ترأست إيطاليا وأميركا الأحد 13 ديسمبر/ كانون الأول 2015، في روما مؤتمراً دولياً حول ليبيا يهدف إلى حض الأطراف السياسية الرئيسية في هذا البلد على تطبيق اتفاق تم التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة جرت برعاية الأمم المتحدة.
ويتطلع المجتمع الدولي إلى إنهاء النزاع في ليبيا عبر توحيد السلطتين في حكومة واحدة تلقى مساندة دولية في مهمتين رئيسيتين: مواجهة خطر التطرف الذي وجد موطئ قدم له في الفوضى الليبية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
ويسيطر تنظيم (الدولة الإسلامية) "داعش" الجهادي على مدينة سرت شرق ليبيا، ويسعى للتمدد في المناطق المحيطة بها.
غير أن منتقدي خطة الأمم المتحدة يحذرون بأن أي محاولة لتسريع عملية المصالحة يمكن أن تعزز على العكس المواقف المعارضة التي صدرت منذ إعلان الاتفاق في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأن تعمق الانقسام داخل البلد الذي تعمه الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي.
وكان وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني الذي سيترأس الاجتماع مع نظيره الأميركي جون كيري صرح السبت "علينا أن نثبت أن عمل الحكومات والدبلوماسية يمكن أن يكون أسرع من تهديد الإرهاب".
وبعد التزام ممثلين عن برلماني طبرق المعترف به دولياً، وطرابلس الجمعة في تونس بتوقيع خطة الأمم المتحدة للتسوية الأربعاء، يهدف اجتماع الأحد بصورة خاصة إلى إثبات التضامن الدولي.
وإلى حوالي 10 ممثلين عن مختلف الفصائل الليبية، يشارك في الاجتماع وزراء من جميع دول المنطقة والعالم مع حضور الروسي سيرغي لافروف والفرنسي هارلم ديزير وممثلين عن الدول الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا والجزائر والمغرب وقطر وتركيا وتشاد ونيجر وغيرها.
وقال جنتيلوني إن هذا ينبغي أن يعطي "إطاراً ودفعاً لمراسم التوقيع" التي يفترض أن تجري في المغرب.
غير أنه لم يكن بوسع الوفود المشاركة في تونس قطع وعود بأن البرلمانين سيبرمان الاتفاق بعد توقيعه.
رهان غير مسؤول
ويرى بعض المراقبين أن توقيع هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه تحت الضغط من خلال وساطة أجنبية يبقى "رهاناً غير مسؤول"، وهو ما نددت به وزيرة الخارجية الإيطالية السابقة إيما بونينو والدبلوماسي الفرنسي الكبير جان ماري غيهينو في مجلة "بوليتيكو".
ونص اتفاق أكتوبر/ تشرين الأول على أن يتولى فائز السراج النائب في برلمان طرابلس رئاسة حكومة وفاق وطني من تسعة أعضاء غير أن الدبلوماسيين اعتبرا "من المستبعد" أن تسمح الظروف الأمنية بأن يتولوا مهامهم في طرابلس.
وقالا إن "هذا يعني أنهم لن يمارسوا أي سلطة على إدارة الدولة وخصوصاً البنك المركزي، وقد يؤجج ذلك المعارك من أجل السيطرة على العاصمة" في حين أن أي محاولة لإعادة بسط سلطة طرابلس قد تحرك النزعات الانفصالية في الشرق.
وكان ممثلون آخرون عن البرلمانين وقعوا الأحد الماضي في تونس "إعلان مبادئ" ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسبوعين وإجراء انتخابات تشريعية والعودة إلى إحكام الدستور الملكي.
وتجمع مئات المتظاهرين بعد ظهر الجمعة في ساحة طرابلس الرئيسية ملوحين بأعلام ليبيا تاييداً لإعلان المبادئ ورفضاً لخطة الأمم المتحدة.
وقالت مصادر أوروبية وأميركية إن الهدف هو تشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون أربعين يوماً بعد توقيع الاتفاق الأربعاء، وإلا فإن الأمم المتحدة قد تفرض عقوبات على الأطراف المتمنعة.
أما في حال صمود الاتفاق، فسيكون بوسع حكومة الوحدة الوطنية الحصول على أسلحة وحتى على دعم عسكري دولي لبسط سلطتها ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بحسب ما أوضح مسؤول أميركي.
ويثير وجود آلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة سرت الساحلية مخاوف كبرى في العالم خصوصاً وأن بعض المسؤولين المحليين يتحدثون عن مئات الجهاديين الأجانب من تونسيين وسودانيين ويمنيين وحتى نيجيريين من حركة بوكو حرام الذين يأتون للتدرب قبل العودة لشن هجمات أو خوض معارك.
وتبدي ايطاليا سلطة الاستعمار السابقة لليبيا منذ عدة أشهر استعدادها لتولي قيادة تدخل عسكري بري غير أنها تشترط من أجل ذلك الحصول على ضوء أخضر من الأمم المتحدة ومن السلطات الوطنية المعترف بها.
وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 فوضى أمنية ونزاعاً على السلطة تسببا بانقسام البلاد قبل عام ونصف عام بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دولياً في الشرق، وحكومة وبرلمان موازيان يديران العاصمة بمساندة مجموعات مسلحة بعضها إسلامية تحت مسمى "فجر ليبيا".