يضجُّ العالم من حولنا بالحديث عن الإرهاب وتداعياته على المنطقة والعالم، حيث يسلط الإعلام الضوء على أخبار القتل والقصف والخطف، بالمقابل تطمس عمداً كل محاولة لنشر السلام باسم الإسلام..
فعلى سبيل المثال أين الإعلام من قضية ملالا يوسف زاي؟
لماذا لم تغطِ وسائل الإعلام العربية بشكل خاص محاولة اغتيال طفلة لم تتجاوز الـ 15 من عمرها بثلاث طلقات نارية وهي في طريق عودتها إلى المنزل وسط الحافلة المدرسية، وذلك فقط بسبب دفاعها عن حق الفتيات في التعلم بصورة آمنة في باكستان، وكيف نجت ملالا بمعجزة إلهية وكيف تحولت مسيرة حياتها من صميم الموت إلى بلوغ أسمى معاني الحياة حيث أصبحت رمزاً للسلام والإرادة والتحدي.
في الوقت الذي لم تحظَ ملالا سوى بدقائق قليلة في إعلامنا المرئي وبعض الزوايا الضيقة في صحفنا العربية اختصرت بها ثلاث سنوات من المعاناة ومن ثم الألم وأخيراً النجاح.
لمن لا يعلم فملالا يوسف زاي هي أصغر فائزة بجائزة نوبل للسلام عن عمر17 عاماً كما حازت على جائزة سخاروف لحرية الفكر وعلى جائزة السلام الدولية للأطفال من مؤسسة كيدس رايتس الهولندية وغيرها.. وبالمقابل لم تحظٓ بأي جائزة عربية أو إسلامية!
كما قابلت ملالا عدداً من رجال السياسة في العالم لنشر ودعم قضيتها ونتيجة لجهودها المتواصلة أطلقت ملالا بالتعاون مع اليونسكو "صندوق ملالا لتعليم الفتيات في باكستان بطرق آمنة" والذي تبلغ قيمته 7 ملايين دولار، كما افتتحت ملالا مدرسة لتعليم الفتيات في المخيمات السورية في لبنان.
واللافت للنظر هنا عدم تغطية هذا العمل بالمقارنة مع الضجة الإعلامية التي تحظى بها الممثلات العربيات والأجنبيات اللواتي قمن فقط بزيارة المخيمات مرافَقات بكاميرات التصوير ومُشاد بهن بأبهى الأشعار لما يتمتعن به من إنسانية وحب الخير! ولكن في الحقيقة فعل الخير لا ينتظر الثناء وليس بحاجة لعدسات الكاميرات كي توثقه.
وأخيراً وثَّقت ملالا يوسف زاى مسيرة حياتها السبعة عشر فقط في كتاب أسمته "أنا ملالا" ليكون حافزاً لكل فتاة تعتقد أن هناك عقبات لا يمكن تذليلها بل وجعلها حجر الأساس للانطلاق من جديد نحو تحقيق كل هدف.
وفي ذلك كله نموذج عملي وحقيق لتحسين صورة الإسلام التي شوهها من يروجون أنهم يعتنقون الإسلام الحق ويتصدرون قائمة الصحف والعناوين العالمية بأعمالهم الإرهابية، نيابة عن كل مسلم حول العالم يحمل بداخله الحب والسلام الحقيقيين ولكن بدوره يبقى مكتفياً بتغيير صوره الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تعبيراً عن تضامنه مع قضايا العالم المختلفة عوضاً عن المضي قدماً لصنع عالمه الخاص كاسراً كل القوالب التي تعمل وسائل الإعلام جاهدةً وضعه فيها وهو الترويج لكل مسلم على أنه مشروع إرهابي خطير.
وهنا نحتاج للوقوف مطولاً والتفكر ملياً بما وراء الخبر وما تضعه وسائل الإعلام من أجندات خفية تعمل من خلالها على تهميش قضايا تهم كل مواطن عربي وتضعه على محور التماس مع آخر المستجدات، بينما تعمل أجنداتها الحقيقة على أن تتصدر قائمة عناوينها أخبار من الدرجة الثالثة تأطِّرها وتعرضها بطريقة توحي لكل مشاهد بأنه فعلاً أمام أهم المستجدات ومتابع نَهم لأبرز قضايا المنطقة، مكتفياً بذلك بما يُعرض أمامه دون العلم بأن هناك الكثير مما يهمه لم يعرض أمام عينيه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.