بين الكومباوند والعشوائيات في المحروسة

نتيجة لهذه الفجوة نرى حاليًا اتجاه الأغنياء إلى العيش فيما يسمى "الكومباوند" وهو أشبه بالمستوطنات حيث سور عال يحيط به مع وجود مكثف للأمن على بواباته، وبداخله يوجد كل ما يحتاجه الفرد من مشاف ومدارس ومتاجر للتسوق

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/11 الساعة 05:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/11 الساعة 05:07 بتوقيت غرينتش

بالنظر إلى حال مصرنا المحروسة مقارنةً بدول العالم.. سنجدها من دول العالم الثالث والتي تعني تخلفاً اقتصاديًّا واجتماعيًّا واعتماداً شبه كامل على الاستيراد وطرد الكفاءات والتَبَعِية والنظرة العَبِسة لكل صوت يريد التغيير للأفضل والكثير من المساوئ الأخرى التي لا نلاحظها إلا في هذا النوع من البلدان والأمم التي لا تريد الاعتراف والنهوض بما لديها من قدرات وكفاءات.

ليست المشكلة هنا فحسب.. لكن أيضًا في هيكلية النظام المجتمعي المصري، فهناك تباين كبير وواضح بين طبقات المجتمع لدرجة أنه لم تعد هناك أصلًا طبقات، فأصبحت الفجوة كبيرة جدا، حيث لم يعد بإمكاننا الحديث عن طبقة غنية ومتوسطة وأخرى فقيرة.

فالذي يوجد في مجتمعنا حاليا هو غني يزداد غنًى وفقير لا يقدر حتى على تلبية أقل ما يتمناه وهو طعامه، أما ما كان يسمى بالطبقة المتوسطة فهذه أساسًا لم يعد لها وجود في مصر. كل هذا ولا نرى للدولة أي ردة فعل لمحاولة وأد هذا الشرخ الكبير في المجتمع والذي في النهاية قد يأخدنا إلى ما لا يُحمد عقباه وهو الصراع والمُواجهة المُباشرة بين هذين الفريقين.

ونتيجة لهذه الفجوة نرى حاليًا اتجاه الأغنياء إلى العيش فيما يسمى "الكومباوند" وهو أشبه بالمستوطنات حيث سور عال يحيط به مع وجود مكثف للأمن على بواباته، وبداخله يوجد كل ما يحتاجه الفرد من مشاف ومدارس ومتاجر للتسوق.. إلخ، وبهذا أصبحنا بصدد دويلات صغيرة داخل الدولة الكبيرة بحيث يُمنع على غير قاطني هذه التجمعات دخولها، أي مناطق مُحَرمة للدخول على الفقراء، فقط إن كنت ممن يملك المال تستطيع العيش والاستقرار فيها.

والمصيبة هنا الكم الهائل من الدعاية والإعلانات التي تنشر على مدار الساعة في كل مكان لتشجيع الأغنياء على ترك أماكن سكنهم الحالية والانتقال إلى هذه التجمعات حاملة شعار "انجُ بنفسك من التعامل مع من هم أقل منك" (علنًا)، دون أدنى مراعاة لشعور غير القادرين.

وهناك نوع آخر من الكومباوند، ولكن للفقراء أو بمعنى أدق "العشوائيات" وهي أحياء مُدقعة الفقر حيث الجهل والمرض والبلطجة وتجارة الممنوعات، وانعدام التعليم، ومشاف بحاجة إلى من يساعدها على الشفاء.

وإذا اتجها ببوصلتنا ناحية جنوب البلاد إلى قري الصعيد (الجواني بتعطيش الجيم) فهناك انعدام شبه تام للحياة.. لا خدمات لا ماء صالح للاستخدام الآدمي ولا كهرباء بشكل دائم، لا يوجد مستشفيات فهناك الآلاف يعانون أمراضًا مزمنة خطيرة، ولا يتوفر لهم حتى الدواء.

ونتيجة مباشرة لكل هذا نجد ما يسمى بالهجرة الداخلية وهنا في مصر لها نوعان:
– النوع الأول: هو الهجرة من القرى المهمشة في الصعيد إلى أماكن صالحة للعيش في الوجه البحري والقاهرة والتي بالنسبة لهم أشبه بالجنة مقارنة بقراهم ومدنهم المنعدمة، وتندرج هذه الهجرة أيضًا في إطار الهجرة القسرية.

– النوع الثانى: نتيجة مترتبة على النوع الأول وهو ترك الأغنياء لمنازلهم والذهاب للعيش في التجمعات والمدن الجديدة تجنبًا للاحتكاك والتعامل مع الزائرين الجدد.

الحل هنا أنه لا بد على الدولة المصرية أن تحاول مواجهة مشكلاتها بحزم ومحاربة أشكال الفساد المتربعة في كياناتها الصغيرة والكبيرة (الوزارات والهيئات الحكومية والمحليات) والعمل بروح الثورة وتطهير الدولة من كل فاسد، ومحاكمة المسؤولين على الوضع المأساوي الذي وصلنا له حاليًا محاكمة عادلة، وعدم التسامح مطلقًا مع أي فرد أخطأ في حق هذا الشعب.

والسؤال هنا:
متى ستعود مصر لسابق عهدها؟
هل تحتل القاهرة مكانتها مرة أخرى كأجمل مدن العالم؟
هل من مُجيب على كل هذه الأسئلة؟
ارحمونا يرحمكم الله.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد