عروسٌ مع وقف التنفيذ

أنتِ يا أخيَّتي، ستنضجين وأنت ترين الفستان الأبيض حلماً لا تريدين التخلي عنه، رزقاً تشتهين استعجاله، وشوقاً إلى مجهول لا تعين ما بعده. احلمي بالفستان المزركش ذي الذيل الطويل، احلمي بوشاح الشعر المطرز، واحلمي بباقة الورد التي تتناسق ألوانها مع اللون الذي اخترتيه لتزيين جفنيك. افعلي كل هذا، وسأحلم أنا معك أيضاً، ولكن صبّي فوق رأسك ماءً بارداً حتى تستيقظي، فتجتهدي، فتحققي كياناً، فتضعي بصمة، ثمّ تدخلي مأواك الآمن وأنتِ قويّة لأَنَّ الغدر طبع متأصل في البشر ولأنّ الطير الوديع قد يتحوّل إلى صقر بمخالب تقطعك إن لم تحسني تأسيس نفسك.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/31 الساعة 02:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/31 الساعة 02:33 بتوقيت غرينتش

كنت ببغاء في مادة التاريخ، أحفظ الحروب والأبطال والتواريخ ولم أفهم يوماً على أي أساس يفتي المؤرخون أن هذا الطرف قد انتصر وعلى أي أساس يعتقد البعض أنهم محظوظون. الحرب حرب، كلنا خاسرون، ولكن الأقل خسارة هو الأوفر حظًّا. ومن المعارك الأزليّة التي حار فيها العاقلون، هي معركة الذكر والأنثى والبحث عن الذات عن طريق هدم الآخر، وندرة التفاهم بسبب اختلاف الجنسين وادّعاء أحدهما على الآخر بأنه يحسن صحبته وأنّه قد تعدّى على حقه وبأنّه مظلوم العصر ما لم تنصره بشعاراتك المؤيدة. أنا أنثى، ومهما حاولت الحياد فلن أقوى عليه ولو اجتهدت.. ولكن هو تعبير عن أفكار أنثى ومعاناة أنثى وحزن أنثى قد رأت واكتفت. وأعتقد أنها رسالة تبيين وفضفضة خاطر.

أولاً، الذكر يصبح رجلاً عندما يعي ما عليه من حقوق وواجبات ويحسن إدارة ما حوله ومن كان قادراً على استيعاب أنثى تحت ظله. والرجل لا تعني أبداً أن يترجل عن مهمته في أن يسندها ويعينها ويشركها في تفاصيل حياته. قد تجد الواحد منهم وهو يزعم التديّن والثقافة والخلق الحسن ثم يفضحه موقف واحد، كقطرات مطر أزالت غبار مساحيق التجميل عن وجه أنثى فأظهر ما قد أخفت. وكذلك لا يعني شيئاً تبجحك في الشارع وأنت تحاول أن ترضي غرورك باستعراض الأنثى التي ارتبطت بها، وإن عنى فهو يعني ما الذي ستؤول إليه عاقبتك من الخيبة والخذلان وقبح المصير. وكذلك عندما تتوقع أنَّك عاشق زمانك، فتلقي عليها كلمات الحبّ والحزن والضياع بدونها ثمّ تكمل حياتك وكأنّ شيئاً لم يكن وأنت لا تذكر ما الذي أوصلتها له، اعذرني، لا أتحدث مع أمثالك؛ فالحديث مع أمثالك للكلام تبذير.

ثانياً، كل أنثى لها أخطاؤها كما أنّ لكل ذكر أخطاءه، ومع ذلك ما تعتبره خطأً لا يعني بالضرورة خطأً لغيرك وهكذا دواليك. ومن هذا المنطلق، فإنّ معاييرنا تختلف ومقدار تحسسنا يختلف، ومقدار اهتمامك بالمقابل هو الذي سيحدّد كم من فعل ستنتهي عنه لأجل أن لا تحزن هي "بما أنّها نكديّة القرن كما هو معروف".

ثالثاً، شقّ على الكثيرين أن يعرفوا ما الذي تريده المرأة، نعم هي كائن متقلب وعليك أن تعرف ذلك من أحياء المدرسة الإعدادية. أخبروك أنّها تتحكم بها هرمونات قد تبرز جنونها أو قد تزيد البارز منه، والأنثى الطبيعية تريد كتفاً ترتكز عليه، وظهراً يقوى على الاهتمام بها، ولساناً عذباً تستقي منه والأهم من هذا وذاك، شخص تثق به ولكني على ما أظنّ أطلب الكثير. وبين هذا وذاك، تغتال مزاجيتها اللحظات.

رابعاً، أنتِ يا أخيَّتي، ستنضجين وأنت ترين الفستان الأبيض حلماً لا تريدين التخلي عنه، رزقاً تشتهين استعجاله، وشوقاً إلى مجهول لا تعين ما بعده. احلمي بالفستان المزركش ذي الذيل الطويل، احلمي بوشاح الشعر المطرز، واحلمي بباقة الورد التي تتناسق ألوانها مع اللون الذي اخترتيه لتزيين جفنيك. افعلي كل هذا، وسأحلم أنا معك أيضاً، ولكن صبّي فوق رأسك ماءً بارداً حتى تستيقظي، فتجتهدي، فتحققي كياناً، فتضعي بصمة، ثمّ تدخلي مأواك الآمن وأنتِ قويّة لأَنَّ الغدر طبع متأصل في البشر ولأنّ الطير الوديع قد يتحوّل إلى صقر بمخالب تقطعك إن لم تحسني تأسيس نفسك.

خامساً، أنا شخص لا أحبّ الحرب، أكره عدم مقدرتي على الوثوق بمن هو أمامي، تحزنني طعنة ظهر وما أوصلني إلى هذا التفكير سوى طعنات لم تزل تؤلمني حتى اليوم. أوصلتني إلى مرحلة أَنِّي أنقّي ما تقول، أضع استراتيجيات تقيني شرّك، وطرق تعينني على مكرك غير المتوقع، أكره حقيقة أَنِّي في هذه الدوامة أدور، والفضل يعود لكل من أوصلني لها.

وختاماً، الرجل خلقه الله بقدرات تفوق قدرات النساء، إمكانيات تجعلهم مؤهلين لفعل ما قد يعجزن عنه، وبرأيي هذا ليس تفضيلاً بقدر ما هو تكليف، وعليكَ القيام بما تعجز هي عن فعله، وإن استغللتَ عجزها، واستمتعت بتعبها وأخلفت وعداً قطعته لها أو خالفت شيئاً قد اتفقت عليه معها، فالويل لك من الإله والله لا يرضى بالظلم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد