نفى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الجمعة 4 ديسمبر/كانون الأول 2015، أن تكون الحكومة العراقية قد طلبت من أية دولة إرسال قوات برية إلى العراق في إطار الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، معتبراً أن إعلان واشنطن نشر مثل هذه القوات يعتبر "عملاً معادياً"، فيما اعتبره مسؤول عراقي سابق بأنه استعراض للعضلات الأميركية في مقابل القوات الروسية المتواجدة في سوريا، بينما رصد خبراء عراقيون مخاوف الحشد الشعبي من تراجع دوره في حال نشر تلك القوات الأميركية.
أميركا كانت قد أعلنت مطلع الأسبوع إرسال وحدة من القوات الخاصة ما تعداده 100 رجل، لمحاربة التنظيم في العراق وسوريا، في حين طالب عضوان من مجلس الشيوخ الأميركي بإرسال 100 ألف جندي أجنبي.
رفض حازم
وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي أن "الحكومة العراقية تؤكد موقفها الحازم ورفضها القاطع لأي عمل من هذا النوع يصدر من أية دولة وينتهك سيادتنا الوطنية، وسنعد إرسال أية دولة لقوات برية قتالية عملاً معادياً ونتعامل معه على هذا الأساس".
وقال البيان إن العبادي "يجدد التأكيد على عدم حاجة العراق إلى قوات برية أجنبية".
رئيس الوزراء العراقي أضاف أيضاً أن حكومته ملتزمة بعدم السماح بتواجد أية قوة برية على أرض العراق، ولم تطلب من أية جهة سواء إقليمية أو من التحالف الدولي إرسال قوات برية إلى العراق.
الدعم الجوي والسلاح والتدريب
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية تؤكد موقفها الثابت الذي أعلنته مراراً بأنها طالبت وتطالب دول العالم والتحالف الدولي بالوقوف مع العراق في حربه ضد (داعش) وذلك بتقديم الإسناد الجوي والسلاح والذخيرة والتدريب".
وتابع "أكدنا ضرورة زيادة فاعلية الدعم الجوي للقوات العراقية وملاحقة عناصر وقادة داعش على الحدود وفي الصحراء وإيقاف تمويلهم، وهو الطلب الذي استجاب له الجانب الأميركي، على ألا يتم القيام بأي نشاط إلا بموافقة الحكومة العراقية وضمن السيادة العراقية الكاملة".
يُشار إلى أن ذلك هو الموقف الأكثر حزماً من قبل رئيس الحكومة العراقية الذي أكد أن بلاده ليست بحاجة لقوات برية أجنبية على أراضيها لهزيمة "داعش".
استعراض العضلات
وفي تعليق له على المقترح الأميركي، اعتبر نائب رئيس الوزراء العراقي المستقيل بهاء الأعرجي أن إصرار واشنطن على إرسال قوات برية في العراق يعد تجاوزا للسيادة العراقية ومحاولة للهيمنة على القرار السياسي العراقي.
الأعرجي قال في بيان له إن أي قرار أميركي بإرسال قوات برية للعراق ليس المراد منه محاربة داعش كما يعلن في الظاهر، وإنما استعراض العضلات لا سيما أن هناك قوات روسية في سوريا تم الإعلان عن وجودها مؤخراً.
وأضاف أنه على العراق رفض هذه القوات حتى لا تصبح بغداد منطلقا لحرب بالوكالة.
مخاوف الحشد الشعبي
وقال الخبير الأمني ورئيس المركز الجمهوري للدراسات الأمنية معتز محي الدين في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" إن القوات الخاصة الأميركية المقترح نشرها بالعراق هي بالأصل قوات كوماندوز لها مهام محددة بمكافحة الإرهاب وكانت آخر عملية ناجحة لها هي عملية الحويجة التي ساعدت فيها قوات البيشمركة الكردية في تحرير مجموعة من الرهائن كانت بحوزة داعش.
محي الدين أضاف أن المخاوف التي تبديها جهات عراقية خصوصاً الحشد الشعبي من نشر قوات أجنبية في العراق لها بعد سياسي كون واشنطن بدأت توسيع نطاق عملياتها بالبلاد وهو ما سيؤدي في النهاية إلى تحجيم الحشد الشعبي، لا سيما أن أميركا باتت لا تريد منح قوات الحشد دوراً في معارك الأنبار وصلاح الدين.
وكشف الخبير الأمني أن جزءا كبيرا من هذه المخاوف يأتي في سياق الاستعداد الأميركي إلى إنشاء قاعدة عسكرية على الحدود الدولية بين العراق وسوريا وهو ما يثير مخاوف الجهات الرافضة لذلك.
تصريحات آشتون
وكان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر صرح، الثلاثاء الماضي، بأن بلاده ستنشر في العراق "قوة استكشاف متخصصة" لمساعدة القوات العراقية والبشمركة على قتال تنظيم داعش، وذلك "بالتنسيق التام مع الحكومة العراقية".
والأربعاء، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بروكسل: "بالطبع أبلغت الحكومة العراقية مسبقاً بإعلان الوزير كارتر".
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن العمل على الخطط سيكون بالتشاور الكامل والموافقة الكاملة للحكومة العراقية.
ورغم أن القوات الخاصة الجديدة ستتمركز في العراق، إلا أنها ستكون قادرة أيضاً على شن هجمات عبر الحدود في شمالي سوريا.
وأوضح كارتر أن "هذه القوات الخاصة ستتمكن مع الوقت من القيام بالمداهمات، وتحرير الرهائن، وجمع المعلومات الاستخباراتية والقبض على قادة في داعش".