حبيبان مصريان لم يقهرهما الجلوس فوق كرسييهما المتحركين، وقاما بتوجيه رسالة لكل من حولهما أكدت صمود وإرادة الإنسان وقوة عزيمته في قهر الصعب وتحويل الأمل المستحيل إلى حقيقة، حتى باتا من مشاهير الشبكات الاجتماعية ولهما صفحة خاصة بهما تحمل اسم "حلمنا هنكمله"، هدفها زرع الأمل والحلم في الناس.
"محمود عوض" شاب مصري في الـ20 من عمره، ظل ملازماً لكرسيّ متحرك، وهو في مُقتبل عمره، بعد تعرضه لحادث فقد معه القدرة على السير.
اتجه محمود لممارسة رياضة تنس الطاولة، ليضع القدر أمامه "شيماء"، التي حملت معه نفس رسالة التحدي من على كرسيها المتحرك ويتغلب حبهما سوياً على كل الصعاب.
محمود يعيش في مدينة السويس (شرقي مصر)، وشيماء تعيش في مدينة كفر الشيخ (شمالي مصر)، جمع بينهما القدر في أحد مراكز التأهيل الطبي، ليصارحا بعضيهما بحقيقة مشاعرهما بعد عام ونصف من لقائهما الأول، ليثبتا لمن حولهما أنهما قادران على أن يعيشا حياة طبيعية مثل باقي البشر، لكن من خلال أدوات ووسائل مختلفة.
الشاب والفتاة صارحا الأهل بنيتهما الزواج، ورغم بعض الاعتراضات في البداية، إلا أن حبهما انتصر ليوافق الأهل وتتم الخطوبة.
تمسّك بأحلامك
"أقول دائماً لأصدقائي ألا يفقدوا الأمل وأن يتمسكوا بأحلامهم ويسعوا جاهدين لجعلها حقيقة، وأن السبيل دائماً للنجاح هو الإرادة والعزيمة والإصرار والثقة بالنفس"، هكذا عبّر محمود عن مشاعره المتفائلة رغم العوائق والصعاب التي لازمته عبر كرسيه المتحرك.
وأضاف في تصريحه لـ"عربي بوست" أنه وحبيبته شيماء مثل "روح ونبض واحد في جسدين يرافقهما الأمل".
ومارس محمود وشيماء رياضة تنس الطاولة بكل اجتهاد حتى تمكّنا من تسجيل نفسيهما في اللجنة البارالمبية المصرية، هذه الرياضة التي شهدت لقاءهما الأول في مركز للتأهيل الطبي، والتي تعطي لمحة عن تفاؤليهما وقوة عزيمتيها في التغلب على ما يعتبره البعض "إعاقة".
وتوجه شيماء رسالة لمن ترى في أعينهم نظرة الشفقة عليهما من صعوبة تحقيق حلمهما بقولها: "كفاكم قولاً لمستخدمي الكراسي المتحركة (ربنا يشفيكم)، و(ألف سلامة عليكم)، و(ربنا يقومكم بالسلامة)، فمستخدمو الكراسي المتحركة ليسوا غير باقي البشر في شيء، فمنهم الأطباء والمهندسون والسياسيون ورجال الأعمال وأبطال مصر وإفريقيا والعالم في جميع الرياضات ومنهم العامل ورئيس الشركة".
وتؤكد شيماء لـ"عربي بوست" أنها دائماً ما كانت تردد "من رضي بقضاء الله أرضاه الله بجمال قدره"، وتضيف: "أنا ومحمود كسرنا حاجز المجتمع وأردنا أن نري الكل أننا قادرون، وأن الكرسي لم تكن أبداً مشكلة بالنسبة لنا".
كنا ستة اصحاب فى مول العرب إمبارحعدى قدامنا واد و بنت من سننا، الاتنين مستخدمى كراسى متحركه، كل واحد فيهم بيتحرك على كر…
Posted by Mustafa Gebril on Sunday, November 15, 2015
رمز للصمود
وكتب الحبيبان على صفحتهما "حلمنا هنكمله" جملاً تحضّ على الأمل والمبادرة لتحقيق الأحلام مثل: "البسمة مش هتكلفك كتير، وبتهون عليك وعلى غيرك، دي يمكن بتزيح عنك حزن، وبتحبب ناس فيك، عاوز تشوف الدنيا حلوة ابتسم، عاوز تأخذ حسنات ابتسم، عاوز تنسى همّك وتسيبك من اللي فات ابتسم".
وعلى هذه الصفحة شارك الحبيبان في حملة ترفض وصفهما بـ"المعاقين"، وترفض استخدام كلمة "إعاقة" التي يرونها كلمة "عنصرية" تؤذي المشاعر. فكلمة إعاقة – كما يرونها – تستخدم لوصف أولئك الذين انهزموا في مواجهة بعض العوائق والصعاب التي منعتهم من تحقيق أحلامهم، ولم يحاولا النهوض من جديد وبذل مزيد من الجهد.
حلم المستقبل
تقول شيماء حول حياتهما المستقبلية: "رتبنا لحياتنا، وكل الأمور ليست صعبة، نبحث عن وظائف ونتقدم دائماً للمقابلات المتعلقة بالوظائف. لم نيأس، وثقتنا بالله كبيرة بأننا سنجد قريباً الوظيفة المناسبة لأننا نسعى ولن نتوقف".
ويؤكد محمود، الذي يحمل شهادة البكالوريوس في نظم المعلومات الإدارية، أنهما لا زالا يمارسان رياضة تنس الطاولة، قائلاً: "سوف نمارسها دائماً دون انقطاع، ونحن مسجلان في اللجنة الباراليمبية وسنشارك قريباً في بطولات محلية ودولية، وسنسعى إلى حصد البطولات بمشيئة الله".
شيماء تؤكد أيضاً أنهما يستطيعان الفرح، وقضاء حياتهما بالشكل والصورة اللذين يرونهما مناسبين، لافتة إلى أن أكثر ما يفرحهم عندما يشاهدون المارة فرحين لسعادتهم، بعيداً عن نظرات الشفقة.