في خطوة وصفت بالإسعافية وغير الكافية تمكنت 44 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية تتبع للأمم المتحدة من الدخول إلى بلدة مضايا السورية والتي تعيش حالة مجاعة مستمرة منذ شهور، ولكنها ومع كل الدعوات والمحاولات لم تحمل معها أي طحين أو ألبان للأطفال رغم أنهم كانوا المتضرر الأكبر من الحصار.
مصدر مسؤول في الأمم المتحدة تحدث لشبكة أخبار CNN عن أن اتفاق إدخال المساعدات تم بالضغط على الحكومة السورية وأشار إلى أن هناك قافلة أخرى ستدخل إلى بلدتي كفريا والفوعة بالتزامن.
#شاهد | رئيس المجلس المحلي لـ #مضايا: ما يحدث مهزلة لأن الشاحنات التي دخلت قليلة ولا تحتوي طحينا
https://t.co/qK0lJf9Ymf
— قناة الجزيرة (@AJArabic) يناير 11, 2016
يذكر بأن بلدة مضايا السورية الواقعة في الجنوب الغربي المتاخم للحدود اللبنانية تضم أكثر من 40 ألف مدني نصفهم من النازحين بحسب إحصاءات المجلس المحلي للبلدة وهي تخضع لحصار خانق تنفذه كل من قوات النظام السوري وقوات حزب الله اللبناني منذ شهر يونيو/حزيران 2015.
مضايا كانت قد تلقت شحنة مساعدات مشابهة بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين أول قبل أن تعود المجاعة لتضرب سكانها، وأحصت منظمة أطباء بلا حدود وفاة 28 شخصاً على الأقل بسبب الجوع في البلدة المحاصرة منذ الأول من ديسمبر/ كانون الأول.
غير كافية!
الناشط جود الدمشقي والمتواجد في مضايا قال لـ "عربي بوست" بأن الأمم المتحدة أدخلت ما يقارب 8 آلاف سلة غذائية إضافة إلى 4 آلاف سلة طبية
و20 ألف بطانية"، مؤكداً أنه لم يصل ضمن المساعدات أي حليب للأطفال رغم معاناتهم الشديدة وتأثير الجوع الأكبر عليهم.
"بالطبع هي غير كافية" يقول جود "تزن السلة الغذائية بحدود 33 كيلو غرام وهي مخصصة لـ5 أشخاص، المساعدة ستكفي لأيام معدودة قبل أن يعود شبح الجوع ليخيم ثانيةً على المدينة".
نحن بالطبع بحاجة لهذه المساعدات يقول جود "لكننا بحاجة إلى قرار أممي يدفع النظام لفك الحصار الدائم، الحصار المنفذ من قبل النظام وقوات حزب الله هو جريمة حرب وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لحماية المدنيين".
الكل جائع
ماهر زيتون 28 عاماً قال لـ "عربي بوست" إننا "ننتظر المساعدات منذ الساعة 5 صباحاً، وكان من المفترض بدء دخول الشاحنات صباحاً، لا نعرف حقيقة أسباب التأخير".
وأضاف "كل سكان مضايا تجمعوا عند مدخل البلدة رغم درجات الحرارة المتدنية، أطفال البلدة كلهم كانوا هنا أيضاً، الكل جائع والكل يحاول الحصول على حصته من المساعدات أولاً، الفوضى كبيرة الآن والمجلس المحلي يحاول تنظيم المدنيين دون جدوى".
وعن الوضع الإنساني يقول ماهر "لا أعلم بالضبط كم من الوقت سيمضي دون أن يعود شعور الجوع إلى مهاجمتنا، طوال الفترة الماضية كنا عاجزين تماماً أمام من يموتون جوعاً معظمهم كانوا أطفالاً أو شيوخاً، حاولنا مساعدتهم كثيراً لكن دون جدوى، والعجز أحياناً أصعب من الجوع".
موتنا مؤجل
"النظام يستخدمنا كوسيلة ضغط على المجتمع الدولي" يقول مراد برهان النازح من الزبداني والمقيم منذ 8 أشهر في بلدة مضايا لـ "عربي بوست"، "سياسته أن يتاجر بأرواحنا وجوعنا لتحقيق مكاسب في الشمال على حساب قوات المعارضة".
برهان يعتبر أن وسائل إعلام النظام تدَّعي أن المسلحين المعارضين "هم من يعملون على تجويع الأهالي، ويصورنا على أننا دروع بشرية مختطفة، وفي الحقيقة هم من يحاصروننا ويمنعوننا من مغادرة البلدة، هناك عدد كبير من العائلات تحاول يومياً التوجه نحو العاصمة دمشق دون جدوى".
في الوقت نفسه عدد كبير من أهالي مضايا حزموا حقائبهم بهدف الاستنجاد بوفد الأمم المتحدة ليغادروا معهم ولكن محاولاتهم باءت بالفشل لأن سيارات الأمم المتحدة غير مخولة بنقل الأشخاص.
لحم قطط ونفايات
وعند مدخل مضايا، وجدت امرأتين تجلسان على حقائب سفر بانتظار إجلائهما.
وروى علي عيسى (61 عاما) الوالد لـ8 أطفال، وهو ينتظر إجلاءه وعائلته لفرانس برس، "ليس هناك كهرباء ولا تدفئة ولا حتى غذاء، الأسعار مرتفعة جدا، ثمن علبة الشاي 25 ألف ليرة سورية (83 دولاراً)، لم يعد لدينا أموال أو أدوية".
وتنتظر هبة عبد الرحمن (17 عاما) بدورها مغادرة مضايا مع عائلتها المؤلفة من 5 أفراد، وقالت لفرانس برس "منذ 15 يوماً لا نأكل سوى الحساء، رأيت بأم عيني شاباً يقتل قططاً لتقديمها إلى أفراد عائلته على أنها لحم أرانب"، وأضافت "هناك أشخاص يقتاتون من النفايات وآخرون يأكلون الأعشاب".
وشددت قوات النظام والمسلحون الموالون لها الحصار على مضايا قبل حوالي 6 أشهر. وهي واحدة من 4 مناطق سورية مع مدينة الزبداني المجاورة والفوعة وكفريا، تم التوصل إلى اتفاق بشأنها في سبتمبر/أيلول بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة ينص على وقف لإطلاق النار وايصال المساعدات وإجلاء الجرحى ويتم تنفيذه على مراحل عدة.
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ مارس/آذار 2011 بمقتل أكثر من 260 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح ولجوء أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.