وصف المواطن الفلسطيني "عبدالمجيد شحادة" السفر من قطاع غزة إلى الخارج بالحلم في الوقت والوضع الحاليين، مع وجود معبر رفح الوحيد الذي تفتحه السلطات المصرية مرة كل بضعة شهور.
يقول شحادة إن هناك طريقاً آخر للسفر خارج القطاع في ظل وجود أكثر من 30 ألف شخص مُسجل للسفر، وهو "أن تقوم بدفع نقود إلى الجانب المصري، لتسهيل خروجك من القطاع إلى مصر ثم إلى مطار القاهرة، والمبلغ لا يقل عن 2000 دولار، لكي يكون اسمك موجوداً في الكشوفات المصرية، وهذه الآلية التي استخدمتها حتى استطعت الوصول إلى تركيا".
تفتيش مهين
ويضيف "نجحت في تجاوز الصالة الفلسطينية في معبر رفح، ووصلت إلى الصالة المصرية، وتفاجأت والمسافرون معي حينها بوجود المئات من المواطنين الفلسطينيين ينامون في الصالة المصرية في المعبر منذ يومين، وفي مكان ضيق جداً، بانتظار السماح لهم بالتوجه نحو المطار، بعد انتظار طويل، قام الجانب المصري بنقلنا عبر (باصات الترحيل)، في رحلة شاقة من الصالة المصرية في العريش إلى مطار القاهرة الدولي، صادفنا خلالها عشرات الحواجز التابعة للجيش المصري، التي كانت توقفنا وتقوم بعمليات تفتيش مهينة بحق كل المسافرين".
مطار القاهرة
عقب وصوله وآخرين الى مطار القاهرة "تم حجزنا في غرفة صغيرة وضيقة خارج المطار، وتحفظوا على جوازات سفرنا، دون أية مبررات، ولم نستطع التنقل أو شراء أي شيء، إلا بواسطة شخص كانوا يرسلونه لنا ليشتري بعض المستلزمات".
شحادة الذي وصل مؤخراً إلى تركيا قادماً من غزة بحثاً عن فرصة عمل لتكوين مستقبله، يرى أن الوضع الحالي الذي تعيشه غزة لا يمكن للشباب فيه بناء مستقبلهم، "لقد عملت طوال الفترة الماضية فقط لتجميع تكاليف السفر إلى الخارج".
وُلد شحادة عام 1989، ودرس في جامعة الأقصى بقسم التربية الرياضية، وتخرج فيها عام 2011، وهو عاطل عن العمل منذ تخرجه حتى الوقت الحالي، باستثناء بعض "دورات البطالة" التي حاول فيها كسب بعض النقود للسفر.
أنفاق غزة عقب إسقاط مرسي
يُذكر أن الجيش المصري بدأ منذ منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي ضخ كميات كبيرة من مياه البحر على طول الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة؛ بهدف تدمير الأنفاق الممتدة أسفله، بالتوازي مع عمليات عسكرية يشهدها شمال سيناء ورفح المصرية ضد مسلحين، وتستهدف مقرات أمنية وعسكرية مصرية.
ومنذ الإطاحة بـ"محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب، في يوليو/تموز 2013، وما أعقب ذلك من هجمات استهدفت مقار أمنية في شبه جزيرة سيناء المتاخمة للحدود مع قطاع غزة، شددت السلطات المصرية إجراءاتها الأمنية على حدودها البرية والبحرية مع القطاع.
بينما تواصل إسرائيل للعام التاسع على التوالي تنفيذ حصار على قطاع غزة، وتشدد إجراءاتها في منح تصاريح الخروج من القطاع، عبر معبر إيرز/بيت حانون على الحدود معها، وهو المعبر المدني الوحيد المتاح للغزيين من الجانب الإسرائيلي.
آلاف الأسماء في الكشوف
تحدث شحادة عن آلاف الأسماء المسجلة في كشوفات السفر، والتكاليف الباهظة التي يمكن للمواطن الفلسطيني في غزة دفعها للخروج من القطاع.
وأدى الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة – وفق الشاب – إلى تفاقم معاناة السكان داخل القطاع، وارتفاع نسب البطالة وعدم توافر فرص العمل، التي أصبحت شبه معدومة داخل القطاع.
البطالة والتفكير في الهجرة
بحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الشهر الماضي، فإن البطالة في قطاع غزة تجاوزت حاجز 43٪، بعدد عاطلين عن العمل يبلغ 201.9 ألف شخص، حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري.
نتيجة لذلك – يقول شحادة – فإن نسبة كبيرة من الشباب في قطاع غزة "تفكر في الهجرة إلى الخارج، لعدم توافر مقومات الحياة البسيطة، وأنهم أصبحوا غير قادرين على تكوين أنفسهم للزواج وللتعليم والأسرة".
وكشف التقرير السنوي، الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، أن غزة قد تصبح منطقة غير صالحة للسكن قبل عام 2020، مع تواصل الأوضاع والتطورات الاقتصادية الحالية في التراجع.
وجاء في التقرير السنوي أن "9 سنوات من الحصار و3 حروب فتكت بقدرة قطاع غزة على التصدير والإنتاج للسوق المحلية، وحطمت بنيتها التحتية المتهالكة".