لكل عامٍ حصته من الأحداث المهمة، وهذا العام ليس استثناءً، فقد رصدت مجلة ذا ناشيونال الأميركية قائمة بأهم أحداث هذا العام، العديد منها قد تستمر في الهيمنة على عناوين الصحف خلال العام القادم أيضاً.
10- السعودية تتدخل في اليمن:
بدأت السعودية بشن ضرباتٍ جوية على المتمردين الحوثيين في اليمن بمساعدة من 9 دولٍ أخرى.
اتُّخذ القرار بعد أن استولى المتمردون الحوثيون على العاصمة اليمنية، صنعاء، ونفي الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى السعودية.
الحوثيون الذين ينتمون إلى الأقلية الشيعية، يتلقون الدعم من إيران، العدو الأزلي للسعودية، كما يتلقون الدعم من القوات الموالية للرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، الذي تم إسقاطه خلال "الربيع العربي" وكانت علاقته جيدة بالسعودية ذات مرة.
وضع التدخلُ السعودي الولاياتِ المتحدة في مأزق، إذ خشيت واشنطن من أن تدخل المنطقة في حالة فوضى بسبب تواجد تنظيم القاعدة، لكن الرغبة في تجنب الخلافٍ مع الرياض، زودت الولايات المتحدة الحملة السعودية بالمعلومات الاستخباراتية والأسلحة.
وفي تطورٍ إيجابي، دخل اتفاقُ وقف إطلاق النار لمدة أسبوع حيّزَ التنفيذ أخيراً كمقدمة لبدء محادثات السلام.
9- الصين تبني جزراً في بحر الصين الجنوبي:
تدّعي الصين ملكيتها لمعظم بحر الصين الجنوبي، رغم أن معظمه بعيدٌ عن أراضيها، وتحاول تعزيز مزاعمها التي ترفضها الدول الخمس المطلة على بحر الصين، ببناء جزرٍ صناعية حول الشُّعب المرجانية والصخور الكبيرة المغمورة بالماء.
كما تبني مدارج للطائرات ومنشآت عسكرية في الجزر المبنية حديثاً.
لم تتخذ الولايات المتحدة أي موقف تجاهها لكنها تُصرّ على أن ادعاءات الصين المتعلقة بنطاق 12 ميلاً المحاذي لهذه الجزر الجديدة لا أساس له في القانون الدولي.
وتخشى أميركا ومعظم حكومات دول جنوب شرق آسيا من استخدام بكين هذه الجزر الجديدة لتقييد حرية الملاحة في المنطقة.
في أكتوبر/تشرين الأول 2015، قامت المدمرة البحرية الأميركية بمناورات في المياه التي تدعي الصين ملكيتها لها، وكان ذلك جزءاً من مهمة سُميت "عمليات الملاحة البحرية الحرة".
احتجت الصين على المناورات واعتبرتها "استفزازاً خطيراً جداً على المستويين السياسي والعسكري".
لهذا الخلاف أبعادٌ هائلة، فقيمة التجارة التي تمر عبر بحر الصين الجنوبي سنوياً تُقدّر بأكثر من 5 تريليونات دولار، كما أن مياه هذا البحر غنية بالأسماك وبمخزون كبير من النفط والمعادن، وسيطرة الصين على تلك المنطقة ربما يدفع بكين لتحلُّ محلَّ أميركا كقوة مهيمنة في المنطقة.
8- الصين تخفِّض قيمة اليوان بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد:
سببت الصين صدمةً في الأسواق المالية العالمية في أغسطس/آب 2015 حين قامت بتخفيض قيمة عملتها.
وقال مسؤولون صينيون أن الخطوة كانت تهدف إلى تحقيق التوازن بين اليوان وقيمته السوقية، وهو ما كانت الحكومات الغربية تُطالب به منذ سنوات.
اعتبر العديدُ من المستثمرين هذا التخفيض إشارةٌ إلى أن الاقتصاد الصيني كان يتباطأ بسرعة أكبر مما هو متوقع، وأن الصين تُحاول استخدام عملتها لإعادة معدل النمو إلى مستواه المتوقع.
قفز مؤشر بورصة شانغهاي في أواخر شهر أغسطس/آب 2015، ما قاد إلى مزيدٍ من عدم الاستقرار في الأسواق العالمية، وإلى مزيدٍ من الشكوك حول قدرة الصين على ضبط سياستها الاقتصادية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015، قالت الصين إن معدل نمو اقتصادها خلال الربع الثالث من العام وصل إلى 6،9%، وهي نسبةٌ فاقت التوقعات.
الحكومات والمستثمرين لا زالوا قلقين من أن الاقتصاد الصيني، الذي كان عاملاً مهماً في نمو الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة، سيستمر في التباطؤ، وهو ما سينعكس بالتالي على الاقتصاد العالمي.
7- التوصل إلى اتفاقٍ حول التغير المناخي:
مناخ العالم يتغير، والنشاطات الإنسانية هي السبب الرئيسي في هذا التغيير. لكن حكومات العالم كانت بطيئة في تعاملها مع التهديد الكارثي المحتمل.
فشلت اتفاقية كيوتو التي وُقعت في عام 1992 في الإيفاء بوعودها المتعلقة بتقليص انبعاث الغازات الضارة بالبيئة.
أثارت قمة المناخ التي عُقدت في كوبنهاغن عام 2009 الكثير من الضجة، لكنها اتسمت بالحدة ولم تؤد إلى نتائج تُذكر.
تجنَّبت الدولُ الـ195 التي اجتمعت في باريس في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 ذاك المصير.
وبعد أسبوعين من المحادثات المكثفة توصل المجتمعون إلى اتفاقية باريس للمناخ، وهي أول اتفاقية تُلزم كل دول العالم تقريباً على تقليص كمية الغازات المنبعثة التي تزيد حرارة الأرض.
6- روسيا تتدخل في سوريا:
الحرب السورية المستمرة منذ 4 سنوات، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 200 ألف شخص وأجبرت حوالي 9 ملايين شخص على النزوح، دخلت منعطفاً مهماً في سبتمبر/أيلول 2015 حين بدأت روسيا بشن هجمات جوية من قواعدها في سوريا.
تُصرُّ روسيا على أنها تدخلت للانضمام إلى الحرب على تنظيم داعش، لكن طائراتها تستهدف عملياً مجموعات المعارضة السورية التي تسعى للإطاحة بحليف روسيا القديم، بشار الأسد.
العمليات العسكرية الروسية لا تتم بالتنسيق مع الولايات المتحدة وحلفائها ضد التنظيم، وهو ما يزيد المخاوف من مواجهات غير متعمدة بين الطرفين.
تجلّت هذه المخاوف في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 حين قامت طائرتا F-16 تركيتان بإسقاط مقاتلةٍ روسية، وهو ما أدى إلى مقتل أحد طياريها.
من الناحية الدبلوماسية، شجع التدخل الروسي الجهود الرامية إلى إيجاد حلٍّ تفاوضي للصراع السوري.
ورغم الضجة الكبيرة التي رافقت مؤتمر فيينا ومستوى التمثيل الدبلوماسي من كافة الأطراف، لم تستطع الدول الاتفاق على نقطة خلاف جوهرية: موسكو تود بقاء الأسد في السلطة، الولايات المتحدة وحلفاؤها يريدونه أن يرحل.
5- التوصل إلى اتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادي":
بعد 7 أعوامٍ من المفاوضات، توصلت الولايات المتحدة و11 دولة أخرى إلى اتفاق في أكتوبر/تشرين الأول 2015 حول "الشراكة عبر المحيط الهادي"، وهو أكبر اتفاق تجاري عالمي في التاريخ.
الاتفاق، الذي يشكِّل جزءاً رئيسياً من سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما القائمة على "إعادة التوازن مع آسيا"، يضع القوانين التجارية التي تحكم حوالي 40% من الاقتصاد العالمي.
أصبح الاتفاق ممكناً حين صوَّتَ الكونغرس الأميركي في يونيو/حزيران 2015 لصالح منح الرئيس أوباما "سلطةَ تشجيع التجارة"، وهي السلطة التي تمنع الكونغرس من التصويت على التراجع عن الاتفاقيات التجارية.
رفض شركاء أميركا في المفاوضات تقديمَ أي تنازلات كبرى في المفاوضات حتى عرفوا أن الكونغرس لا يستطيع التراجع عن الاتفاق الذي تفاوضوا بشأنه مع الرئيس الأميركي. الآن، بعد حصول أوباما على هذه "السلطة"، عليه أن يقنع الكونغرس بتمرير القانون الذي سيضع الاتفاق محل التنفيذ.
4- أوروبا ترفض مساعدة اليونان في خطة التقشف:
أصبح أليكسيس تسيبراس رئيساً لوزراء اليونان في يناير/كانون الثاني 2015 بسبب وعوده بحصول اليونان على اتفاق أفضل حول سداد ديون بلاده الهائلة.
رغم طلب المساعدة من الدول الأوروبية الأخرى الغارقة في الديون، ومحاولته عزل هيمنة ألمانيا بإعادة مآسي النازيين إلى الذاكرة الأوروبية، رفض الاتحاد الأوروبي منح تسيبراس ما أراده.
حاول بعدها تعزيز موقفه بالدعوة إلى استفتاء في اليونان، حيث صوَّت 61% من اليونانيين ضد قبول عرض الاتحاد الأوروبي.
لكن الاتحاد بقي ثابتاً في موقفه، مصراً على أن اليونان ستحصل على المساعدة فقط إذا وافقت على الإصلاحات الاقتصادية القاسية.
اضطر تسيبراس للرضوخ. بعد أسبوع من تصويت اليونانيين برفض الاتفاق، واجه تسيبراس الانهيار الوشيك لاقتصاد بلاده، فاضطر لقبول العرض الأوروبي.
ورغم أنه لم يستطع الإيفاء بوعوده الانتخابية، إلا أنه فاز بالانتخابات الجديدة التي جرت في سبتمبر/أيلول 2015.
لكن الاقتصاد اليوناني لا زال في مأزق، فقد تقلص بنسبة 25% خلال السنوات الخمس الماضية.
3- التوصل لاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني:
بعد جولاتٍ متقطعة بدأت منذ عام 2002، توصلت الأطراف إلى اتفاق في يوليو/تموز 2015.
لم تتم المصادقة على الاتفاق حتى شهر سبتمبر/أيلول 2015،حين صوَّت 42 سيناتوراً ديمقراطياً على رفض مشروع قرارٍ طرحه الجمهوريون برفض الاتفاق.
تم رفع العقوبات عن إيران، لكن توجب عليها أن توافق على التخلي عن 97% من كمية اليورانيوم المخصب التي تملكها، فضلاً عن خفض عدد أجهزة الطرد المركزي إلى الثلث.
كما وافقت إيران على تفتيش مواقعها، وإن انتهكت إيران أياً من هذه الشروط، فإن العقوبات ستُطبق مجدداً.
للحصول على هذه التنازلات من طهران، وافقت دول 5+1 على تطبيق هذه الشروط لمدة 10-15 سنة.
يقول البيت الأبيض إن الاتفاق سيمنع إيران من الحصول على سلاح نووي لمدة عقد على الأقل.
2- جهاديو "داعش" ينفذون هجماتٍ في 3 قارات:
حين قال الرئيس أوباما في مقابلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 "إننا سيطرنا" على تنظيم داعش، هاجمت 3 مجموعات من جهاديي التنظيم 4 مواقع في باريس، ما أدى إلى مقتل 130 شخصاً.
لكن جهود "داعش" لنقل الحرب إلى بلاد أعدائها كان قد بدأت قبلها.
في يوليو/تموز 2015، قتل انتحاري من "داعش" 33 شخصاً في مدينة سوروج التركية، غير بعيد عن الحدود السورية. بعدها بثلاثة أشهر، قتل مهاجمان انتحاريان، أحدهما شقيق منفِّذ الهجوم في سوروج، 102 شخص في مسيرة مطالبة بالسلام في أنقرة.
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2015، أدى انفجار قنبلة على متن طائرة ركاب روسية إلى سقوطها في صحراء سيناء، ما أدى إلى مقتل 224 شخصاً.
وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2015، قام زوجان أميركيان بقتل 14 شخصاً في إطلاق نار عشوائي في مدينة سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
قادت الهجمات إلى تكثيف الضربات الجوية الغربية على داعش، وأثرت على السياسات الداخلية في فرنسا والولايات المتحدة، كما أثارت أسئلة مشؤومة حول ما يُمكن أن يحدث في العام القادم.
1- أزمة اللاجئين تجتاح أوروبا:
قبل عِقد، كان الخبراء يكتبون كتباً ذات عناوين من قبيل "كيف ستحكم أوروبا القرن الحادي والعشرين".
في عام 2015، بدت أوروبا شبه عاجزة عن التعامل مع مشاكلها الخاصة، فما بالك بمشاكل العالم.
القارة التي لا تزال تكافح للخروج من أزمة اقتصادية عميقة تعرضت لموجة مكونة من حوالي مليون لاجئ، معظمهم يسعون إلى الهرب من الحرب السورية أو من حالة عدم الاستقرار التي تسود مناطق أخرى من العالم، بينما كان الآخرون مهاجرين اقتصاديين يبحثون عن فرص عمل أفضل.
كشف تدفق اللاجئين عن صور مؤلمة لأشخاص يستميتون للوصول إلى أوروبا. كما كشف عن هشاشة حدود أوروبا، الخلافات بين دولها حول كيفية التعامل مع اللاجئين، وأحيا العديد من الأحزاب الأوروبية القومية المعادية للاجئين.
أدت أزمة اللاجئين إلى مشاكل سياسية عبر الأطلنطي، ففي سبتمبر/أيلول 2015، أعلنت إدارة أوباما أنها ستستقبل 10 آلاف لاجئ سوري خلال عام 2016.
لكن بعد الهجمات على باريس وسان برناردينو، بدأت تظهر المخاوف، وبدأ السياسيون الفيدراليون والمحليون بإصدار قرارات تمنع دخول اللاجئين إلى ولاياتهم. طالما أن الحرب السورية مستمرة، سيستمر الضغط على أوروبا.