لتكن 2016 عام صحافة السلام
لا تخلو المواقع الإلكترونية الإخبارية من صور الحرب والدمار والذبح لأطفال ونساء وشيوخ، أمر أصبح اعتيادياً وأغلبه نقل لوقائع وأحداث حقيقية، وهنا معنى الصحافة: نقل الخبر كما هو حال حصوله.
لكن قليلاً ما نرى نقلاً للخبر كما هو بحيادية، فتبدأ التكهنات في ذات الخبر من ذات الموقع عن المتسبب بالتدمير وهنا تبدأ المعركة الحقيقية في توجيه الرأي العام والوقوف مع جهة ضد أخرى بحسب توجهات الصحافي أو ميله لجهة معينة أو ميل الصحيفة أو الموقع أو الجهة الإعلامية.
وما أسهل أن يتشرب القارئ وجهة النظر المكتوبة في الخبر بل ويدافع عنها في الغالب وأخذها على محمل الجد
فلم يعد الصحافي ناقلا للخبر بل مشاركا فيه وهنا يبدأ الخطأ فالتأكد من مصدر الخبر أصبح آخر اهتمامات الصحافي والنقل أسهل ويبدأ الخيال، كم من صورة روج لها على أنها صورة لطفل مقتول في منطقة ما في التاريخ الفلاني ولم تكن الصورة كذلك فالمكان والزمان والحادثة مختلفة، كم خبر تفجير وصور دمار تناقلتها وسائل الإعلام لم يكن هدفها إلا ترويع الناس وتخويفهم وتحشيدهم ضد جهة معينة فالصحافي غير متأكد من الصورة لكنه أميل لتصديق الخبر الوارد له لأن الجهة الفلانية حسب معلوماته و"معتقداته" ترجح ذلك! فتبدأ الصيحات وتمتلأ صفحات مواقع التواصل شتماً أو حباً في الجهة التي تبنت الحادثة.
دون أدنى شعور بردة الفعل الصادمة والمخيفة، دون أدنى شعور بالمصلحة العامة، بتجرد من الإنسانية يطلق الخبر.. واستقطاب الجماهير الهدف.
تبدأ الأحقاد تبدأ الصراعات وهو ما عمل الصحافي جاهدا على تكوينه لأنها الطريقة الأسهل لجلب القراء. فجَّر قنبلته الخبرية دون التأكد وتوَّجَها بعنوان برَّاق يستقطب القراء وبعدها فليتصارع العالم!
آن الأوان للصحافي التعامل بإنسانية مع الخبر فالعالم لم يعد يحتمل من الشائعات والأخبار المزيفة والتحشيد والتوجيه لجهة ضد أخرى
الساحة مليئة دون تحشيد أو توليد للصراع الأخبار لو نقلت كما هي فهي جالبة للقراء فالمعلومات مثيرة في ذاتها من دون تبهير أو تلميع أو إشعال لفتنه.
وعلى القارئ عدم التسليم بالمكتوب خبرا وهو طلب أشبه بالتوظيف لمهمة كان من المفترض تجاوزها مع صحافة راقية لا تهدف لا للاستقطاب ولا لإشعال الفتنة بين البلدان والأحزاب والشعب نفسه.
هل نستطيع ذلك فعلا؟ هل يستطيع الصحافي أن ينقل الخبر كما هو وأن يتروَّى في حالة الصور البشعة والدمار وأخبار تبني الحوادث وهو ليس تعامياً أو إغفالاً للحقائق أو الأخبار المهمة إنما هي صحافة السلام التي تريد للعالم الأفضل من خلال إنتاج أعمال تعمل لمصلحة العالم دون أنانية دون فتنة دون كذب أو تلفيق هدفها المصالحة وتقريب وجهات النظر هدفها التخفيف من أمراض المجتمع النفسية هدفها التخفيف من الأحقاد هدفها نقل الخبر دون وجهة النظر.
أمنيتي لعام 2016 أن يعي الصحافي دون تجرده من مهنته ومهنيته أبعاد ما يكتب وينقل خاصة في صور الموت والأشلاء والعلاقات بين الدول وترجيح المصلحة العامة على أهداف حزب أو مصلحة شخصية أو استقطاب لتتنازل الجهات الإعلامية هذا العام! ولتكن صحافة سلام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.