السعوديون يترقبون إعلان الميزانية وسط مخاوف من آثار خطط التقشف

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/26 الساعة 07:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/26 الساعة 07:17 بتوقيت غرينتش

مع اقتراب موعد الإعلان عن الميزانية السعودية العامة لعام 2016، والمتوقع إعلانها يوم الإثنين المقبل، تتزايد التكهنات والتنبؤات حول مستقبل الاقتصاد السعودي، في ظل الانخفاض الحاد لأسعار النفط، الذي يحتل نسبة 90% من بند الإيرادات.

يأتي ذلك في الوقت الذي يترقب فيه الكثير من السعوديين الانعكاسات السلبية لخطط الترشيد المتوقعة على مجريات حياتهم اليومية، وتأثيرها على تكلفة المعيشة في ظل أنباء عن إعادة توجيه دعم بعض السلع الأساسية.

وقد كشفت السعودية في أكثر من مناسبة خلال 2015، عن عزمها تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على النفط، عبر فرض إصلاحات اقتصادية.

العاهل السعودي الملك سلمان، في خطابه السنوي في مجلس الشورى، الأربعاء الماضي، أكد أن الأسعار المرتفعة للنفط خلال الأعوام الماضية أدت إلى تدفق إيرادات مالية كبيرة حرصت الدولة من خلالها على اعتماد العديد من المشاريع التنموية الضخمة وتطوير البنية التحتية إضافة إلى تعزيز الاحتياطي العام.

وكانت السعودية قد أعلنت عن أكبر موازنة في تاريخها لعام 2015 بنفقات تقدر بـ860 مليار ريال وإيرادات 715 مليار ريال، وتسجيل عجز بـ145 مليار ريال، بينما قدرت الميزانية الفعلية لعام 2014 ومقارنة مع الأرقام التي كانت متوقعة نفقات بتريليون و100 مليار ريال، وبلغت الإيرادات حينها تريليوناً و40 مليار ريال.

إلا أن فقدان أسعار النفط لأكثر من 60% من قيمته منذ منتصف عام 2014، لتتأرجح في الوقت الحالي حول 36 دولارا لسعر البرميل، قد يدفع الحكومة السعودية لتبني سياسات تبدو تقليدية في مواجهة ذلك الانخفاض، بيد أن الخطط التقشفية التي تحدثت عنها وسائل الإعلام المحلية، ما زالت في إطار الدراسة دون الإعلان الرسمي عن نية الحكومة السير قدماً في تبني تلك البرامج.

وهنا، يؤكد الخبير والمحلل الاقتصادي فضل أبو العينين لـ"عربي بوست" أن الحكومة السعودية لديها العديد من الخيارات التي تبنتها في تنويع مصادر دخلها، ففرض رسوم على الأراضي البيضاء يمثل أحد الحلول المستحدثة لتوفير المصادر الجديدة للدخل والتغلب أيضاً على بعض المشكلات الأخرى كأزمة الإسكان، فلا يمكن تجاهل أن المدن السعودية تزخر بالعديد من الأراضي التي لم يتم استغلالها من قبل ملاكها، إضافة إلى سعي الحكومة في تعزيز صادرات المنتجات غير البترولية من تشجيع المصانع وتحفيزها من خلال المنح والقروض الصناعية.

‫وبحسب أبو العينين، فقد جرى الحديث عن خطط أخرى كإعادة توجيه الدعم للسلع الأساسية، لاسيما رفع الدعم عن أسعار البنزين، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وفي حال تبني هذه الحلول -التي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع في تكلفة المعيشية للمواطن- فعلى الحكومة السعودية أن تلعب دوراً أكثر فعالية في اتباع نهج أكثر صرامة تجاه العديد من التجار الذين قد يلجأون إلى رفع أسعار سلعهم، استغلالاً منهم للأزمة.

ومن المستبعد أيضاً أن تطال الخطط التقشفية موظفي القطاع العام، الذي يضم أكثر من 19 ‪. مليون موظف، نظراً لكون تلك الشريحة تمثل البنية الأساسية للمجتمع السعودي

ترقب الشركات الخاصة

المهندس عبد الله بكر رضوان، رئيس لجنة التشييد والعقار في غرفة التجارة والصناعة بجدة يصف لـ"هافنغتون بوست عربي" أحوال قطاع المقاولات في ظل التحديات الإقتصادية.

رضوان أكد أن شركات القطاع الخاص تنظر بعين القلق إلى ما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية والتداعيات التي قد تقلص حجم الفرص المتاحة للدخول في مشاريع جديدة، لا سيما عند الحديث عن مشاريع البنى التحتية وهو القطاع الحيوي لانتعاش السوق السعودية، وذلك في حال لجوء الحكومة السعودية إلى ترشيد خطط الإنفاق على تلك المشاريع.

وأكد أنه بالفعل أعلنت عدة شركات المقاولات تسريح بعض موظفيها، تحت ذريعة انخفاض أسعار النفط، وقلة المشروعات، حيث أدت تلك الخطوة إلى دخول وزارة العمل على خط الأزمة، لحماية حقوق الموظفين وعدم استفحال سياسات تسريح الموظفين بين الشركات، لا سيما شركات المقاولات، التي قد تتذرع بانخفاض معدل الإنفاق على مشاريع البنى التحتية من جانب الحكومة السعودية.

‫"تأخر صرف مستحقات شركات المقاولات المتعاقدة مع مشاريع حكومية، إعادة هيكلة المشاريع وتقليصها، وانخفاض معدل الإنفاق على تطوير البنى التحتية.. تشكل أبرز التحديات التي قد تهدد مستقبل الشركات المحلية" حسب المهندس رضوان.

لكنه قال إن "التفاؤل ما زال سيد الموقف، خاصة أن الحكومة السعودية تنتهج سياسات للمحافظة على خطط التنمية والتطوير برغم التحديات الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، في حين أن لديها تجارب خاضتها بنجاح في الثمانينيات والتسعينيات، حينما كانت أسعار النفط تسبح في القاع".

وأضاف أن الحكومة السعودية أكدت في وقت سابق، أن المشاريع القائمة، لا سيما بناء المطارات وغيرها من المشاريع ذات الوزن الثقيل لن يطالها أي تأثير سلبي في حال استمرار انخفاض أسعار النفط.

سعيد الشيخ كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي السعودي، من جانبه اعتبر أن ميزانية السعودية المقبلة للعام 2016 ستحمل مفاجأة وفقاً لما جرى الحديث عنه من تصريحات رسمية حول أحدث تحول اقتصادي، يوجه النفقات إلى مشاريع التنمية المستدامة، وفي سياق التعامل مع تراجع النفط والعزم على تقليص الفارق بين النفقات المقدرة والفعلية‫.

وقال الشيخ في مقابلة مع "العربية. نت" إن الإعلان هذه المرة عن الميزانية، سيكشف معه حجم التغيير المتوقع في طريقة إعدادها وتوجيه النفقات الجارية والرأسمالية فيها، متوقعاً أن يكون التركيز في التغيير على جملة المشاريع الحكومية وطريقة مراقبة أداء تنفيذها بمعايير أكثر دقة‫.

واعتادت الحكومة السعودية بأن تخصص الجزء الأكبر من ميزانتها في تطوير قطاعي الصحة والتعليم، حيث خصصت ميزانية عام 2015 لقطاعات التعليم 217 مليار ريال، والصحة 160 مليار ريال، والبلديات 40 مليار ريال، وقطاع النقل والتجهيزات الأساسية 63 مليار ريال، والموارد الاقتصادية 60 مليار ريال‫، كون تلك القطاعات تشكل العمود الأساسي في تعزيز ودعم البرامج التنموية والاقتصادية في البلاد‫.

تحميل المزيد