أردوغان يشكو لخديجة بن قنة من “الجحود الرسمي العراقي”!

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/11 الساعة 16:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/11 الساعة 16:32 بتوقيت غرينتش

شكا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حوار مع قناة الجزيرة الإخبارية مما اعتبره "جحودا" من المسؤولين العراقيين لمواقف بلاده الداعمة للشعب العراقي وذلك لصالح انحيازات سياسية تتخذ طابعا مذهبيا، كما دعا المسؤولين في دولة الإمارات إلى إزالة أسباب الخلاف الذي وقع بين البلدين في أسرع وقت بالطرق الدبلوماسية.

الحوار الذي أجرته الإعلامية خديجة بن قنة شمل كثيرا من الملفات الساخنة التي تشتبك معها السياسة التركية، كما تحدث بصورة خاصة عن الانتقادات التي يواجهها أردوغان داخليا ولا سيما تلك المتعلقة بتجاوزه لصلاحيات منصبه والافتئات على صلاحيات رئيس الوزراء.

وتوقف أردوغان عند العلاقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة معتبرا أنها "كانت قوية جدا حتى الأمس القريب" ولكن الملف المصري وحده كان سبب التباعد بينهما، معتبراً أن حل تلك المشكلة ينبغي أن يتم عبر الطرق الدبلوماسية وليس بالهجوم اللفظي مطالبا بالحساسية في اختيار الألفاظ التي تستخدمها كل دولة حيال الأخرى.

القوات التركية في العراق

وأكد أردوغان في حديثه أن القوة التركية المتواجدة حاليا في العراق لغرض التدريب والتي يثير حولها المسؤولون العراقيون اعتراضات إعلامية، كانت في الحقيقة استجابة لطلب مساعدة في التدريب العسكري تقدم به رئيس الوزراء العراقي عندما زار تركيا عام 2014، فتم تأسيس معسكر بعشيقة في محافظة نينوى لهذا الغرض "حيث يقوم جنودنا بتدريب قوات البيشمركة التي تقوم بأعمال قتالية على الأرض، فيما تتولى قوات التحالف الدولي تنفيذ مهام جوية (ضد الإرهاب)".

وفيما شدد على احترام بلاده لوحدة أراضي العراق واتخاذه خطوات عملية لحماية ذلك فإنه رأى أن بإمكان الحكومة العراقية الحالية أن "تتقدم بطلب للأمم المتحدة، وذلك حق طبيعي مكفول له، لكن تلك الخطوة لا تعبر عن نوايا صادقة، وأعتقد أن مجلس الأمن الدولي سيرى ذلك، خاصة وأنها تأتي بالتزامن مع اتخاذ إيران وروسيا خطوات مماثلة في المنطقة".

السياسة المذهبية والجحود

وشدد الرئيس التركي على معارضة بلاده للسياسات المذهبية بكل أشكالها متهما إيران والعراق بأنهما تمارسان تلك السياسات، ويقوم التعاون بينهما على أساسها و"ذلك التعاون نفسه هو القائم مع سوريا".

ورفض الاتهامات بأن وجود قوات تركية في سوريا هو تطبيق لأجندة مذهبية: "بالنسبة لنا، فإننا نعتبر جميع فئات الشعب العراقي إخوتنا، وهنالك 300 ألف عراقي يعيشون إما على أراضينا أو في المخيمات، ونحن من يلبي احتياجاتهم من الغذاء والملبس والعلاج، ونحن من يسهر على راحة هؤلاء وليس أي طرف آخر، وإن كانوا لا يرون ذلك فهذا يسمى جحوداً".

وفي المقابل رأى أن "إقليم شمال العراق وقسماً كبيراً من العرب في المنطقة قد هضمت حقوقهم، والعراق لا يتمتع بنظام عادل ما يجعل قسماً كبيراً من الشعب العراقي يشعر بالقلق".

ومضى قائلا "لا نستطيع إنكار وجود تعاون روسي إيراني عراقي، يتم تنسيقه بمركز في بغداد، والجميع يعلم أن السنة يتعرضون للتهميش، والتطورات الأخيرة التي جرت هناك ارتكزت على رؤية مذهبية" معتبراً أن تلك الرؤية وانتقالها من العراق إلى سوريا هو ما يدفع العالم كله ثمنه "ويزعج العراقيين والدول المجاورة بما في ذلك تركيا".

وأشار إلى أن لقاء محتملا قد يتم بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني نهاية الأسبوع المقبل خلال زيارة سيقوم بها إلى تركمانستان حيث يمكن بحث تلك الملفات الإقليمية إضافة إلى العلاقات الثنائية.

طفولية روسية

في الشأن الروسي، استنكر أردوغان ما اعتبره مواقف عاطفية وطفولية من جانب روسيا، ولا سيما التحرشات التي قامت بها روسيا مع السفن التركية في البحر الأبيض في الفترة التي أعقبت إسقاط الطائرة الروسية، ولم تتوقف تلك التحرشات إلا بعد تحذيرهم من استمرارها، ثم "قام جندي روسي قبل يومين بحمل قاذفة صواريخ على متن سفينة تعبر مضيق البوسفور، وهو ما يعد انتهاكاً لاتفاقية مونترو، كل هذا لا يعدو أن يكون ردود أفعال عاطفية وطفولية"

وقال أردوغان إن بلاده تتابع تلك التصرفات بصبر، ونعرف أنها ردود أفعال عاطفية من الرئيس بوتين، ولكن من الأفضل أن يتم التعامل وفق الأعراف الدبلوماسية واحترام القانون الدولي".

أكد أردوغان مجددا على امتلاك كل الوثائق التي تثبت انتهاك الطائرة الروسية للأجواء التركية، مشددا على أن إسقاطها لم يكن بتنسيق مع واشنطن كما يشاع بل تم إبلاغهم فيما بعد بهذا الأمر، وشدد على أن الانتهاك لم يكن الأول من نوعه بل تم بحث تلك الانتهاكات مع بوتين شخصيا على هامش قمة مجموعة العشرين في أنطاليا التركية قبل أسابيع من إسقاط الطائرة.

دوافع الحملة الروسية

وشكك أردوغان مجددا في دوافع الحملة الروسية على سوريا معتبرا أنها "تتخذ من وجود داعش في سوريا ذريعة للدخول إلى المنطقة، إلا أنها لم تقم بتنفيذ عملية عسكرية جادة ضد داعش في سوريا، بل ركزت على قصف مناطق يعيش فيها التركمان، وليس تلك المناطق التي فيها عناصر داعش".

وتابع أردوغان "أظهرنا للعالم بالوثائق والخرائط قيام روسيا باستهداف المناطق التي لا يوجد فيها عناصر من داعش، ووجدنا بأن تلك الخرائط والمعطيات تتطابق مع الموجودة لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)".

وفي المقابل نفى الرئيس التركي "أي تعاون بين تركيا وداعش؛ فتركيا ألحقت بداعش خسائر فادحة، والغارات الجوية لقوات التحالف تشن انطلاقاً من تركيا، وكذلك العمليات البرية التي شنتها قوات الجيش السوري الحر، تمت بتعاون التركي".

وكشف أن "تركيا اعتقلت من 1500 إلى 1600 من المشتبه بعلاقتهم مع داعش، وتم ترحيلهم إلى بلدانهم، كما تم منع دخول 26 ألف شخص إلى بلدنا، فماذا فعلت البلدان التي يأتي منها مقاتلو داعش لمنع ذلك؟".

مصادر النفط التركي

وأشار أردوغان إلى أن قوات الأمن التركية "ضبطت خلال عام 2014 نحو 79 مليون ليتر من النفط المهرب، وتم إتلافها من قبل وزارة الجمارك والتجارة التركية ضمن الإجراءات الرسمية". مؤكداً أن "تركيا تحصل على نفطها من روسيا وإيران وأذربيجان ونيجيريا، وهي مصادر معروفة من قبل الجميع، ولم نأخذ أي نفط من داعش".

وأكد أن "من يقومون بشراء نفط داعش معروفون، الأول جورج حسواني الذي يحمل الجنسيتين الروسية والسورية، ويقوم ببيع ما يشتريه من داعش للنظام السوري ولدول أخرى، مؤمنا بذلك مصادر مالية للتنظيم".

وأضاف "الروسي رئيس اتحاد الشطرنج العالمي، يشتري أيضا النفط من داعش ويسوقه إلى دول مختلفة، وقد استقال مؤخراً من رئاسة الاتحاد، وبعد كل هذا يلجأون لتلفيق تهم بحق أفراد أسرتي!"، وجدد في هذا السياق مطالبته لبوتين بإثبات اتهاماته لتركيا و"سأترك منصبي في حال ثبتت تلك الادعاءات، فهل ستقوم أنت بنفس الأمر في حال ثبت العكس؟"، مردفًا "لدينا وثائق صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية ونعلم جيداً كل شخص بماذا يتاجر".

ومعلقا على العقوبات التي فرضتها روسيا على بلاده قال إن تركيا هي "الدولة الوحيدة التي رفضت فرض عقوبات على روسيا، وكنا نقول لأصدقائنا الغربيين إن روسيا شريك استراتيجي، ولا نستطيع أن نفرض عليها عقوبات من هذا النوع، وواصلنا تقديم المواد الغذائية لهم"، لكنه أردف: "لا ينبغي الظن أننا لا نستطيع فتح أسواق جديدة، فقد وصلنا إلى أسواق كان يصعب الوصول إليها، حتى في فترة الأزمة الاقتصادية عام 2007، إلى جانب تلقينا طلبات عديدة من الدول العربية".

المنطقة الآمنة

وتحدث عن المنطقة الآمنة التي تدعو تركيا لإنشائها شمالي سوريا، مؤكدا على أن إنشاءها ليس بيد تركيا وحدها "فهناك خطوات مشتركة يجب اتخاذها خاصة مع قوات التحالف، في حال كنا ضد الإرهاب، فالمنظمات الإرهابية ليست داعش والنصرة فقط، وإنما "حزب الاتحاد الديمقراطي"، وبي كا كا، منظمات إرهابية أيضاً، ولابد من استهدافها جميعاً، وفي حال حدوث ذلك سيكون من الضروري تحديد منطقة في شمال سوريا، لتكون خالية من الإرهاب، ويمكن عندها بناء مساكن في تلك المنطقة ليقطن بها السوريون النازحون من مناطق أخرى داخل سوريا، أو أولئك الموجودون حالياً في تركيا، ويتم توفير جميع احتياجاتهم بها، ويُعلن حظر جوي في تلك المنطقة بحيث يضمن أمن هؤلاء السوريين، وتسكينهم في بلادهم".

وأضاف "لا يمكن لأي من أصدقائنا الأوروبيين، الذين التقيناهم قبل أو بعد قمة العشرين، أن يرفض هذا المشروع، لأن الحل لا يأتي بالكلام وإنما لابد من حل واقعي"، مؤكدا أنه أحرز تقدما إيجابيا مع الأميركيين مؤخرا خلال قمة باريس، وستنظم لقاءات عسكرية لبحث الأمر معهم، كما تستمر اللقاءات مع السعودية وقطر بهذا الخصوص".

التعاون بشأن اللاجئين

تناول كذلك اتفاقه الأخير مع الأوربيين بشأن اللاجئين فقال: "إلى متى سنقوم برعاية 2.5 مليون أو 3 ملايين لاجئ، لقد قمنا برعايتهم وفقاً لسياسة الباب المفتوح حتى الآن، وفيما يبدي الغرب قلقه من استقبال 100 أو 200 ألف لاجئ سيأتون إليه، لم نتلق أي عرض واقعي سوى من كندا، التي قال رئيس وزرائها إن بإمكاننا إرسال 25 ألف لاجئ إليهم".

وأوضح: "الغرب يقول فلنتقاسم التكلفة، لكن كيف؟… لا أريد إضافة أموال إلى ميزانيتي، وإنما أريد دعماً لإخوتنا السوريين هناك، هؤلاء بشر قبل أي شيء. فلنقم ببناء مساكن في المنطقة الخالية من الإرهاب، لتسكين إخوتنا فيها، وبهذا تتخلصون من مشكلة تدفق اللاجئين".

وأردف "عندما يستمعون لهذا يقولون جميعاً "ما تقوله صحيح، لابد من فعل هذا"، ولكن لا يتم اتخاذ الخطوات المطلوبة، وإن كان قد حدثت تطورات إيجابية مؤخرا.

وقلل أردوغان من شأن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي التي فتحت الأبواب لبقاء الأسد معتبرة محاربة داعش هي الأولوية قال إنه هذه "أخبار جرائد لم أسمعها من أي من القادة الذين التقيت بهم. لا يمكن أبداً حل الأزمة السورية مع وجود الأسد. نحن نعمل على إيجاد حل بدونه. واجتماع فيينا يعمل في هذا الإطار" مشددا على أن ترك الأسد خطأ كبير، "الأسد أهم داعم لداعش، وبقاؤه مرتبط بداعش، فطالما بقي داعش بقي الأسد، لا يمكن التفكير في أحدهما دون الآخر، وبالتالي فأنا أعتقد أن هذه أخبار جرائد لا تستند على مصادر جادة".

لا أتجاوز صلاحياتي

ورفض أردوغان الاتهام بتجاوز صلاحياته أو التدخل في أعمال الحكومة قائلاً: "صلاحيات رئيس الجمهورية محددة في الدستور التركي، وليس بإمكاني أن أتجاوز تلك الصلاحيات إلا أن البعض يشعر بالانزعاج لأنني أستخدمها. أنا لست رئيساً يجلس إلى مكتبه ويكتفي بتوقيع الأوراق التي ترده، أنا أستخدم جميع صلاحياتي وهذه ما فعلته إلى الآن".

وتابع "لست رئيساً تم اختياره من قبل البرلمان، وإنما رئيس انتخب بأصوات الشعب، وبالتالي (يلتزم أمام الشعب) باستخدام صلاحياته. والشعب راض وسعيد بذلك. ليس هناك أبداً أي تدخل في أعمال الحكومة، على العكس أبذل جهدي للعمل بانسجام مع الحكومة".

تحميل المزيد