ويصرخ عبر فوهة الحمام هل أنت بخير يا صديقي الوحيد؟ أقترب من الفوهة وأقول:
"يلعن أخت مستقبلي" ونبدأ الضحك، فتقول: "يلعن أخت حظي" ونستعيد الذكريات "بعت بيتك يا عرص" ونضحك "الحياة داعرة" ونضحك.. ونضحك على غباء الفيسبوك حين أقترحك لتكون صديقي معلناً أنه بيني وبينك ثمانون صديقاً مشتركاً!
أنت تعلم أنه بيني وبينك لا يوجد أصدقاء مشتركون لأنك الأول منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.. فجأة ينقطع الاتصال بسبب عطل في قنوات الصرف الصحي العالمية.. أغلق باب الحمام ولأني ممتلئ بالحياة والذكريات أفكر بكتابة نص مفتوح تكون بدايته: البكتريا اللطيفة التي تحول الحليب إلى لبن تعطيه معنى آخر.. الأصدقاء بكتيريا بجدائل ملونة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.