ماذا لو كان ذلك النّور في آخر النّفق قطاراً قادماً باتّجاهنا؟

قد تتساءلون كيف عرف بوجودهم واستجابتهم؟ هنا تأتي القاعدة الثانية: استخدم حواسك السّت (نعم، ليس الخمس فقط.. بل قد يكون الحدس أهمّها) وحاول.. استشعَرَ الطفل وجود من هو حوله، ومجدّداً، لأنّه مفعم بالأمل، قرّر أن يحاول، وكانت الاستجابة له شحنةً جديدةً من الأمل. أمّا القاعدة الثالثة فهي: لا تستسلم. ليست الحياة سهلةً لدرجةِ أن كلّ شيء ينجح من المرّة الأولى -إن كان سينجح- ولو كان الأمر كذلك ما احتجنا للأمل أصلاً!

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/05 الساعة 06:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/05 الساعة 06:12 بتوقيت غرينتش

كثيراً ما نشبّه مسيرتنا في الحياة أو جزءاً منها على الأقلّ بالنّفق المظلم ونقول إنّ الأمل موجود في ذلك النّور الموجود في نهايته..

نعيش على ذلك الأمل الذي نؤمن بوجوده دون أن نبصره أحياناً، ولا ندرك حتّى ماهيّته، لدرجة أنّنا قد نتساءل أحياناً: "ماذا لو كان قطاراً قادماً باتّجاهنا؟"
تعوّدنا على ذلك، حتّى أصبح افتراض وجود النّفق غير قابل للنّقاش، أصبح حقيقةً، على الأقلّ كان كذلك بالنّسبة لي، حتّى اللّحظة الّتي أدركتُ فيها أنّه فعلاً غير موجود، بل نحن من نبنيه بأنفسنا أو نسمح للآخرين بأن يبنوه حولنا..

إنّ حياتَنا، يا أصدقائي، هي النّور بحدّ ذاته، هي الأمل، لأنّنا في الحقيقة ننتقل من ظلمة إلى أخرى، من ظلمة الرّحم إلى ظلمة القبر، فإن لم تكن حياتنا الآن وهنا هي الأمل والنور فأين ومتى تكون؟
في الرّحم، نكون في ظلامٍ مطبق، في وحدةٍ، ومجهول..
لكنّنا نجترع الأمل من الغذاء الّذي يصلنا ممزوجاً بالحنان والحبّ..
وحين نصبح مستعدّين للمواجهة، نقرر الخروج، بكلّ شجاعة إلى ما كان يوماً ما مجهولاً، إلى الحياة، وإلى مزيدٍ من الأمل..
وتبدأ التّحديات.. لكنّ ذلك الطّفل المفعم بالأمل لن يستسلم بسهولة..
الأمل 101: البكاء. فلو لم يكن الطفل مؤمناً بوجود الأمل ما كلّف نفسه عناء البكاء! لكنّ إدراكه ويقينه بوجود من سيستجيب له جعله لا يتردّد أبداً في ذلك! وهذه هي القاعدة الأولى: الإدراك واليقين بوجود مستجيب.

قد تتساءلون كيف عرف بوجودهم واستجابتهم؟ هنا تأتي القاعدة الثانية: استخدم حواسك السّت (نعم، ليس الخمس فقط.. بل قد يكون الحدس أهمّها) وحاول.. استشعَرَ الطفل وجود من هو حوله، ومجدّداً، لأنّه مفعم بالأمل، قرّر أن يحاول، وكانت الاستجابة له شحنةً جديدةً من الأمل.
أمّا القاعدة الثالثة فهي: لا تستسلم. ليست الحياة سهلةً لدرجةِ أن كلّ شيء ينجح من المرّة الأولى -إن كان سينجح- ولو كان الأمر كذلك ما احتجنا للأمل أصلاً!

مع أوّل سقوط له، خلال محاولته المشي، يفقد الطفل قليلاً من مخزون الأمل، لكنّ كل خطوة ناجحة تتلوها، تعيد ملء المخزون بما يكفي وأكثر، مشكِّلَةً بذلك الثّقة بالنّفس والإيمان بضرورة الاستمرار والمحاولة. الأمر نفسه ينطبق على جميع ما نتعلّمه أو نمارسه لأوّل مرّة.

يا أصدقائي، أما لاحظتم التّعبير الّذي نستخدمه؟ "فَقَد الأمل".. الأمل دائماً موجود، نحن من نفقده! وفي كلّ مرّة نفقده فيها نكون أمام خيارين: إمّا أن نبحث عنه فنجده من جديد، أو نستجيب لليأس ونبدأ بوضع -أو نسمح لغيرنا بوضع- الحجارة الّتي ستتحوّل مع الوقت إلى ذلك النّفق المظلم..
أنا هنا لأقول لكم: ابحثوا عنه وستجدونه!
ابدأوا بالبحث في داخلكم، وستجدونه..
ستجدونه مع كلّ صمتٍ بعد دقّة قلب، منتظراً الدّقّة التّالية.
ستجدونه مع كلّ رفّة عينٍ تُظلم فيها الدّنيا، مدركاً أنّها لن تطول.
ستجدونه مع كلّ خليّة تنقسم، يرى فيها الحياة القادمة.

وحين تجدونه في داخلكم، انظروا إلى الخارج، وسترونه في كلّ مكان..
في غياب الشمس وطلوعها من جديد.
في سقوط الورقة وظهور غيرها.
في هدوء البحر وفي العاصفة.
في جذورٍ تشقّ طريقها -نحو الأسفل!- من بذرةٍ وجدت نفسها في مكانٍ بعيدٍ عن أصلها، مدفونةً بالتّراب.
في مياهٍ جَرَت كي تروي هذه الجذور.
في سيقانٍ تخترق التّراب صاعدةً نحو نورِ الشّمس والهواء الطّلق.
في ثمارٍ ما كانت لتنبت لولا غذاءٍ وصلها متحدّياً الجاذبية.
في طفلٍ يولد، يبكي، لا يستسلم ويواجه الحياة.
في كل ذلك.. وأكثر.
الأمل فطرة، حافظوا عليها!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد