بناء نصف مهدّم، بضعة مقاعد خشبية قديمة ولوح أبيض، كانت كل ما يملكه أبناء ريف إدلب الجنوبي ليطلقوا مشروع مدرسة غراس الأمل للتعليم البديل، خاصة بعد أن أصبح آلاف الطلاب السوريين غداة اندلاع الحرب خارج العملية التعليمية.
القصف المتواصل وتدمير المدارس وحالات التهجير الجماعي إضافةً إلى انقطاع الطرقات بين المدن والبلدات باتت اليوم هي العائق الأكبر في وجه جيل كامل ما زال يحلم ببناء مستقبله وما دفع لتأسيس مدرسة من بقايا ركام.
الحرب أجبرتنا!
إبراهيم رحال صاحب مبادرة مدرسة غراس الأمل ومدير المدرسة قال لـ "عربي بوست" إن "أطفال المنطقة أصبحوا منذ سنوات خارج الخطة التعليمية، حالة الحرب الطويلة بالإضافة إلى تضرر المباني التعليمية أجبرتنا على تحويل بناء مهدّم إلى مدرسة".
وأضاف رحال "نعلم تماماً أن المكان غير مناسب للعملية التربوية لكن ظروف الحرب هي التي أجبرتنا على استخدامه، لدينا حالياً 135 طالباً مسجّلاً لكننا لا نستطيع تعليم أكثر من 70، نطمح لتحويل المزيد من غرف البناء إلى صفوف ونعمل على زيادة عدد المدرسين المتطوعين، لكن التحدي أكبر من إمكاناتنا الحالية".
أما أنس الحسين مدرس اللغة العربية في المدرسة فلا يعتبر البناء فقط هو العائق الوحيد أمام المشروع، "نحن عملياً لا نملك وسائل تعليمية مساعدة" على حد قوله.
وأضاف الحسين "إننا لا نملك عدداً كافياً من المقاعد، الكثير من الأطفال حوّلوا الحجارة الموجودة حول المكان لمقاعد دراسية، لا نملك مدافئ والصفوف غير مجهزة بأبواب ونوافذ أيضاً مما سيزيد معاناتنا مع قدوم فصل الشتاء، خاصة بأن المدرسة تقع في منطقة جبلية باردة".
للمرة الأولى في مدرسة!
عدد كبير من الأطفال عمرهم من عمر الحرب السورية، ولم يتعلموا على المقاعد المدرسية قبل الحرب، ولا يعرفون ماذا تعني المدرسة ومنهم عبد الفتاح 10 سنوات والذي ارتاد المقاعد الدراسية لأول مرة في بقايا هذه المدرسة.
"التعليم جميل" بهاتين الكلمتين البسيطتين عبّر عبد الفتاح عن حبه لهذه المدرسة، وتابع بقوله "نتيجة القصف على ريف إدلب انتقلنا 4 مرات، في كل مرة كنا نسكن في إحدى البلدات، لم أدخل المدرسة ولا مرة قبل الآن، أخبرونا أن الأستاذ إبراهيم افتتح مدرسة، فأحضرني والدي إلى هنا، هو يريدني أن أتعلّم، وأنا كذلك أريد".
أما فاطمة 13 سنة فقالت إن باقي المدارس بعيدة جداً، قد يتطلب الذهاب إلى هناك مسير عدّة ساعات، المدرسة هنا قريبة، صحيح أنها بدون مقاعد لكن "الأساتذة لطيفون معها" تقول فاطمة وتضيف "أتمنى العودة إلى قريتي التي غادرتها عندما كنت في الصف الرابع وأتابع تعليمي فيها".
منظمة اليونسيف أعلنت وعلى لسان المتحدثة باسمها ميريكسي ميركادو في وقت سابق بأن عدد المدارس المتضررة في سوريا قد بلغ 2960 مدرسة فيما بلغ عدد موظفي التعليم الذين فقدوا حياتهم خلال الصراع في سوريا 222 مدرساً دون وجود أرقام حقيقية عن عدد الطلاب الذين فقدوا حقهم بالتعليم.