قام شباب في مدينة طنجة، شمال المغرب، بتحويل أحياء منطقتهم السكنية إلى ما يشبه لوحة فنية جميلة، حيث يستمتع سكان مقاطعة "السواني"، والمارون عبر أزقتها وأحيائها، بألوان الجدران المتناسقة، والزهور الموضوعة على طول الممرات التي تم تنظيفها بعناية.
وفي السابق، لم تكن هذه الأحياء مشهورة عند الكثير من المغاربة، لكنها أصبحت الآن نموذجاً في النظافة والجمال بالنسبة للأحياء المجاورة ومدن أخرى من البلاد، ما يشجع على نقل التجربة إلى مناطق أخرى.
ثورة من نوع خاص
البداية جاءت بفكرة عفوية، متمثلة في تحويل حي شعبي إلى حي ينبض حياة ونقاء، هذه الفكرة راودت مخيلة بعض شباب الحي، الذي يتواجد في أزقة بمقاطعة "السواني" طيلة النهار، بسب البطالة، مثل باقي الأحياء الشعبية المغربية.
إلا أن هؤلاء الشباب اختاروا أن يثوروا على أوضاع حيهم السيئة، حيث الألوان الشاحبة التي تطلى بها الجدران، والأوساخ التي تتواجد هنا وهناك، تزيد من حالتهم السيئة وتؤكد إخفاقاتهم المتتالية في بناء مستقبل كما يتخيلونه، ولم يتصور هؤلاء الشباب أن يحولوا بأناملهم أزقة حيهم إلى لوحات فنية تعكس ذوقهم الجميل في اختيار ألوان خلابة صنعت فضاءً مليئاً بالحياة.
إمكانيات بسيطة
"نحن سعداء بما قمنا بفعله، فبإمكانياتنا البسيطة حققنا كل هذه الأشياء" يقول محمد، شاب في العشرينيات من عمره، يقطن في زنقة 51 بحي "السواني"، لـ"هافنغيتون بوست عربي".
ويضيف أنهم في البداية اتفقوا على فكرة، وهي صباغة الجدران بألوان خلابة تسر الناظرين، وتبعث الأمل في قلوب ساكنيها، على أساس أن تعمم الفكرة في كل أحياء طنجة المعروفة بسحرها وجمالها.
وبمجرد انتشار الفكرة وسط ساكنة الحي، بدأت عملية صباغة الجدران والأرصفة بألوان أخاذة، وتأثيث جنباتها بالنباتات والأزهار، بمشاركة الكبار والصغار في عملية التزيين وإعطاء آرائهم، لتحقيق هدفهم، المتمثل في حي نظيف بألوان زاهية، أعطت المبادرة روحاً جديدة وسط السكان وأظهرت وعيهم الكبير بحضارة مدينتهم وعراقتها التاريخية.
يقول محمد: "تشاركت مع سكان الحي في تحقيق هذه الصور التي تعكس حساً جمالياً عالياً، صحيح نحن في حي شعبي، إلا أن هذا لا يعني أنه ليس لنا حق في الجمال، أتمنى من الأحياء المجاورة أن يتبعوا خطواتنا، فإمكانياتنا بسيطة جداً، ولا داعي لكل هذا التردد".
يتابع محمد حديثه، "أصبح الحي اليوم أفضل بكثير مما كان عليه في الماضي، حيث تحول إلى فضاء نظيف، بالإضافة إلى أنه أصبح فضاءً مناسباً للأطفال الصغار الذين يتخذون من أزقة الحي مكاناً للهو واللعب، نحن سعداء بما حصل في حينا".
أحياء جميلة أخرى
تتواجد بمقاطعة "السواني" في مدينة طنجة، شمال المغرب، أزقة أخرى حولتها أيادي ساكنيها إلى لوحات فنية، شارع الأطلس في نفس المقاطعة هو الآخر نجح سكانه في تحويله إلى عنوان الجمال، نتيجة مبادرة خاصة منهم.
قاطنو شارع الأطلس، اختاروا اللونين الأبيض والأزرق لما لهما من دلالة خاصة عند الطنجويين، رافضيين أي مبادرة جمعوية، حيث فضلوا تبليط جدران أزقتهم بمفردهم بعيداً عن أية مساعدة.