وجهت الخارجية السعودية الأحد 6 ديسمبر/كانون الأول 2015، الدعوة لأطراف المعارضة السورية في الداخل والخارج لحضور اجتماعات الرياض المقررة الثلاثاء وحتى الخميس، فيما تأكد وجود 15 مجموعة مسلحة بالمؤتمر، وسط آمال السوريين والعرب بتحقيق توافق بينها في خطوة نحو حل الأزمة السورية المستمرة منذ 5 سنوات تقريباً.
قادة الفصائل المشاركة في مؤتمر الرياض الذي يبدأ في الفترة من 8 إلى 10 ديسمبر 2015، اتخذوا الأحد موقفاً مشتركاً عبارة عن 5 مبادئ، يتم تقديمها في المؤتمر ونصّت على "بدء عملية انتقالية ليس الأسد جزءاً منهاً، ووقف النار، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله وفصائله، وخروج جميع المقاتلين الأجانب، وعودة المهجرين".
فيما تختلف الكتل السياسية والفصائل العسكرية على الموقف من دور الأسد، بين تأكيد "الائتلاف" على تشكيل "هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة بما فيها صلاحيات الرئيس" وحديث "هيئة التنسيق" أن "منظومة الحكم ورئيسها لا محل لهم في مستقبل سورية"، مقابل تركيز "تيار بناء الدولة" على "اطلاق الحريات".
مهمة صعبة
ويقول عضو الائتلاف سمير نشار إن مؤتمر الرياض سيكون "أمام مهمة صعبة محفوفة بالمخاطر"، موضحاً أن أبرز أهدافه التوصل إلى "موقف مشترك ورؤية سياسية واضحة حول سوريا المستقبل والمرحلة الانتقالية والموقف من بشار الأسد".
وإزاء "الخلاف الجوهري" حول "دور ومستقبل" الأسد، يتخوف نشار "من أن تطالب بعض الفئات المحسوبة على بعض الدول التي تؤيد النظام السوري، ببقاء بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، وهذا يضع المؤتمر أمام تحديات خطيرة تؤثر على إمكانية نجاحه".
وتطالب المعارضة وداعموها برحيل الأسد، بينما يدعو حلفاؤه لتقرير مصيره من قبل "الشعب السوري"، وإيران انتقدت عقد المؤتمر في السعودية، معتبرة أنه "مخالف" لما تم الاتفاق عليه في فيينا.
الموقف من الأسد
ويقول عضو الائتلاف أحمد رمضان "المعارضة متشبثة برحيل الأسد مع بداية الفترة الانتقالية لا يمكن بدء تفاوض إلا إذا اتفقنا على مبدأ رحيل الأسد ومتى يرحل".
ويؤكد نشار أن الجميع يريد وقف القتل في سوريا "لكن هذا لا يعني أن نقبل ببشار الأسد في المرحلة الانتقالية إذا توقف عن القتل".
في المقابل، دعا مسؤولون في معارضة الداخل إلى ترك مصير الأسد للسوريين.
وقال رئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم بعيد تلقيه دعوة للمشاركة في المؤتمر "فيما يتعلق بالرئيس بشار الأسد، هناك نوع من التوافق الدولي على أن هذا موضوع يقرره السوريون".
السعودية ودعم التوافق
إلا أن السعودية تدفع باتجاه توحيد صفوف المعارضة، وهو ما أكد وزير الخارجية السعودية عادل الجبير أنه سيمكن المعارضة من أداء دور "أكثر فاعلية في المحادثات".
ويقول المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي إن الرياض تريد الوصول إلى "معارضة سورية موحدة، والحيلولة دون ادعاء الروس وغيرهم ألّا وجود لمعارضة كهذه".
واعتبر خاشقجي أن توحيد المعارضة قد يسهل عملية رحيل الأسد عن السلطة، وتوقع "وجود خلافات" خلال المؤتمر، إلا أن "معظم الوفود تتفق على أمر واحد: يريدون خروج بشار".
وتوقع خاشقجي أن يكلف المؤتمر 20 شخصية من المشاركين فيه، لتشكيل "ما يشبه القوة الموجهة للمفاوضين" في حال عقد مباحثات مع النظام.
والسعودية من أقوى مؤيدي جماعات المعارضة التي تسعى للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد الذي أصبح مصيره نقطة خلاف في محاولات التوصل لاتفاق سلام.
من جانبها قالت الخارجية السعودية إنها ستساعد المعارضة السورية على الحوار بينها في كل المواقف المطروحة بشكل مستقل ولتوحيد موقفها واختيار ممثليها في المفاوضات وتحديد مواقفها التفاوضية، وذلك للبدء في العملية الانتقالية للسلطة.
وأكدت السعودية أنها وجهت الدعوة لكافة شرائح المعارضة السورية المعتدلة بمختلف فئاتها وتياراتها وأطيافها العرقية والمذهبية والسياسية داخل سوريا وخارجها بناء على التشاور مع معظم الشركاء في الأطراف الدولية الفاعلة، ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا "ستيفان دي ميستورا".
الأطراف المشاركة
ومن المؤكد أن الاجتماع لن يضم تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مساحات من الأراضي في شرق سوريا وشمال غرب العراق.
واستثني من الدعوة إلى المؤتمر المقاتلون الكرد وعلى رأسهم وحدات حماية الشعب، إحدى أكثر القوة فاعلية ضد الجهاديين، وقال مسؤولون في الائتلاف السوري ومقره إسطنبول، إنه تحفظ على مشاركة الوحدات لأنها "لم تقاتل قوات النظام"، ويرفض الكرد الذين تجمعهم علاقة متوترة بتركيا، هذا الاتهام.
فيما أكد جيش الإسلام وهو أحد فصائل المعارضة المسلحة على تلقي دعوات للمشاركة في اجتماع الرياض على الرغم من أن جيش الإسلام لم يذكر ما إذا كان سيحضر الاجتماع أم لا.
وقال أعضاء من المعارضة السياسية السورية في المنفى إن الاجتماع سيجمع 65 ممثلا على الأقل لجماعات سياسية وجماعات مسلحة.
وتأكد مشاركة 15 فصيلاً بينهم 7 من الجبهة الشمالية قرب حدود تركيا، و5 من الجبهة الجنوبية في الجيش الحر قرب حدود الأردن، إضافة إلى ممثل "هيئة حماية المدنيين" هيثم رحمة، حسبما ذكرت صحيفة الحياة.
وبين المشاركين في المؤتمر، قادة جبهة الأصالة والتنمية إياد محمد شمسي، والفرقة الأولى الساحلية بشار ملا، والفرقة الثانية الساحلية محمد حاج علي، وصقور جبل الزاوية حسن حج علي، وتجمع صقور الغاب محمد منصور، وفيلق الشام فضل الله الحجي، وممثل لجيش المجاهدين.
كما يتوقع أن يشارك 5 من الجبهة الجنوبية في الجيش الحر، وممثل من جيش الإسلام، وأجناد الشام، وقيادي من حمص، ومسؤول في أحرار الشام.
ويمثل الائتلاف السوري 20 عضواً برئاسة خالد خوجة، إضافة إلى شخصيات أخرى دعيت بصفتها مستقلة، من بينهم القيادي في الإخوان المسلمين محمد فاروق طيفور، كما تمثل هيئة التنسيق برئاسة منسقها العام حسن عبدالعظيم، وهى الكتلة الثانية حيث يشارك منها 12 شخصية، إضافة إلى الدكتور عارف دليلة.
وقال منذر أقبيق عضو الائتلاف الوطني السوري ومقره تركيا إن الدعوة وجهت إلى وفد من الائتلاف مؤلف من 20 عضوا للمشاركة في اجتماع الرياض. والائتلاف هو المعارضة السياسية الرئيسية المدعومة من الغرب إلا أن صلاته ضعيفة بمقاتلي المعارضة على الأرض وينظر إليه على أنه بعيد عن المواطنين بوجه عام.
انتقادات إيرانية
وانتقدت إيران مؤتمر المعارضة قائلة إنه سيؤدي إلى فشل المحادثات الدولية. وقالت طهران اليوم الأحد إن مصير الأسد يجب أن يحدده الشعب السوري فقط.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس السبت إن الجولة المقبلة من المحادثات الدولية بشأن سوريا ستجرى في نيويورك هذا الشهر.
وفي الشهر الماضي التقت روسيا وأميركا ودول أخرى من أوروبا والشرق الأوسط في فيينا حيث تم وضع خطة من أجل عملية سياسية في سوريا تؤدي إلى إجراء انتخابات خلال عامين.
وبعد أعوام من التشديد على أولوية رحيل الأسد، صدرت مؤخراً عن مسؤولين غربيين تصريحات تلمح إلى إمكان قبول بقائه لمرحلة انتقالية، ورأى هؤلاء أن حل النزاع يسهم في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية الذي تبنى مؤخراً هجمات دامية، أبرزها في باريس.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة نشرت السبت، إن الوصول إلى "سوريا موحدة يتطلب انتقالاً سياسياً، هذا لا يعني أن الأسد يجب أن يرحل قبل الانتقال لكن يجب أن تكون هناك ضمانات للمستقبل".