اعترض أقباط مصريون على الزيارة التي بدأها البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أمس الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، للقدس عبر مطار تل أبيب، وطالبوا بفتح الباب أمام الأقباط لزيارة القدس.
فيما قالت الكنيسة القبطية إن تواضروس ذهب للمشاركة في جنازة الأنبا أبراهام، مطران الكرسي الأورشليمي (القدس) والشرق الأدنى، بينما قال آخرون إنهم لا يرون هناك مشكلة في زيارته القدس طالما أنها زيارة "شخصية" للعزاء، وليست سياسية للتطبيع.
زيارة البابا تعد الأولى لأنبا الكنيسة المصرية إلى القدس منذ 35 عاماً، والتي دافع عنها بقوله إنه "جاء إلى القدس للمشاركة في العزاء والصلاة على جثمان الأنبا أبراهام مطران القدس، وليس للزيارة".
وقال تواضروس، في كلمة عقب وصوله القدس بثتها قناة "مارمرقس" المسيحية، إن "هناك أسباباً خاصة وجانباً شخصياً وراء حضوري لوداع الأنبا أبراهام"، مضيفًا: "عندما دخلت دير الأنبا بيشوي سنة 1968 كان الأنبا أبراهام أول من استقبلني ومن أوائل الرهبان الذين تعاملت معهم".
من جهته قال القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة، في مداخلة هاتفية على قناة "الحياة" المصرية الخاصة مساء الخميس: "إن التقاليد الكنسية تنص على أن المطران يصلى عليه بطريرك"، وأن "البديل الوحيد لعدم السفر البابا هو إحضار جثمان الأنبا إبراهام إلى القاهرة وهو صعب بسبب وصيته بدفنه في القدس".
ووُجهت انتقادات للبابا تواضروس على الشبكات الاجتماعية لزيارته القدس، بالمخالفة للحظر الذي فرضته الكنيسة على زيارة المدينة قبل تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، واستدعت الزيارة زيارات أخرى سابقة قامت بها قيادات إسلامية للقدس على رأسهم مفتي مصر السابق علي جمعة، ووزير خارجية الكويت، والداعية علي الجعفري.
وتركز الجدل بين الأقباط بشأن الزيارة حول جدواها وتوقيتها، حيث تندلع انتفاضة فلسطينية ثالثة، فضلاً عن صعوبة التفريق بين السياسي والشخصي في الزيارة، خاصة أن البابا سافر علي نفس الطائرة التي يسافر عليها السفير الإسرائيلي أسبوعياً "إير سيناء" ونزل في مطار تل أبيب.
القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قال لصحيفة "الوطن" الخاصة، إن ترتيبات سفر البابا وطريقة وصوله للقدس قامت بها الدولة المصرية وليس الكنيسة، والكنيسة لا تضع في حسبانها أي معادلات سياسية، وزيارة القدس لا تدخل فيها أي حسابات سياسية على الإطلاق، مشيراً إلى أن الزيارة لا تتضمن أي لقاءات أو مقابلات رسمية.
وجاءت تعليقات الأقباط على خبر سفر البابا تواضروس، على صفحة المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القس بولس حليم، بين مستغرب وبين مُطالب بفتح الباب للسفر للقدس للجميع؛ طالما سافر إليها البابا بنفسه، وتبرير الزيارة بأن البابا شنودة سبق له السفر في عزاء ياسر عرفات.
الاربعاء 25 نوفمبر 2015 مقداسة البابا تواضروس يراس الصلاة الجنائزية لمثلث الرحمات نيافة الانبا ابراهام مطران الكرسي الاورشليمي والشرق الادني
Posted by Coptic Orthodox Church Spokesperson on 25 نوفمبر، 2015
وقال مايكل راغب نصر: "بعد كده ما حدش يقول حرام نروح القدس، ولا هي حلال لناس وحرام لناس".
أما باسم شنودة فقال: "أنا خايف إن ممكن ده يعمل مشكلة للبابا ويقولوا البابا شنودة كان بيقول مش هنروح القدس إلا وإيدينا في إيد إخواتنا المسلمين، والناس تقول ممكن تجيبوا جسد سيدنا ويتصلى عليه في مصر، وأهو قدامكم يومين، مش عارف ربنا يستر علشان أكيد في ناس هاتستغل الموقف ده ضد البابا".
بالمقابل، شدد جرجس زكريا على تأييد موقف البابا بقوله: "كل الشعب يؤيد سفر البابا على رأس الوفد المشارك فى صلوات جنازة الأنبا إبراهام، قرار حكيم جداً جداً من البابا سفره للصلاة على الأنبا إبراهام بالقدس".
وأيده فادى شنودة قائلاً: "على حسب ذاكرتى البابا شنودة حضر جنازة ياسر عرفات في إسرائيل وكان معاه عادل إمام أرجو النشر مع العلم بأنى انا من ابناء البابا شنودة".
ودافعت حركة شباب "كريستيان" للأقباط الأرثوذكس، عن سفر البابا للصلاة على جثمان الأنبا إبراهام مطران الكرسي الأورشليمي، وقالت: "لا يتعارض مع موقف الكنيسة تجاه القضية الفلسطينية نهائياً، بل هو من صميم تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية، وأن الأنبا إبراهام مثله مثل شيخ المطارنة الأنبا ميخائيل، الذي ترأس البابا جنازته حينما توفي، ولم تذهب جثامين المطارنة إلى مقر البابا للصلاة عليها".
وأشار نادر صبحي، مؤسس الحركة، إلى أن "الأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ سبق أن زار القدس مرتين من قبل بناءً على تكليف من البابا الراحل شنودة الثالث، وهو ما يتسق مع ما قام به البابا حالياً بأنه تكليف من صميم عمله وليس انقلاباً على قرار البابا شنودة الثالث بمنع السفر للقدس"، وأكد صبحي "رفض الحركة للمزايدة والتشكيك في وطنية البابا تواضروس التي يشهد لها العالم أجمع نحو مصر".
وقال فادي يوسف، مؤسس ائتلاف أقباط مصر، إن الزيارة ليست إلا لإجراء مراسم الجنازة للرجل الثاني بالكنيسة، وهو الأنبا إبراهام مطران القدس، الذي جرت العادة أن يدفن بالقدس، وأنه ليس هناك كما يروج البعض من الجهلاء أن الزيارة للأماكن المقدسة، كما من الخطأ أن يهاجم بعض الأشخاص البابا لأنه يقوم بأداء واجب عزاء، بدلاً من مواساته على رحيل مطران القدس.
وسبق أن أكد البابا تواضروس منذ اعتلائه الكرسي البابوي عام 2012 أكثر من مرة التزامه بقرار المجمع المقدس الصادر عام 1980 بمقاطعة سفر الأقباط إلى القدس رغم معاهدة كامب ديفيد للسلام، كما أكد الأمر نفسه للرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقائهما في أكثر من مناسبة، مشدداً على أنه لن يزور القدس إلا بصحبة شيخ الأزهر.
ووصل وفد يضم البابا تواضروس الثاني، بابا أقباط مصر الأرثوذكس، إلى مطار تل أبيب قادماً من مطار القاهرة الدولي، أمس الخميس، على رأس وفد كنسي يضم 8 من كبار القساوسة، في زيارة للقدس هي الأولى منذ 35 عاماً.