تترقب الجزائر مع بداية العام الجديد تطبيق إجراءات صارمة فيما يتعلق بمراقبة شبكة الإنترنت، إذ نشرت الحكومة الجزائرية قراراً في الجريدة الرسمية يقضي بإنشاء "هيئة وطنية قضائية" بصلاحيات أمنية من أجل مراقبة شبكة الإنترنت.
وقال رمضان حملات، المحلل في القضايا الأمنية إن "الهدف الرئيسي لهذه الهيئة يتمثل في مراقبة المواقع الجهادية التي يتواصل من خلالها المتطرفون والتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وأشار مصدر مسؤول بوزارة الداخلية لـ"عربي بوست" أن النسبة الأكبر من العمليات الإرهابية المسجلة داخل الجزائر كانت تتم بمساعدة شبكة الإنترنت.
وذكر عيساني عبد الوهاب، ملازم أول مختص بالشأن الإعلامي، أن فرقاً أمنية تحمل تراخيص قضائية ستتولى مهمة الدخول والبحث في المواقع المختلفة، ومراقبة تواصل مقاتلين محتملين مع شبكات إرهابية بالداخل، وأكد أن هذه الفرق ستعمل على "منع تداول أي داعية يروج لفكر داعش".
هذه الفرق لها الحق الكامل في مداهمة أي منازل أو منشآت يحتمل أن تكون مصدر بث الأفكار المتطرفة أو مصدر التواصل مع مجموعات متطرفة خارج البلاد.
داعش الإلكترونية
وكان الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال قد دعا إلى تنظيم اجتماع وزاري طارىء لبحث مسألة نشاط تنظيم داعش على شبكة الإنترنت، واحتمالية وجود خلايا نشطة للتنظيم داخل البلاد، وكيفية العمل على استئصالها ميدانياً وإلكترونياً.
تفجيرات باريس
ويؤكد الخبير الجزائري في القضايا الأمنية سليم حمدوش على مهارة تنظيم "داعش" في استخدام شبكة الإنترنت في عمليات التجنيد والتواصل، وهو ما أكدته التحقيقات المعلنة فيما يخص هجمات باريس الأخيرة.
الجزائر لا تعتبر نفسها في منأى عن وقوع مثل هذا النوع من الهجمات، لذلك فقد باشرت بتطبيق أنظمة أمنية من شأنها الحد من نشاط تنظيم داعش على شبكة الإنترنت.
وكانت المخابرات الجزائرية قد اكتشفت مؤخراً محاولة "داعش" تجنيد بعض الشباب داخل الجزائر للقتال في بعض الدول مثل ليبيا وسوريا والعراق.
حمدوش لم يستبعد أيضاً أن تكون التحقيقات الفرنسية حول الهجمات الأخيرة قد أشارت إلى إمكانية استغلال مواقع إنترنت تبث من الجزائر من أجل التواصل بين منفذي الهجمات. هذا الأمر يفسر سرعة التحرك الجزائري في ضبط ومراقبة شبكة الإنترنت.
ويقول المحلل إن اتجاه داعش نحو الإنترنت في الجزائر يعود إلى فشل التنظيم في فرض هيمنته على الأرض. فقد نجحت قوات الأمن الجزائرية في تفكيك تنظيم "جند الخلافة" الذي سبق وأعلن ولاءه لأبي بكر البغدادي زعيم "الدولة الإسلامية". كما فرضت قوات الأمن رقابة لصيقة على الحدود الجزائرية بين كل من مالي وليبيا.
مائة جزائري في صفوف داعش
المدير العام للحريات العامة والشؤون القانونية في وزارة الداخلية محمد طالبي، أكد أن الجزائر معنية بشكل أقل بظاهرة تجنيد الشباب من قبل منظمات إرهابية دولية مقارنة بدول الجوار ودول الشرق الأوسط عامةً، فعدد الجزائريين المنضمين لتنظيم داعش لا يتعدى 100 شخص.
وأكد طالبي أن المستهدفين من أبناء الجزائر هم الشباب الذي يعاني من مشاكل البطالة والأمية، وأن التنظيمات الإرهابية تقوم بالاتصال مع هؤلاء شخصياً من خلال استغلال الشبكات الاجتماعية.