تسعى قوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المدعومة من التحالف العربي لاستعادة كامل محافظة تعز، لما يمثله ذلك من مدخل لتأمين جنوب البلاد والتقدم نحو استعادة مناطق الوسط والشمال ولا سيما صنعاء، من المتمردين الحوثيين، وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
قوات هادي مدعومة من المقاومة الشعبية والتحالف بقيادة السعودية بدأت هجوماً واسعاً الأحد 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 في المحافظة الواقعة في جنوب غرب البلاد، لطرد الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق الذين يسيطرون على مناطق واسعة من المحافظة، ويحاصرون مركزها مدينة تعز.
استعادة تعز مهم للجنوب ومفتاح لتحرير وسط اليمن
يقول نائب رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية اليمني ثابت حسين صالح إن استعادة محافظة تعز قد تمثل "مفتاحاً للانطلاق نحو تحرير باقي المحافظات مثل إب والبيضاء" وسط البلاد قبل التقدم باتجاه الشمال.
ويضيف صالح، الخبير في الشؤون العسكرية، إن لاستعادة تعز "أهمية استراتيجية لحماية الجنوب" إضافة إلى عدن، ثاني كبرى مدن البلاد.
القوات الموالية لهادي كانت استعادت في يوليو/ تموز بدعم جوي وبري من التحالف، كامل السيطرة على المدينة الواقعة على الساحل الجنوبي بعد طرد الحوثيين والقوات الموالية لصالح منها. إلا إن الوضع الأمني في عدن التي أعلنها هادي في وقت سابق من هذا العام عاصمة مؤقتة للبلاد، لا يزال هشاً، مع تنامي نفوذ الجماعات المسلحة وبينها مجموعات جهادية.
الرئيس هادي عاد صباح الثلاثاء إلى عدن للإشراف على العمليات العسكرية في تعز. ويقيم الرئيس اليمني في الرياض منذ تقدم الحوثيين جنوباً في آذار/ مارس. وهذه العودة هي الثانية له منذ سبتمبر/ أيلول حينما أمضى في عدن أياما قبل أن يغادر مجدداً إلى الرياض بسبب الوضع الأمني.
وأكد مصدر رئاسي يمني أن هادي عاد "لإدارة شؤون البلاد" وللإشراف المباشر على العملية العسكرية".
تغير ميزان القوى
يتوقع صالح أن تكون المعركة "صعبة" في المحافظة ذات المساحة الواسعة والتي تعد نقطة تواصل بين الشمال والجنوب، وتطل على مضيق باب المندب على البحر الأحمر.
ويوضح أن الحوثيين وحلفاءهم يسيطرون على معظم مناطق محافظة تعز حيث المقاومة الشعبية ضعيفة، في إشارة إلى التسمية التي تطلق على مجموعات من المقاتلين المناهضين للحوثيين، وتضم في صفوفها عناصر من الحراك الجنوبي وقبليين ومتطوعين.
خطوات المقاومة
تتقدم القوات الموالية لهادي بدعم من التحالف العربي عبر 3 محاور في محافظة تعز، بحسب ما يفيد قادة عسكريون. ويوضح العميد فضل عباس، قائد قاعدة العند الجوية التي يتم منها الإشراف على العملية العسكرية، "نتقدم من ثلاثة محاور لكسر الحصار المفروض على تعز وتحرير المدينة"، متحدثاً عن "انهيار" في صفوف الحوثيين وقيام العديد منهم بالاستسلام.
بحسب الخبير في شؤون الأمن والدفاع في مركز الخليج للأبحاث مصطفى العاني، فإن معركة تعز "هي حاسمة لهزيمة الحوثيين وحلفائهم". ويلفت إلى وجود "تصميم من التحالف العربي على حسم هذه المعركة"، متحدثاً عن وصول "تعزيزات سعودية وإماراتية وحتى من قطر".
التحالف بقيادة السعودية بدأ توجيه ضربات جوية ضد الحوثيين نهاية مارس/ آذار، ووفر بعد ذلك بأشهر دعماً ميدانياً شمل إرسال قوات وآليات.
ورجح العاني أن يكون لـ "تحرير تعز تأثير كبير على إعادة المسار السياسي التفاوضي"، معرباً عن اعتقاده أن "المعركة (…) ستغير ميزان القوى عسكرياً وسياسياً".
حصار ووضع إنساني صعب
وفق أرقام الأمم المتحدة، أدى النزاع في اليمن إلى مقتل أكثر من 5700 شخص منذ مارس/ آذار، بينهم قرابة 2700 مدني.
ويرخي الحصار والمعارك بثقلها على الوضع الإنساني، إذ تتخوف اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تدهور إضافي للوضع الإنساني "الكارثي"، ولا سيما بالنسبة لسكان مدينة تعز الذين يقارب عددهم 700 ألف.
اللجنة: تعز تعتبر "أكثر المحافظات تضرراً حالياً في اليمن، مع وضع إنساني سيىء للغاية"، مضيفة أن "الحصار المفروض يمنع دخول السلع إلى المدينة ويعيق المساعدات الإنسانية".
وأكدت اللجنة انها تكرر منذ شهرين "الطلب من الأطراف على الأرض السماح بتسليم معدات طبية وجراحية حيوية" للمستشفيات، دون جدوى.
ولا يزال أفق احتمال الحل السياسي غير واضح، ولا سيما في ظل عدم تحديد موعد بعد لمباحثات السلام التي يعتزم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد تنظيمها هذا الشهر.
ويبدي العاني اعتقاده أنه سيكون "لتحرير تعز تأثير كبير على إعادة المسار السياسي التفاوضي".