يبدو أن الحزب السياسي الداعم للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد صار جاهزا وعلى وشك إعلانه في وقت قريب، ولا سيما بعد أن نجح الفائزون بالأغلبية في برلمان مصر من داعمي الرئيس عبد الفتاح السيسي في تشكيل "ائتلاف" جديد يضمن ثلثي مقاعد البرلمان اللازمة لتمرير أي قوانين أو تشريعات، ونيل حظوة تمثيل "ظهير سياسي" للسيسي.
وفي خطوة تشير لعودة حياة برلمانية شبيهة ببرلمان الحزب الحاكم السابق في مصر طوال عهد الرئيس حسني مبارك وهو الحزب الذي تم حله في أعقاب ثورة 2011، الذي اعتاد السيطرة علي ثلثي مقاعد البرلمان عبر ضم المستقلين الفائزين إليه، أعلن اللواء سامح سيف اليزل، رئيس قائمة "في حب مصر" التي تحولت إلى العمل تحت لافتة "دعم الدولة المصرية" أعلن الانتهاء من تشكيل ائتلاف يضم 400 نائب بعد ضم النواب المستقلين إليه.
وأضاف سيف اليزل، بحسب تصريحات نشرتها صحف مصرية الإثنين 7 ديسمبر/كانون الأول 2015، أن عدد أعضاء الائتلاف تعدى ثلثي النواب، وأنهم سيشكلون الأغلبية داخل البرلمان، ومن ثم ضمان السيطرة على التشريعات في البرلمان.
وسيكون التحدي الأول أمام هذا الائتلاف هو تمرير 216 قانون صدر منذ أطاح الجيش المصري بالرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو 2013، إذ تنص 156 من الدستور القائم على أن تلك القوانين الصادرة في غياب البرلمان تصبح باطلة إذا لم يتم إقرارها في غضون 15 يوما من انعقاد البرلمان الجديد.
ويري مراقبون أن الاعلان عن هذا الائتلاف المؤيد للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ضم 95% من المستقلين الجدد بالبرلمان، يعد مؤشرا على هيمنة فصيل سياسي واحد على القرارات والقوانين خلال انعقاد المجلس، وأنه يكرر تجربة هيمنة حزب "مبارك" السابق على الحياة السياسية والتشريعات، ويضمن للسلطة ظهير سياسي في البرلمان، بحسب الدكتور عمار على حسن أستاذ علم الاجتماع السياسي.
وقبل إجراء انتخابات مجلس النواب، دعا الرئيس السيسي الاحزاب لتشكيل تحالف واحد لخوض الانتخابات، ما اعتبره مراقبون رغبة في عدم وجود معارضة في البرلمان الجديد.
وأعقب هذا إعلان مؤيدي الرئيس تشكيل قوائم أو قائمة انتخابية مشتركة تضم قوى يسارية وليبرالية وأنصار للحزب الوطني السابق لتكون "ظهيرا سياسيا" داخل البرلمان، وتجعلهم يستحوذون على مقاعده الـ 595، وبما يمنع أي معارض من التسرب إليه.
وفي أعقاب تشكيل عدة قوائم، أعلنت جميعها دعم الرئيس السيسي، جرى تفكيك كل القوائم الانتخابية المعلنة قبيل الانتخابات بأسابيع، وإعادة تجميعها في قائمة تضم 7 من جنرالات الجيش السابقين الكبار ويقودها اللواء السابق سيف اليزل هي: "في حب مصر".
وأشارت صحف مصرية منها "الشروق" و"الوطن" حينئذ، لكواليس تفكيك القوائم الأخرى لصالح قائمة سيف اليزل، وقالت إن الأسابيع الماضية شهدت العديد من المساعي من قبل "أجهزة أمنية وسيادية" في مصر لتفكيك أغلب القوائم الانتخابية الكبرى المنافسة في الانتخابات البرلمانية المقبلة لصالح تجميعها تحت لواء قائمة "في حب مصر" التي يقودها سيف اليزل.
واعتبر د. مصطفي الفقي السياسي المصري الشهير، أن "في حب مصر ومن يتحالف معها هما الظهير السياسي للسيسي بالبرلمان"، وقالت صحيفة "مصر العربية" في حوار سابق مع اللواء سيف اليزل أن "مهمة اليزل في الانتخابات التشريعية، هي تأسيس تحالف موال للرئيس عبد الفتاح السيسي"، وقال "اليزل" للصحيفة الفرنسية أنه "لا سبيل أمام البرلمان إلا الموافقة على "قوانين السيسي".
كما اعترف أسامة هيكل وزير الاعلام السابق ورئيس مدينة الانتاج، عضو اللجنة التنسيقية لقائمة "في حب مصر"، أن "قائمة سامح سيف اليزل ظهير للدولة داخل مجلس النواب".
وسبق أن قال الروائي علاء الأسواني، إن البرلمان الحالي لا يعتبر برلمانا حقيقيا وإنما هو عبارة عن مجموعة جاءت لتأييد الرئيس عبدالفتاح السيسي فقط، وأنه لا يتوقع أن يفعل شيئا سوى مزيد من التأييد، ومصير بقائه من عدمه معلق بيد السلطة التنفيذية وحدها تتحكم فيه كيفما تشاء.
كما توقع د. حازم حسني الخبير السياسي في جامعة القاهرة، على حسابه علي فيس بوك، أنه "سيكون برلماناً للرئيس، لا أعتقد أنه ستكون هناك معارضة فعلية، أو أنه سيرسى توازناً في مواجهة سلطة رئيس الدولة".
95% من المستقلين أصبحوا حكوميين
وبحسب ما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات سيطر المستقلون على الكتلة الأكبر داخل البرلمان الجديد حيث وصل عددهم إلى 300 نائب، فيما تمكنت الأحزاب من الفوز بـ 228 مقعداً تقريباً، وأكد المسئول الاعلامي لقائمة "في حب مصر"، النائب مصطفي بكري أنهم ضموا 95% من هؤلاء المستقلين.
بالمقابل أظهرت بيانات أعضاء مجلس النواب الجديد فوز 116 رجل أعمال بمقاعد في البرلمان، بواقع 20% من إجمالي الأعضاء، وبذلك يرتفع تمثيل رجال الأعمال في 2015 مقارنة ببرلمان 2010، حين بلغت نسبتهم 18%.
ويتوقع أن يناصر نسبة كبيرة منهم حزب رجل الاعمال المنافس "ساويرس" المنحاز لرجال الاعمال.
الصراع بين الكتلتين المؤيدتين للسيسي
برغم أن أكبر حزب فائز في الانتخابات هو حزب "المصريين الأحرار" الذي أسسه رجل الاعمال نجيب ساويرس، بعدما فاز بـ 65 مقعد متقدما على 13 حزبا آخرين، فإن نجاحه يصبح محدود التأثير مقارنة بالائتلاف الجديد الذي يتم تكوينه.
ويقول مراقبون إن هذه النتائج تفتح الباب لصراع محتمل بين أكبر كتلتين مؤيدتين للسيسي، إحداهما تعبر عن نفوذ "المؤسسة العسكرية"، والثانية تعبر عن نفوذ "رجال الاعمال"، الذين سبق أن اشتكوا من منافسة شركات الجيش لهم في المشاريع.
وكان ساويرس، يسعي للفوز بتشكيل الكتلة الحرجة لتمرير التشريعات (ثلث المقاعد) التي تسمح له بالتحكم في التشريعات الصادرة، ولكنه لا يستحوذ حاليا سوي على قرابة 11% فقط من المقاعد، ويسعي لضم مستقلين وحزبيين له.
تدشين الصراع
وقد بدأ الصراع مبكرا بين مسئولي التكتلين، حيث وصف سيف اليزل "شخصيات" في حزب المصريين الأحرار بأنها "خطر على مصر".
ورد الدكتور عصام خليل، القائم بأعمال حزب المصريين الأحرار على تصريحات سيف اليزل، قائلا: "إن ممارسات "في حب مصر" بضم 400 نائب لهم للسيطرة والاستحواذ على مقاليد البرلمان تحت ائتلاف "دعم الدولة المصرية" مزعجة سياسيًا".
وتعجب من اتهامات سيف اليزل للحزب قائلا: "لو كان حزب المصريين الأحرار يضم شخصيات تمثل خطورة على الدولة المصرية. لماذا إذن تمت الموافقة على مشاركة الحزب في القائمة؟!".