تصاعد الأزمة بين دول الخليج وإيران وسط دعوات غربية للجم التوتر

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/04 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/04 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش

تصاعدت الاثنين 4 يناير/كانون الثاني 2016، حدة الأزمة بين السعودية وإيران على خلفية إعدام الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، مع حذو حلفاء للمملكة حذوها بقطع العلاقات وخفض التمثيل الدبلوماسي مع طهران، بينما دعت دول كبرى إلى احتواء التوتر الذي ينذر بتداعيات إقليمية.

وغداة إعلان الرياض قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، اتخذت البحرين إجراء مماثلا، بينما أعلن السودان طرد السفير الإيراني، واستدعت الإمارات سفيرها في طهران، وأضيف إلى هذه الخطوات، الإعلان عن اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب الأحد المقبل.

دول عدة سارعت إلى التحذير من تصاعد التوتر، فأعربت روسيا عن استعدادها "لدعم" بين الخصمين اللدودين السعودية وإيران، في حين دعت باريس وبرلين وواشنطن ولندن وروما إلى لجم التوتر الذي بدت مؤشرات على احتمال تمدده، مع إطلاق مسلحين النار على دورية للشرطة في المنطقة الشرقية حيث تتركز الغالبية الشيعية في السعودية، وتفجير مسجدين للسنة في العراق.

إعدام النمر

الأزمة الجديدة بين السعودية وإيران جاءت على خلفية إعدام النمر مع 46 شخصا آخرين بتهمة "الإرهاب"، وأدين النمر (56 عاما) بتهم "اشعال الفتنة الطائفية" و"الخروج على ولي الأمر" و"حمل السلاح في وجه رجال الأمن". في المنطقة الشرقية من السعودية عام 2012، بينما أدين معظم المحكومين الآخرين بالضلوع في اعتداءات منسوبة إلى تنظيم القاعدة بين عامي 2003 و2006.

إعدام النمر أثار غضب طهران، وهاجم متظاهرون غاضبون السفارة السعودية في طهران وأحرقوها إضافة إلى القنصلية السعودية في مدينة مشهد.

قطع العلاقات

وردت السعودية بإعلان وزير خارجيتها عادل الجبير الأحد قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران وطرد دبلوماسييها خلال 48 ساعة، كما وصل إلى دبي ليل الأحد الاثنين، قرابة 80 دبلوماسيا سعوديا وأفراد عائلاتهم من إيران.

دول قريبة من السعودية سارعت اليوم إلى اتخاذ خطوات شبيهة.

فقد أعلنت البحرين في بيان "قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، والطلب من دبلوماسييها المغادرة "خلال 48 ساعة".

وشمل القرار إغلاق بعثة البحرين لدى إيران وسحب كل طاقهما.

كما أعلن السودان قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران "فورا"، بحسب بيان لوزارة الخارجية التي أكدت أن القرار يأتي على خلفية "حادثة الاعتداء الغاشم على سفارة" السعودية وقنصليتها.

الإمارات

أما الإمارات التي تحظى بعلاقات تجارية واقتصادية جيدة مع إيران، فقد استدعت سفيرها وخفضت التمثيل الدبلوماسي.

وأفاد بيان للخارجية الإماراتية أن أبو ظبي قررت خفض التمثيل "الى مستوى قائم بالأعمال وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في الدولة"، كما تم "استدعاء" سفيرها في طهران سيف الزعابي تطبيقا للقرار.

وعللت خطوتها بـ "التدخل الإيراني المستمر في الشأن الداخلي الخليجي والعربي والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة".

وفي القاهرة، أفاد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي عن اجتماع طارئ لوزراء الخارجية الأحد المقبل، بهدف "إدانة انتهاكات إيران لحرمة سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد"، إضافة إلى "إدانة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية".

انتقادات إيران

وكانت إيران وجهت انتقادات حادة للسعودية على خلفية إعدام النمر.

ففي حين اعتبر الرئيس حسن روحاني أن الهجومين على الممثليتين "غير مبررين على الإطلاق"، اتخذ المرشد الأعلى آية الله علي الخامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسة الإيرانية، موقفا أكثر حدة، مؤكدا أن السعودية ستواجه "النقمة الإلهية" جراء إعدام النمر.

وتعليقا على قطع العلاقات، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية جابر الأنصاري اليوم إن السعودية ترى "مصالحها ووجودها في مواصلة التوتر والمواجهات، وتحاول حل مشاكلها الداخلية عبر تصديرها إلى الخارج".

وكانت الخارجية اعتبرت في وقت سابق أن قرار الرياض لن يؤدي إلى نسيان "خطئها الجسيم" و"الاستراتيجي" بإعدام الشيخ النمر.

دعوات للجم التوتر

ويتنافس البلدان على النفوذ في الشرق الأوسط والخليج، وهما على طرفي نقيض في أزمات دامية في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق واليمن.

وتخوفا من انعكاس هذا التوتر على أزمات دامية وشديدة التعقيد، سارعت دول كبرى للدعوة إلى التهدئة.

وزارة الخارجية الروسية أعلنت أن موسكو "مستعدة لدعم" حوار بين الرياض وطهران، طالبة "بإلحاح" منهما "والدول الخليجية الأخرى ضبط النفس"، وسلوك "طريق الحوار".

كما دعت فرنسا إلى "وقف تصعيد" التوتر بين السعودية وإيران، بحسب تصريحات للناطق باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول الذي اعتبر أن "تميز فرنسا هو قدرتها على الحوار مع الجميع، وقد ذكر وزير الخارجية (لوران فابيوس) بالرغبة في وقف التصعيد".

كما دعت برلين عبر المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ستيفن سيبرت، إلى بذل كل ما في وسعهما "لاستئناف علاقاتهما".

وكانت أميركا طالبت الأحد قادة دول الشرق الأوسط بالقيام بـ"خطوات لتهدئة التوترات".

المتحدث باسم الخارجية جون كيربي قال "نعتقد أن الحوار الدبلوماسي والمحادثات المباشرة تبقى أدوات أساسية لحل الخلافات وسوف نواصل حض قادة المنطقة على القيام بخطوات ايجابية لتهدئة التوترات".

ودعا نائب وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، توبياس إلوود، الأحد كلا من السعودية، وإيران، إلى "تحمل المسؤولية وضبط النفس"، بعد تعرض سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد لاعتداءت، أمس السبت، احتجاجاً على إعدام الرياض، نمر باقر النمر، رجل الدين السعودي (شيعي).

كما دعت إيطاليا كلاً من السعودية وإيران إلى الحد من التوتر، محذرة في الوقت نفسه، من "تفاقم خطر الانقسامات" داخل العالم الإسلامي.

وقالت الخارجية الإيطالية "روما تشجع كلاً من السعودية وإيران، على القيام بكل ما هو ممكن للحد من التوتر، وعدم السير نحو التصعيد الذي يحمل المخاطر للجميع"، محذرة من "تفاقم خطر الانقسامات داخل العالم الإسلامي مما يجعلها خارج نطاق السيطرة، ويفضي إلى تقويض الجهود الدبلوماسية الجارية لحل الأزمة الخطيرة المستجدة في المنطقة".

توترات أخرى

وفي مؤشر جديد إلى التوتر، أطلق مسلحون النار مساء الأحد على دورية للشرطة في بلدة العوامية بشرق السعودية، مسقط الشيخ النمر.

وتزامنا مع تصاعد موجة الغضب لدى الشيعة في إيران والعراق وبلدان أخرى إثر إعدام السعودية للشيخ النمر، أعلنت الشرطة العراقية وشهود الاثنين وقوع انفجارين هزا مسجدين سنيين في مدينة الحلة جنوب بغداد.

وفي حادث آخر، اغتال مسلحون مجهولون مساء الأحد طه الجبوري، إمام ومؤذن جامع محمد عبد الله جبوري السني في ناحية الإسكندرية العراقية، وفقا لمصدر في الشرطة.

شقيق النمر

ودان محمد النمر، شقيق رجل الدين، الاثنين "الاعتداء" الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد السبت.

وقال في تغريدة عبر "تويتر"، "نقدر العواطف تجاه الشهيد الشيخ النمر (…) ولكن نرفض وندين الاعتداء على سفارات وقنصليات المملكة في إيران وغيرها".

بدورها، لم تسلم الرياضة من تداعيات التوتر بين طهران والرياض.

فقد طالبت أندية الهلال والنصر والأهلي والاتحاد السعودية المشاركة في دوري أبطال آسيا لكرة القدم على مواقعها الالكترونية، بعدم لعب مبارياتها المقررة مع الأندية الإيرانية في إيران ونقلها إلى أرض محايدة.

تحميل المزيد