تحتفل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الفلسطينية، الاثنين 14 ديسمبر/ كانون الأول 2015، بمرور 28 عاماً على تأسيسها، في ظل ظروف يصفها مراقبون بأنها "صعبة للغاية".
ويرى عدنان أبو عامر، الكاتب السياسي، وعميد كلية الآداب بجامعة الأمّة (خاصة) بغزة، أن "التجاذبات" الداخلية، وما يجري في المنطقة من تغيرات، يضع أمام الحركة "تحديات سياسية صعبة جداً".
مرحلة النضج
ويقول أبو عامر، إن حركة حماس وصلت إلى ما وصفها بمرحلة "النضج"، كي تقوم بإجراء "مراجعات فكرية، وسياسية، تُمكنها من تجاوز العقبات التي تعترض طريقها، وتواكب تسارع الأحداث والتغيرات في المنطقة".
وعلى الحركة، أن تبذل جهودها، إقليمياً ودولياً، وأن تواصل اتصالاتها مع كافة الأطراف، للخروج من "أزمتها" السياسية والمالية، التي تنعكس بالسلب على أدائها وتقديمها الخدمات للفلسطينيين.
الحصار على غزة
ويعد الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي تحكمه الحركة، من أهم التحديات التي تواجهها، بحسب أبي عامر.
ويتابع: "اليوم حركة حماس، ورغم تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية، إلا أنها لا تزال تسيطر على مقاليد الحكم في قطاع غزة، وهو ما يدفعها إلى التفكير بحلول عملية، للتخفيف من معاناة قرابة مليوني فلسطيني".
وتوصلت حركتا "فتح"، و"حماس" في 23 أبريل/ نيسان 2014 إلى اتفاق، وُقّع في غزة، لإنهاء الانقسام الفلسطيني، نص على تشكيل حكومة توافق وطني، وتفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، والإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية.
وتشكلّت حكومة التوافق في الثاني من يونيو/ حزيران 2014، لكنها لم تتسلم مهامها في القطاع، بسبب استمرار الخلافات السياسية بين الحركتين.
وتبرر حكومة التوافق، عدم تسلم مهام عملها، بتشكيل حماس، لـ"حكومة ظل"، في غزة، وهو ما تنفيه الحركة.
الأداء السياسي للحركة
ويرى طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية، أنّ حركة حماس تملك وزناً سياسياً كبيراً، راكمته بفعل عملها "العسكري" طيلة السنوات الماضية.
إلا أن عوكل يرى في حديثه لـ"الأناضول" أن الأداء السياسي لحركة حماس، شابه الكثير من الأخطاء خاصة فيما يتعلق بكيفية ايجاد حلول لأزمات قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2007.
ويضيف:" للأسف حماس لا تزال بعد كل هذه السنوات، تعيش في عباءة الفكر الحزبي، وليس الفلسطيني الوطني الشامل، لا أحد ينكر تداعيات الحصار الخانق على قطاع غزة، ولكن كان الأجدر بالحركة أن تبحث عن حلول إبداعية، تؤسس لمرحلة جديدة".
وهذه المرحلة وفق عوكل، تتطلب من حماس قراءة جيدة للواقع الراهن، وأن تكون مرنة في اتخاذها للقرارات.
وأكد عوكل، أن الحركة مطالبة في ذكرى تأسيسها بإجراء سلسلة من المراجعات حول أدائها السياسي.
واستدرك بالقول:" رصيد الحركة الجماهيري يزداد، كلما شعر الناس بأن مشاكلهم التي تتفاقم يوماً بعد آخر، لم تعد موجودة، عليها أن تواجه التحديات".
أزمة معبر رفح
واندلع سجال فلسطيني داخلي، في الأيام الماضية حول أزمة معبر رفح البري الواصل بين قطاع غزة ومصر، حيث اتهمت حركة فتح و"نشطاء"، حركة حماس التي تتولى مقاليد الحكم في غزة، بالمسؤولية عن أزمة إغلاق المعبر، بسبب إدارتها له، مطالبين إياها بتسليم الإشراف عليه لحكومة التوافق، في حين دافع آخرون عن الحركة، وقالوا إن على السلطات المصرية، أن تبادر لفتحه بشكل مستمر ودائم.
وتقول وسائل إعلام مصرية، مقربة من الحكومة، إن فتح المعبر من قبل السلطات المصرية، مرهون بتولي السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن المعبر، وانتهاء سيطرة حركة حماس عليه.
ويربط معبر رفح البري، قطاع غزة بمصر، وهو معبر مخصص للأفراد فقط، والمنفذ الوحيد لسكان القطاع (1.9 مليون فلسطيني) على الخارج، وتغلقه السلطات المصرية بشكل شبه كامل، منذ تموز/ يوليو 2013، وتفتحه لسفر الحالات الإنسانية.
وتقول حماس، على لسان قادتها، إنها جاهزة لأي مبادرة تساهم بحل أزمة معبر رفح البري الواصل بين قطاع غزة ومصر، ضمن مبدأ "الشراكة السياسية".
تحديات كبيرة
ولأن حركة حماس، من أكبر الفصائل الفلسطينية، وأكثرها تأثيراً كما يقول عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، برام الله، وسط الضفة الغربية، فهي مطالبة بتقديم مبادرات حقيقية تتصدى للعواصف السياسية الراهنة "داخلياً وخارجياً".
ويضيف قاسم: "حركة حماس تواجه تحديات كبيرة، لكن هي قادرة بإشراك الفصائل الوازنة، أن تبحث عن حلول حقيقية لإدارة أزمات قطاع غزة، فلا يمكن بعد كل هذه السنوات أن تبقى رهينة المشاكل الداخلية، والتجاذبات السياسية، وخاصة مع حركة فتح، خصمها السياسي".
ويرى قاسم، أن المطلوب من حركة حماس وهي تحتفل بالذكرى الـ"28″، أن "تتبنى استراتيجية جديدة تمكنها من تجاوز العقبات".
تأييد داخلي وخارجي للحركة
وهذه الاستراتيجية، تقوم على كسب التأييد الداخلي والخارجي للحركة، وفق قاسم الذي تابع قائلاً: "الحركة الآن يجب أن تصل إلى مرحلة النضج السياسي، وأن تواكب التطورات السريعة على الصعيد الإقليمي والدولي، ومن المهم أن تبتعد عن لعبة المحاور، وأن تنطلق في خطواتها من منطلق أنها حركة تحرر وطني".
ويقول وليد المدلل، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، إن حركة حماس، تملك "تجربة غنية، سياسياً وعسكرياً".
ويرى المدلل، أن الحركة قادرة على إضافة المزيد من النقاط الإيجابية على رصيدها.
وتابع:" لقد حققت إنجازاً عسكرياً كبيراً، تمثل في تطور جناحها المسلح كتائب القسام، وهو ما يدفع الحركة إلى الحفاظ على هذا الرصيد بل وزيادته من خلال الانفتاح في علاقاتها مع كافة الدول، ومحاولة إنجاز الملفات العالقة كتثبيت التهدئة، وفك الحصار عن قطاع غزة".
وتأسست "حماس" في 14 ديسمبر/ كانون أول 1987 على يد مجموعة من قادة جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، كان أبرزهم الشيخ أحمد ياسين.
وانتشر نفوذ الحركة بشكل كبير، بعد انخراطها القوي في "مقاومة" الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة.
وتمكنت عام 2006 من الفوز بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، لكن إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، رفضوا الاعتراف بنتائج الانتخابات، كما رفضت حركة فتح (الخصم السياسي لحماس) وبقية الفصائل المشاركة في الحكومة التي شكلتها حركة حماس، برئاسة إسماعيل هنية، بدعوى "عدم الاتفاق على البرنامج السياسي".
وتقول حماس إن حركة فتح، عملت على الإطاحة بحكومتها، بتعمد إحداث قلاقل داخلية، وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سحب الكثير من صلاحياتها، وهو ما تنفيه حركة فتح.
وشهدت تلك الفترة اشتباكات بين عناصر الحركتين، انتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة.