قال مسؤولون بلجيكيون وخبراء إن مقتل الجهادي البلجيكي الذي يشتبه بأنه وراء سلسلة من الهجمات في فرنسا قد قضى على "عنكبوت" شبكة تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ومقرها بروكسل. لكن مخاطر أخرى لا تزال قائمة.
وتأكد الخميس 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015/ مقتل من يزعم أنه العقل المدبر لهجمات باريس التي وقعت يوم الجمعة الماضي عبد الحميد أباعوض في مداهمة نفذتها الشرطة بضاحية سان دوني.
وأباعوض شاب ذو سجل جنائي سافرَ للقتال في سوريا عام 2013 ويعتقد أنه جند شباناً مثله من عائلات مهاجرين في مسقط رأسه ضاحية مولينبيك في بروكسل وأماكن أخرى في بلجيكا وفرنسا.
وقال كون جينس وزير العدل البلجيكي "عنكبوت الشبكة لم يعد يشكل خطراً" واصفاً ما تحقق بأنه إنجاز.
قوانين لكبل الإسلاميين
وتضيق أجهزة الأمن الخناق على خلايا أباعوض مع إعلان الحكومة عن قوانين جديدة لكبح الإسلاميين بعد انتقادات حادة من فرنسا بأن بلجيكا تتعامل بتراخ مع أكبر تركيز للمتشددين ذوي الصلة بسوريا داخل أوروبا.
وقال جينس للتلفزيون الرسمي "الشبكة تضيق بدرجة أكبر حول خلايا القيادة المختلفة التي بدأت في فيرفييه" وهي بلدة أفلت أباعوض فيها من الاعتقال في يناير/ كانون الثاني الماضي حين قتلت الشرطة 2 من مساعديه من مولينبيك في مداهمة لأحد المخابئ.
وقال ريك كولسيت الأستاذ بجامعة جنت "فقدت الدولة الإسلامية الآن حلقة وصل محورية للهجمات في هذه المنطقة."
وأشار إلى أن أباعوض الذي ذاع صيته على الشبكات الاجتماعية أثناء وجوده في سوريا – وكان يتباهي بعبور الحدود جيئة وذهاباً – ارتبط بعدد من الهجمات في أوروبا.
من بين هذه الهجمات إطلاق النار على أشخاص عند المتحف اليهودي في بروكسل وهجوم على كنيسة في إحدى ضواحي باريس ومحاولة قتل ركاب في قطار سريع بين بروكسل وباريس بالإضافة لسلسلة الهجمات في باريس التي قتل فيها 129 شخصاً.
الشبكة لا تزال قائمة
لكن مع بقاء شريك آخر هو صلاح عبد السلام (26 عاماً) -السجين السابق مع أباعوض – هاربا — وما يقرب من ألف بلجيكي لهم صلة بسوريا على قائمة أساسية لمتشددين محتملين — فقد ساد الحذر بخصوص المستقبل.
وقال رولف توفوفين من معهد منع الأزمات في إيسين بألمانيا "ربما يحتاج الأمر بعض الوقت لإنشاء خلية أو شبكة. لكن يوجد ما يكفي من الأشخاص الذين يمكنهم أن يحلوا محله بطريقة ما… لشرح الأمر بمصطلحات طبية: تمت إزالة ورم لكني متأكد من أن السرطان سيواصل الانتشار."
وفي مولينبيك عبر أناس عن دهشتهم من تحول بعض جيرانهم إلى التشدد ومنهم عبد السلام وشقيقه الذي كان يدير حانة وأباعوض الذي عرف شبابه بالاستهتار.
أرض خصبة
وتسابق سكان للدفاع عن السمعة التي تلاحق المنطقة التي وصفها رئيس البلدية نفسه بأنها "أرض خصبة" للمتشددين بسبب معدلات البطالة المرتفعة.
وحين سئل الخبير الأمني بلال بن يعيش إن كانت ميتة أباعوض قد تلهم آخرين للسير في طريقه -أي للشهادة كما يعتقد مقاتلو الدولة الإسلامية- أم تردعهم فقال إن التشريع الجديد سيكون له على الأرجح تأثير أكبر في هذه المشكلة.
وقال بن يعيش الخبير بمعهد إيتينيرا البحثي في بلجيكا "إجراءات الحكومة ستكون لها أهمية أكبر من وفاة أباعوض في ردع الناس عن السير على خطاه."
فخلال رحلته عائداً لبروكسل العام الماضي أغوى شقيقه الصغير وعمره 13 عاماً بالعودة معه إلى سوريا ليجعل منه أصغر مقاتل أجنبي هناك فيما يبدو.
وقبل تأكيد مقتله قال أوليفييه فاندرهيجن الذي يعمل في مولينبيك لإثناء الشبان عن الذهاب إلى سوريا أنه في ظل نسبة بطالة قدرها 37% بين شبان المنطقة فإن مغامرات أباعوض -سواء في الصحراء السورية أو في شوارع باريس- تعرض فيما يبدو طريقة حياة بديلة جذابة.