"العرب، ارحلوا"، شعار ردده مئات الفرنسيين السبت 26 ديسمبر/كانون الأول 2015، في جزيرة كورسيكا ما يكشف عن مشاعر عداء ضد المسلمين التي تنتشر بشكل متزايد في فرنسا، فيما وجه مسلمو فرنسا دعوة لفتح المساجد أمام جميع الفرنسيين يومي 9 و10 يناير/ كانون الثاني، لتقديم "شاي الأخوة".
وحظرت السلطات الفرنسية التظاهرات في أجزاء من مدينة أجاكسيو عاصمة جزيرة كورسيكا الأحد في أعقاب يومين من الاحتجاجات المعادية للعرب والتوترات الطائفية.
ولليوم الثاني على التوالي، شارك المئات في تظاهرة السبت وساروا في العديد من المناطق التي تسكنها الطبقة العاملة في أجاكسيو وهتفوا بشعارات من بينها "هذا وطننا" و"أيها العرب اخرجوا من هنا".
البداية مع تشارلي ابدو
الهجمات ضد الجوامع تضاعفت بشكل كبير منذ الهجوم على مقر صحيفة شارلي إيبدو الساخرة في 7 كانون الثاني/يناير، مع تسجيل عمليات تخريب تستهدف أماكن عبادة المسلمين كما حصل الجمعة في جزيرة كورسيكا الفرنسية، وتعليق رؤوس خنازير على أبواب مساجد وصولاً إلى إلقاء زجاجات حارقة أو إطلاق النار.
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الهيئة التمثيلية لمسلمي فرنسا البالغ عددهم 5 إلى 6 ملايين مسلم، قال إن عدد الأعمال المعادية للمسلمين وصلت إلى "ذروتها" عام 2015.
وفي الأيام الـ 12 التي تلت هجوم شارلي إيبدو، أحصت الشرطة وقوات الدرك 128 عملاً معادياً للمسلمين، وهو ما يوازي عدد هذه الأعمال طوال العام 2014، وفق المرصد الوطني التابع للمجلس.
تخريب وعبارات معادية
وتواصلت طوال العام ولو بوتيرة أقل أعمال التخريب وكتابة الشعارات ضد أكبر مجموعة من المسلمين في أوروبا، في وقت تواصلت الأحداث الدامية حيث قام موظف مسلم بقطع رأس رئيس شركته في يونيو/ حزيران، وصولاً إلى هجمات باريس الدامية التي نفذتها مجموعات من الانتحاريين وأوقعت 130 قتيلاً في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني.
الهجمات أسقطت جميع الحواجز التي كانت تكتم الخطاب المعادي للمسلمين فبات يجتاح بشكل صريح الشبكات الاجتماعية في فرنسا.
وندد المرصد ضد معاداة الإسلام بـ"كراهية إلكترونية" داعياً "المواطنين إلى عدم الخلط بين الغالبية الكبرى من مسلمي فرنسا الذين يعيشون بسلام، وأقلية صغرى تدعو إلى العنف وحتى إلى القتل باسم ديانتنا".
كراهية اليمين
كما ظهرت الكراهية للمسلمين في صناديق الاقتراع مع تسجيل تقدم لحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي يندد بموجة الهجرة وبوجود المسلمين الذي يعتبره ظاهراً أكثر مما ينبغي.
وقالت ماريون ماريشال لوبن ابنة شقيقة رئيسة الحزب والمرشحة عنه في منطقة جنوب فرنسا "لا نعيش في بلادنا بالجلباب".
السياسية الشابة في الحزب الذي حصل على حوالي 30% من الأصوات في انتخابات المناطق في منتصف ديسمبر/ كانون الأول، قالت "لسنا في أرض إسلام، وإن كان بعض الفرنسيين من أتباع الإسلام، فذلك بشرط أن يلتزموا بنمط العيش والعادات المطبوعة بتأثيرات إغريقية ورومانية وبـ16 قرناً من الديانة المسيحية".
دعوة هولاند
وإزاء هذه التوترات دعا الرئيس فرنسوا هولاند هذا الأسبوع إلى "التضامن" و"الأخوة". وقال هولاند "نحن بحاجة إلى التفاؤل، حتى عندما تحل بنا مآس، لأن ما يريده الذين يعتدون علينا هو التفرقة والفصل بيننا".
وفي المقابل، تتخذ الحكومة تدابير حازمة مع إغلاق 3 مساجد تتهمها بنشر التطرف ومشروعها لإسقاط الجنسية عن حملة الجنسيتين المولودين في فرنسا في حال اتهامهم بالإرهاب.
"شاي الأخوة"
من جهته أعلن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إصدار شهادة "تأهيل" للأئمة قريباً تسلم لهم بعد امتحان معارفهم الفقهية واحترامهم لقيم الجمهورية، بهدف ضمان "إسلام متسامح ومنفتح" في مواجهة التطرف.
كما يأمل المجلس في استنهاض "روح 11 يناير/ كانون الثاني "، حين نزل ملايين الفرنسيين إلى الشوارع للتظاهر ضد الإرهاب والتنديد بالخلط بين القتلة ومسلمي فرنسا.
ودعي مسؤولو المساجد إلى فتح أبوابهم للجماهير في 9 و10 يناير/ كانون الثاني، لتقديم "شاي الأخوة".
وقال رئيس المجلس أنور كبيبش إنه "سيكون بوسع الأشخاص الذين يحضرون أن يطرحوا كل الأسئلة التي يودون، حتى الأسئلة المتعلقة بأكبر المحرمات، عن ديانتنا وطريقتنا في الصلاة، حول فنجان من الشاي وحلويات. الهدف هو الشروع في حوار حتى نعرف بعضنا بشكل أفضل ونبدد الارتياب".
وفي خطوة رمزية أخرى، حضر 10 مسلمين إلى كنيسة في لنس بشمال فرنسا لـ"حماية" قداس عيد الميلاد مساء الخميس، في بادرة أولى من نوعها كان الهدف منها "إعطاء صورة مختلفة عن المسلمين".