لربما يظن بعض القراء للوهلة الأولى بأن العنوان أعلاه هو إعلان دعائي لموقع الفيسبوك، ولكن الأمر ليس كذلك، فمؤسسة إجمالي أصولها المالية تقدر بنحو 40 مليار دولار هي بالتأكيد ليست بحاجة لمقال عابر يثني عليها ويروج لها.
11 عاماً مضت على تأسيس موقع الفيسبوك الذي لطالما أثير حوله جدل واسع وسيقت نحوه آلاف التهم، ومع ذلك فسرعان ما تحول خلال عقد من الزمن من برنامج يقتصر في نشاطة على بضعة آلاف من طلبة جامعة هارفارد إلى أمة متنوعة بمشاربها من حيث أصولها وأنسابها وأديانها.
حتى أصبح يكاد أن ينافس بعدد مشتركية سكان دولة الصين نفسها.
ما يهمنا في الأمر، هو أن عدد المشتركين من العالم العربي بهذا الموقع بلغ ما يقارب الـ70 مليوناً، أي حوالي ربع سكان الوطن العربي، وهي ظاهرة لم يعدها مختصون بأنها جاءت على إثر تنامي اهتمام مجتمعاتنا بخوض غمار الفورة التقنية، بل إنها انعكاسا لأزمة الأوطان ومغالات الأنظمة الحكومية باعتمادها للإجراءات التعسفية ضد شعوبها عبر مصادرة الحريات بكافة أشكالها.
ليس هذا فحسب، فحينما ينزح ويهاجر أكثر من 25 مليون عربي عن بلدانهم التي بات بعضها مجرد أطلال، فلا بد أن يسوقهم الحنين والافتقار لأحضان دفء الأوطان، إلى أن يبحثوا عن بديل يصطنعوه ليكون ملاذاً رمزياً لهم، يتجمهرون في ظلة بعيداً عن ملاحقات قانونية، أو تصفيات مذهبية، أو براميل دمار طائرة.
الديمقراطية التي يمنحها الفيسبوك لمشتركيه والتي شبهها البعض بنظام روما القديم، دفع بالمظلومين والمضطهدين للجوء إليه والسكن فيه دون أن ينتظروا ليأخذوا موافقة تأشيرة أو وسم فيزا سياحية مؤقتة تلزم المرء بالمغادرة خلال شهر أو أكثر بقليل.
صفحات الفيس تحولت بمثابة منازل تأوى إليها القلوب، وأفئدة شعوب روعت بواقعها المؤلم، وأخص بذلك تلك الجماهير التي انهزمت في ربيع ثوراتها، لتستبدل خسارتها بنصر تحققه عبر ثورات المجتمع الإلكتروني، دون أن يستلزم منها الأمر بأن تعرض نفسها لخطر رصاصات قوات مكافحة الشغب، أو إباحة دمها بعد تكفيرها وإخراجها من الملة بتهمة التآمر والتخابر.
هذا الشعب الإلكتروني بات يدرك اليوم بأن وطنه الرمزي الجديد في دولة الفيسبوك، والذي لا تحده حدود ولا يأتمر لديكتاتور، أصبحت أقواله توجع وتؤرق الطغاة، ويكفي أن نعلم بأن نحو 600 ألف محاولة اختراق تتعرض لها الحسابات على موقع الفيسبوك كل يوم، لندرك حقيقة الأمر وواقعيته.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.