أرسلتْ لي أخت كريمة تسألني.. كيف أوفِّق بين عملي الإعلامي وواجبي كزوجة ولدي زوج وبيت وأولاد؟
تلخيص الجواب..
أهم ما ساعدني في هذا الأمر هو تغيير نظرتي لمعايير الحياة التي يمكنني أن أعيش فيها.. كيف ذلك؟
على سبيل المثال بالنسبة لي.. ترتيب البيت أهم من مسحه، فمسح الغبرة والأرض والنوافذ، يمكن أن أستعين بسيدة تقوم بها كل 10 أيام مرة -ليس أقل- وخلال العشرة أيام يتسلى الأولاد ببعض منها كمسح الغبرة وكنس الأرض كواجب لا يحيدون عنه.
في حال كان البيت مرتباً والحمامات نظيفة فهذا يكفي لأعيش مرتاحة، أما التعزيل، فهذا يمكن كل سنة مرة -وليس كل فصل- بالاستعانة أيضاً بسيدة.
ترتيب الأدراج والخزائن، أنجزه عند ترتيب الملابس الصيفية والشتوية فقط، أي مرتين في السنة..
ليس عندي في حياتي شيء اسمه "مونة" على الإطلاق، أستعيض عنها ببعض المفرزات الجاهزة، أو معلبات "المربى ورب البندورة/الطماطم وما شابه" وغالباً ما أعتمد على أكل الصيف للصيف وأكل الشتاء للشتاء.
بالنسبة للطبخ فاختصار المراحل "هوايتي":
الكوسة قطع في الشيخ المحشي، الملفوف/الكرنب مفروم مع الرز -مو ضروري لفه- الخضراوات المسلوقة على نار هادئة صحية أكثر وتوفر وقتاً عن القلي، أفضل أنواع الأكلات عندي ما كان مؤلفاً من "طنجرة -قِدْر- واحدة فقط"، المقبلات "فليفلة أو سلطة بس".
بعض المراحل يمكن أن تتعاون فيها أفراد الأسرة كلها، كالتقطيع والتقشير والجلي..
بمعنى آخر أعمال المطبخ نقوم بها كلنا -أنا وزوجي والأولاد- بطواعية تامة من منطلق التشارك الذي نعيشه على مدى 17 سنة هو عمر أسرتنا.
وضع المائدة ونزعها ومسح الطاولة من اختصاص الولاد حصراً.. وليس هذا فقط بل إطعام القطة وتنظيفها وترتيب غرفتهم وملابسهم كله من اختصاصهم.. طبعاً بعد ما أعملهم اللازم..
هذا التقليل من حجم العمل المنزلي جعلني في كثير من الأحيان عندما أمارس بعض الأعمال أقوم بها من باب التسلية وتغيير الجو، كطهي بعض أنواع الحلويات أو حتى كي الملابس.
لا أنكر أنني لست متفوقة في أعمال المنزل، ولا أعادل ربع معشار ما كانت عليه أمي وحتى أخواتي، ولكني أعيش في حالة من السلام النفسي على نحو لا أشعر بالضغط الذي تعيشه أغلب سيدات البيوت -ضغطي من نوع آخر- السبب في هذا بشكل أساسي هو تغيير النظرة والتقييم لما "يجب" أن يكون عليه البيت..
بمعنى آخر، تختلف نظرتي لعادات التنظيف التي تأكل وقت المرأة وخصوصاً السورية، يجعلها لا تستطيع أن تكون شيئاً في الحياة.. فأنا أشعر أن وقتي أثمن من أن أقضيه في إزالة الغبار أو مسح الأرض، أو تعزيل المطبخ، فهناك ما ينتظرني غير هذه الأعمال..
كتاب أقرأه، مقال أكتبه، فيلم أشاهده، صديقات وأصدقاء ألتقيهم، هذا طبعاً غير عملي اليومي المطلوب مني وعليّ إنجازه، بصفتي موظفة ككاتبة ومعدة برامج. هناك أيضاً رياضة أمارسها، جزء قرآن أتلوه، هواية أنمي قدراتي بها، تواصل على الإنترنت مع المعارف، أطفالي وحديثي معهم ومتابعتي لهم، قهوتي اليومية مع زوجي ومشوار "وحدنا" نقوم به كل أسبوعين ولو سرنا في الطريق قليلاً ثم رجعنا.. وغيرها..
أعمال كثيرة يمكن أن تنمي نفسي وتجعلني سعيدة، أعمال بها أكون "أنا" غير "شغل البيت الذي لا ينتهي"..
المعوّل عليه في كل ما سبق ما يلي:
1- أن تتغير نظرتكِ لموضوع "شغل البيت" يتغير تقييمك لما يجب على البيت أن يكون حتى تسعدي في الإقامة فيه، بمعنى التنازل عن المثالية ودرجة الكمال، إذ أثبتت الدراسات "دراساتي أنا" أن البيت يكفيه 45% من النظافة العامة لتستطيعي العيش بسعادة..
2- تحديد الأولويات والالتزام بها ، بمعنى الترتيب أولى من المسح، وما تراه العين أولى مما اختفى وراء الستارة أو تحت الكنبة أو داخل الخزانة.
3- التحلي بمهارة التفويض وقبول المساعدة وترك فكرة أن الأشياء لا يمكن لأحد أن يقوم بها إلا أنت.. يمكن لغيرك من أفراد العائلة القيام بها مع توجيهك غير المزعِج لهم.
4- الاستعانة بسيدة تقوم بأعمال البيت الكبيرة ولو 3 مرات في الشهر لمن يستطيع، أو ستضطرين إلى القيام بهذا بنفسك مع تعاون أفراد العائلة كلهم على مدى 3 أيام في الشهر ليس أكثر على ألا تكون أيام الإجازة الأسبوعية بينها.
5- تخصيص أعمال في البيت تكون مهمات واجبة ولازمة لزوجك وأولادك، من قبيل التشارك بعد الحوار والقناعة بأن لكل منكم دوره وواجباته التي لن يحظى بنتائجها إن لم يقم هو بها
6- حاولي الاختصار من خطوات الطبخ، ودعي عنك "منال العالم وأخواتها الشريرات".
هذا ما أراه حالياً ولا أعلم إن كان كلامي نظرياً، ولربما كان كل ما سبق لا أستطيع القيام به، لولا رضا زوجي وموافقته لمنهجي في الحياة.. ولو كان بطبع آخر لما استطعت ذلك..
المهم أن تدركي أن تنظيف البيت عمل ميكانيكي يمكن لأي أحد أن يقوم به عنك أو يقوم به معك، أما نفسك فإن فاتك بناؤها أو ضاع الوقت دون أن تفرحي بإنجازاتها فنظافة الدنيا كلها لن تغنيك ولن تكفيك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.